
• الجيش السوداني يثبت أن السيادة والقرار بيد الشعب السوداني وحده، بثباته العملياتي.
•المملكة العربية السعودية تكسر الصندوق الخليجي وتبادر بدعم الدولة السودانية في المحافل الدولية.
• الاتحاد الأوروبي يفيق من سباته ويفرض عقوبات على الإرهابي عبد الرحيم دقلو ومليشياته.
• الاتحاد الإفريقي ينتفض في وجه شيطان الإمارات ويرفض وجوده في القرن الإفريقي.
• دول إفريقية تتخذ إجراءات داخلية حازمة ضد التدخلات الإماراتية وتحذر من مخاطرها الإقليمية.
• جنوب السودان يستشعر الخطر الإماراتي، وسلفاكير يتخذ تدابير احترازية صارمة بعد محاولة انقلاب فاشلة.
• انتصار ساحق لجيش الإعلام الشعبي السوداني على غرف التضليل الإماراتية وسط تفاعل عالمي واسع مع الهاشتاقات السودانية.
في ظل التحولات المتسارعة التي تشهدها الساحة السودانية، تتبلور معادلة جديدة لحرب السودان، تعكس تغيرًا جذريًا في موازين القوى الداخلية والخارجية، وتعيد الاعتبار لمفهوم السيادة الوطنية الذي حاولت أطراف خارجية، مدعومة من أبوظبي، تقويضه عبر دعم مليشيات الدعم السريع الإرهابية، والتي أثبتت إرهابها باستمرارها في ارتكاب جرائم الحرب، الواحدة تلو الأخرى، في كل مناطق سيطرتها.
فبعد أكثر من عام ونصف من المواجهات مع مليشيات الدعم السريع الارهابية، أثبت الجيش السوداني، بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، أن القرار الوطني لا يُصاغ في غرف الفنادق أو عبر وكلاء الخارج، بل ينبع من إرادة شعبية راسخة. فقد تمكن الجيش السوداني من استعادة زمام المبادرة في عدة جبهات، وأعاد تأكيد أن السودان دولة ذات سيادة، لا تقبل الإملاءات ولا ترضخ للابتزاز السياسي أو العسكري، الذي جرى استخدامه بطرق مختلفة على كيان الدولة السودانية وجيشها. فبالرغم من أن الجيش السوداني أخطأ في تقديرات موقفه العسكري تجاه مليشيات الدعم السريع في وقت من الأوقات، إلا أنه تحمل وزر هذه الإخفاقات، وجميع الإخفاقات السياسية الأخرى التي صاحبت كيان الدولة السودانية منذ نيل استقلالها في العام ١٩٥٦، والتي كانت السبب وراء تأخير بزوغ نجم الدولة السودانية بين الأمم.
لقد استطاعت القوات المسلحة السودانية وأجهزتها الأخرى امتصاص الصدمة والتعامل معها بمهنية عالية، مما أدى إلى تعافيها واستنهاض قواها في ظل أصعب الظروف التي عصفت بالدولة السودانية، وأفضى ذلك إلى الحفاظ على سيادة وأمن واستقلال قرار الدولة السودانية في مواجهة أكبر المشاريع الاستعمارية الجديدة في منطقة الشرق الأوسط (القرن الإفريقي الكبير)، الساعية إلى بسط الهيمنة الإمبريالية على موارد إفريقيا بزعزعة الاستقرار عبر القوة القسرية (Hard Power)، وصناعة أنظمة جديدة موالية لها في المنطقة، كما يحدث في السودان حالياً.
هذا التحول في الداخل السوداني تزامن مع تغيرات إقليمية ودولية لافتة، أبرزها خروج المملكة العربية السعودية من مربع الحياد الخليجي التقليدي، وبادرت إلى دعم الدولة السودانية في المحافل الدولية، مؤكدة أن أمن السودان جزء لا يتجزأ من أمن البحر الأحمر والمنطقة العربية. هذا الدعم يعكس إدراكًا سعوديًا متزايدًا بأن استمرار الفوضى في السودان يهدد مصالحها الحيوية، ويمنح قوى غير عربية موطئ قدم في منطقة حساسة.
في المقابل، استنهض الاتحاد الأوروبي موقفه تجاه الأزمة السودانية، وذلك بعد أن تم الضغط عليه من قبل ناشطين شباب سياسيين وحقوقيين سودانيين داعمين لاستقرار الدولة السودانية، مطالبين باتخاذ موقف واضح ضد الدعم الإماراتي لمليشيا الدعم السريع الإرهابية، من خلال تقديمهم لإثباتات إلى دول الاتحاد الأوروبي تُظهر تدخل الإمارات وانتهاكات مليشيا الدعم السريع. وقد قام الاتحاد الأوروبي بدوره بفرض عقوبات مباشرة على عبد الرحيم دقلو والقوني حمدان دقلو، أحد أبرز قادة المليشيا، إلى جانب عدد من قادة المليشيات المتورطين في جرائم حرب وانتهاكات ضد المدنيين. هذه الخطوة تمثل انتقالًا من بيانات القلق إلى إجراءات ملموسة، وتفتح الباب أمام تحركات دولية أوسع لمحاسبة المتورطين في زعزعة استقرار السودان.
أما على المستوى الإفريقي، فقد شهدت الساحة انتفاضة غير مسبوقة ضد التدخلات الإماراتية في القرن الإفريقي، حيث اعتبر الاتحاد الإفريقي أن وجود أبوظبي في المنطقة بات يشكل تهديدًا مباشرًا لاستقرار الدول الإفريقية. هذا الموقف تُرجم إلى تحركات داخلية من دول أعضاء، مثل الجزائر، والصومال (مقديشو)، وبعض الدول الأخرى، التي بدأت باتخاذ إجراءات للحد من النفوذ الإماراتي، وتحذيرها من مغبة الاستمرار في دعم الفوضى عبر وكلائها.
جنوب السودان لم يكن بمنأى عن هذه التداعيات، إذ كشفت تقارير استخباراتية عن محاولة انقلابية فاشلة ضد الرئيس سلفاكير، يُعتقد أن لها صلات بأطراف إماراتية. وردًا على ذلك، اتخذت حكومة جنوب السودان إجراءات أمنية مشددة، في رسالة واضحة بأن زمن التلاعب بمصير الدول الإفريقية قد ولى، وأن السيادة الوطنية خط أحمر.
وفي ميدان آخر، خاض السودانيون معركتهم الإعلامية بشراسة، حيث تصدى جيش الإعلام الشعبي السوداني، المكوّن من شباب أصيل، لحملات التضليل التي قادتها غرف إعلامية تابعة للمليشيات وداعميها الإقليميين. وقد حققت الحملات الرقمية السودانية، عبر الهاشتاقات المؤثرة، صدى عالميًا واسعًا، أجبر وسائل الإعلام الدولية على إعادة النظر في سردياتها، وأعاد تسليط الضوء على معاناة الشعب السوداني وحقه في تقرير مصيره.
ختامًا، فإن المعادلة الجديدة لحرب السودان لا تُرسم فقط بالبندقية، بل تُكتب أيضًا بمواقف إقليمية ودولية بدأت تدرك أن دعم الدولة السودانية هو دعم للاستقرار في المنطقة بأسرها. وبينما يثبت الجيش السوداني تمسكه بالسيادة، تتبلور إرادة شعبية وإعلامية لا تقل صلابة، في مواجهة مشروع الفوضى المدعوم من أبوظبي.
محمد الحاج
الجمعة ٢١ نوفمبر ٢٠٢٥م



