مدونتي / حسن فضل المولي

الهادي بُشْرى ..

✍🏼 حسن فضل المولى

من الذين تمنيت أن لو أُتيح لي
أن أقترب منهم أكثر ،
و أن لو جمعني به عملٌ ،
أو ضمنا مُرتكضٌ و مَسِير ،
يقيناً مني بأن هذا الإنسان
يطوي جوانحه على ( جمالٍ )
يأسرك ،
و هو يَعْبُر بك ،
أو يُحَدِّثُك ،
أو تقرأ له ،
أو بمجرد أن تراهُ ..
و كنت سأفوز بالكثير المثير ،
مما حفلت به مسيرةٌ عمرت
بكنوز المواقف و النوادر و الشوارد
و التجارب و المشاعر الإنسانية ،
و هو مما اجتمع له و امتلأ به
وفاضُهُ و تدفق ..

لقد ذكرت في ( طرائقي
و رقائقي ) ،
و أنا في ( قناة النيل الأزرق ) ،
كيف أن البعض ينْتقِص
ما نقدم من برامج ، و هو أمر
طبيعي ،
( فَمَنْ في الناس يُرضي
كل نفس
و بين هوى النفوس
مدىً بعيدُ ؟ ) ..
و قلتُ يومها :
( و يلقاك من يُثني عليك و يعظِّمُ
ما تقدِّمه فيدفعك ذلك لمزيدٍ
من العطاء و التجويد ،
و هم كُثُر ..
إنني في كل مرة توافيني رسالة
رقيقة بلغةٍ رفيعة من الرجل
الوقور اللواء الهادي بشرى ،
يمتدح فيها برنامجاً أعجبه ،
تجدني ،
“أحس بعظمة
و شان كبير
أفرح كتير
أكاد أطير
من الفرح و الأمل
أحيا و أصادف المسرة” ) ..
و في بعض سهرات
( النيل الأزرق ) الجماهيرية ،
كنت كثيراً ما ألمَحُهُ و هو
يتوسط الجمهور ، متابعًا
و مستمتعاً ، فأسعى إليه
مرات مُسلماً و مرحباً ،
و أتحاشاه مراتٍ لكيلا أصرفه
عن حالةٍ غاشيةٍ من الإطراق
و الاستغراق ..

ومن ذلك ما قاله الأستاذ
( التيجاني حاج موسى ) عندما
راجت في وسائل الإعلام كلمات
( المكوجي الفي الحي
تَشْتَش قميصي علي ) :
( كتب لي بشأنه صديقي سعادة
اللواء “الهادي بشرى” ،
الأديب المثقف المتابع
لمعظم النشاط الثقافي الذي
تجري فعالياته بكل منابر
العاصمة ، و الرجل ناقد حصيف
مُحِب للشدو الجميل ،
أرسل لي رسالة يشكو مر
الشكوى من “المكوجي الفي
الحي” ، و يسألني عن الطريقة
التي سمحت لذلك الإعلان
بالانتشار واضعاً في الاعتبار
أنني كنت يوماً أميناً عاماً
للمصنفات الأدبية و الفنية ) ..

( الهادي ) قائد مدني و ميداني ،
و هو عسكري قُح ،
لكنه عسكري من ( فصيل )
أولئك ( الضباط ) المُرهَفين
الذين لم تحبسهم البندقية
عن التهويم في أودية القول
الحَسَن و استجلاء أوجه
الحُسن ..
يكتب إليك فتطالعك من خلال
حروفه أنفاس و أشجان
( اللواء عوض أحمد خليفة ) ،،
( عشرة الأيام
مابصح تنساها
كأنو ما حبيتك
و كأنو ما عشناها ) ..
و اللواء ( أبو قرون عبدالله )
و هو يرثي ( فراج الطيب ) ،،
( وتثاكلت غيد القصائد
و استحرّ نحيبها
و تناوحت إذ غاب عنها
في الظلام حبيبها ) ..
و تحسُّر و غراميات
اللواء ( جلال حمدون ) ،،
( الشمس غابت وينو القمر
طيب
عين العدو صابت نسيتني
يا حبيب )
و مُوحيات اللواء
(الخير عبدالجليل المشرف ) ،،
( يا من تَعثَّر في الطريق
حذراً تلافى ما يعيق
ما كل من قصد المرام
ينال أفضل ما يليق
خذ من تجاربك الهدى
احذر متاهات المضيق
اعبر بأنفاس الرضى
بُعداً عن الدرب السحيق ) ..
و التلاشى وجْداً مع العميد
( الطاهر إبراهيم ) ،،
( ﻋﺮﻓﺖ ﺍﻟﺤﺐ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻚ ﻣﺮة
ﻭﺍﻧﺖ ﺍﻟﺤﺐ ﺍﻟﻌﺎﺵ ﻓﻲ ﻛﻴﺎﻧﻲ
ﺑﻬﺮﺏ ﻣﻨﻚ ﻟﺮﺿﺎﻙ ﻭﺑﺤﺎﻭﻝ
ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻚ ﺃﻧﺴﺎﻙ
ﺍﻣﻬﺪ ﻟﻴﻚ ﺗﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﻰ
ﺍﻟﻘﻰ ﺧﻄﺎﻱ ﺗﺠﻤﻌﻨﻰ ﻣﻌﺎﻙ
يااااااا أعزَّ عزيز ) ..
و الرجل النَسمة الفريق شرطة
( إبراهيم أحمد عبدالكريم ) ،،
( نسايم الليل زيديني
بالشذا و الطيب عوديني )
و كثيرون من هذا القبيل ،
ممن نظموا أروع الكلام
و صاغوا أرفع الألحان فانقادت
لهم الأفئدة و الآذان ..

