عادل الباز
1
لم أكد أصدق عيناي وأنا أقرأ النص المسرب لمشروع اتفاق سلام غير معلن نشرته قبل ثلاثة أيام صحيفة القدس العربي التي تتمتع بمصداقية ومهنية محترمة، ولولا أن هذا النص نشر على صفحاتها لما أعرته اهتماماً، ورغم ذلك طفقت أبحث عن أصل هذا النص ومؤلفه وامتنعت عن نشره في صحيفة الأحداث حتى اتأكد من جهات أخرى حول صحة هذا المشروع المقترح.
تأكدت أمس أن هذا النص حقيقي وهو ذات نص المنامة التي أثار الدنيا بعد كشف اجتماعاتها. والغريب أن النص المنشور في القدس العربي يختلف عن النص المنشور لما أسموه اتفاق المنامة والمنشور في صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ ١٩ فبراير. لقد أوردت صحيفة القدس العربي تفاصيل ما أجملته أو أخفته صحيفة الشرق الأوسط من بنود كارثية. لنرى.
2
سأتعرض هنا لأهم بنود الاتفاق على الإطلاق وهى البنود المتعلقة بالجيش ونترك الباقي لحلقة أخرى. حسب الاتفاق المقترح (تتشكل قيادة الجيش الجديد دون أن تشمل قائدي الجيش والدعم السريع الحاليين على أن يتم اختيار إثنين من القوات المسلحة والدعم السريع يكون واحدا منهما قائدا عاما للجيش الجديد ويشغل إثنان من القادة المختارين منصب نائبيه، ويكون الرابع رئيسا لهيئة الأركان، على أن يكون القائد العام للجيش من القوات المسلحة إذا كان رئيس هيئة الأركان من الدعم السريع أو العكس)
يعني ذلك أولا…..
أولا: بنص مشروع اتفاق المنامة هذا سيغادر البرهان وحميدتي مقعديها فى قيادة الجيش الجديد.
ثانياً: سيتم اختيار قائد لجيش جديد ويكون له نائبين… وهذا القائد المختار يمكن أن يكون من الجيش أو يمكن أن يكون من الدعم السريع، يعني يمكن أن يصعد عبد الرحيم دقلو إلى قيادة الجيش السوداني.!! هذا احتمال… ولكن من المؤكد أن دقلو إما أن يتولى قيادة الجيش أو يتولى منصب رئيس هيئة الأركان…. بحسب ما جاء في وثيقة هراء المنامة.!!.
يا مرحى…. قالوا إن حمدوك هو من تقدم بهذا المقترح لاجتماع المنامة وأشك في ذلك كون حمدوك مجرد خيال مآتة فى هذه اللعبة الكبرى. على أنه إذا فعل فلابد انه تحت تأثير جن او فودكا.. كلاهما مثير للخيالات القميئة. وقال كاميرون هدسون محقاً في تغريدة له بالأمس (إن “اقتراح” التقدم لإنهاء الحرب، الذي لا يسمح فقط ببقاء وعودة قوات الدعم السريع سياسياً، بل في أفضل الأحوال يعود إلى الوضع الراهن قبل الحرب والذي كان في حد ذاته غير قابل للاستدامة. آمل أن تكشف هذه الوثيقة المسربة حقيقة حمدوك المحتال.)
إن من يتصور أن نصا كالذي جاء في مشروع الاتفاق المقترح يمكن أن يمر أو يبنى عليه اتفاق أو يكون بند من بنود أي اتفاق لابد أن يعانى من خلل من بنيته العقلية وفاقد لأي حس سياسي وجاهل تماماً بما يدور في أروقة المؤسسة العسكرية.
3
بعد أن كشف د. مزمل أبو القاسم خبر لقاء المنامة ضجت الأسافير والأوساط العسكرية بالاحتجاج الذي تعدى حتى حدود اللياقة العسكرية والاحترام للقادة وكان الجميع في كل هيئة الأركان والضباط فى غاية الغضب والثورة على هذا اللقاء.. مجرد اللقاء قبل أن تتكشف التفاصيل الكارثية، فمالك إذا جاء قائد في الجيش وقال لهم إن عبد الرحيم دقلو الجنجويدي أو عثمان عمليات سيكون رئيساً لهيئة أركان جيش السودان بعد كل مافعله الجنجويد بأعراض السودانيات أخواتهم وأمهاتهم وبعد أن قتلوا وسحلوا ونهبوا ودمروا وطنا كاملا!!!. تصور معي دقلو يقدل فى حوش القيادة العامة بينما قادة الجيش العظام وضباطه وجنوده لإعطاء التحية لرئيس هيئة أركان الجيش الجديد عبد الرحيم دقلو.!! ومن ذات الحوش يمر على سور القيادة ليدوس على قبور 35 شهيدا من شباب غض دفعوا أرواحهم فداء لقائدهم رمز الوطن الأول في تلك اللحظات.
لو أن قائداً حدثته نفسه أن يرتكب تلك الخيانة أو حتى مجرد التفكير فيها فلابد إن خللا انتاب عقله وأن وطنيته ستصبح موضع شك ثم انه أخيراً ومن المؤكد أنه سيدفع ثمن خيانته كاش، قبل أن يضع توقيعه النهائي على اتفاق كهذا.
رغم تأكيدات الرئيس البرهان والفريق ياسر العطا اليومية أنه لا مستقبل للمليشيات فى الوطن كله ناهيك عن تسنم قيادة الجيش، لا يزال بعض الموهومين يصدقون أن مشروع الاتفاق المسرب يمكن أن يعبر ويتم التوقيع عليه تحت تهديد الضغوط الأمريكية وتتواصل أحلامهم أنهم سيتسلقون السلطة مجددا على أكتاف الامريكان والجنجويد!!!. ياهؤلاء الزمن اتغير….. وويل للذين ينامون فى مخادع الخيانة ويحلمون بالبطولات.!!