و الذي أفاء على ( الهادي ) بهذا
البريق و الثراء الوجداني أنه نبتةٌ صالحةٌ ، في بيئةٍ خصيبةٍ صالحة ..
لقد نشأ في ( شارع ودالبصير ) ،
الذي يتلألأ بالنجوم الزواهر ،
و الكائن في ( حي ود نوباوي ) ..
و ( حي ود نوباوي ) يحده شرقاً
( شارع الهجرة ) و الذي يفصله
عن ( ود البنا ) و ( أبوروف ) ،
و ( شارع الوادي ) غرباً و الذي
يفصله عن ( حي العمدة )
و ( الركابية ) ..
و تشمخ مآذنه ،
مسجد ( السيد عبدالرحمن ) ،
و مسجد ( الشيخ قريب الله ) ،
و مسجد ( الشيخ سوار الدهب ) ،
و يجري فيه ( شارع الدومة ) ،
و من بطونه حي ( القلعة ) ،،
( السيوف ألحاظك تشهرا
على الفؤاد المِن بَدْري انهرا
أخفي ريدتك مرة و أجهرا
نار غرامك ربك يقهرا
صيده غيرِك مين الجسرا
تستلم أفكارنا و تأْسِرا
يا بدور القلعة و جوهرا ) ..
أقول قولي هذا وفي بالي أن
كثيراً من ( الخراطِمة ) و ( البحَّارة )
تختلط عليهم أحياء ( أم درمان القدية ) ،
و يتوهون في دروبها و شِعابها ..
و هذا حال كثير من ( الأمدرمانيين )
مع ( بحري ) و ( وسط الخرطوم ) ..

و هو حيٌّ يزين معصم ( أم درمان )
بفرائد سابقات و باقيات ،
و ما رأيت بُقعة ضمت من
الدهاقنة ،
و الفطاحلة ،
و العمالقة ،
و الشُّم الشواهق كهذه
البقعة الميمونة ..
و إذا رُمتُ لهم إحصاءً أكون
كمن تكاثرت عليه الظباء فما
دري أيُّها يصيد ..
فأنى سرت و تلفت تجد آثار
السادة ،
و القادة ،
و أهل الطريقة ،
و أقطاب الرياضة ،
و سدنة الفنون ،
و أرباب السيف و القلم ،
و الأسر الباذخة الباذلة ،
و كهنة اللطافة و الظرافة ..
و كنت محظوظاً وقد و جدتني
مشمولاً بمودة إثنين من
أشهر ظرفائها ،
( كمال سَيْنا ) ،
و ( الهادي نصر الدين ) ،
و لي معهما مواقف كثيرة
منها المذكور و منها المسكوت
عنه ،
و كل منهما كان يجسد لوحاً
يحفظ جلّ تاريخ و مناقب من
سكن تلك الديار و ما جاورها ..
و كم وددت أن لو تحدث لنا
( الهادي نصرالدين ) أو لغيرنا ،
و لكنه كان يأبى ،
و مرة حاول إرضائي و نحن في
طريقنا من ( مقابر أحمد شرفي )
إلى منزله ( بشارع و د البصير ) ،
فالتفت إلي قائلاً :
أمس اتصلوا بي ناس قناة ( …. ) ،
قالوا لي عايزين نعمل معاك
لقاء قلت ليهم أنا عندي “النيل الأزرق”معقول أخليها و أجيكم إنتو !! ) ..
لقد كنت كثيراً ما آتي تلك الربوع
مواسياً و مُشاطراً و مُستَأنِساً ..
و أنت تخالط الناس هناك تجد
لهم نَكْهةً و شذا ..
و تخالط ( الهادي بشرى ) ،
فتتذوق تلك النكهة ،
و يلفحُحك ذاك الشذا ..
فلهم وله مني أرقَّ السلام ..
و السلام ..
١٥ فبراير ٢٠٢٥ ..

اترك رد

error: Content is protected !!