(1)
ان قرارات يوم 2021/11/25 وما تلتها من تطورات سياسية أعادت كل القوى السياسية الوطنية الى (نقطة التعادل) اي الوقوف في مسافة واحدة من مؤسسات المرحلة الانتقالية وأمامها تحدي العودة إلى قواعدها الاجتماعية وبناء مؤسساتها الحزبية، واستيعاب القوى الشبابية الجديدة، وتحويل الطاقات الشبابية الثورية السلبية إلى طاقات فكرية وسياسية بناءة تصب في تحديث الأحزاب، وتجديد خلاياها وقياداتها، وداعمة للمشروع الديمقراطي،وكذلك أمام الأحزاب السياسية تحدي إنهاء حالة القطيعة وإدارة حوار شامل حول آليات صيانة مشروع الثورة السودانية من الاختطاف واجتراح الادوات العقلانية للعبور بالمرحلة الانتقالية لبر الأمان الانتخابي، والحوار حول ادارة الانتخابات القادمة توافقيا بما يصب في استدامة الديمقراطية وإنهاء دورات الحكم الشريرة في السودان.
(2)
بما أن المصايب يجمعنا المصابينا أمام الأحزاب السياسية الوطنية فرصة تاريخية من جديد لحشد كل قطاعات المجتمع السوداني وبناء الكتلة التاريخية الحرجة لانجاز التحول الديمقراطي المستدام لسد المنافذ أمام تشكيل حاضنة سياسية ومجتمعية للانقلابيين المغامرين
والتحدي الاخطر يتمظهر في أن السودان في لحظة تاريخية فاصلة تتساوى فيها حالة البقاء ، والسقوط في فخاخ الفتنة الاجتماعية والتفكك في محيط إقليمي غاية في التشظي والسيولة ومخاطر تأثير ذلك السيناريو على الأمن الإقليمي في البحر الأحمر، والقرن الأفريقي، إلى إقليم شرق المتوسط، وتمتد مخاطر التأثير لتصل إلى الأمن العالمي، وهذا يتطلب من القوى السياسية الوطنية النضج والحكمة وإنهاء حالة الاستثمار السالب في خطاب الكراهية والهويات القاتلة، وضرورة إنهاء حالة الخطاب الثوري التحشيدي والشعبوي المتمظهر في التتريس والمظاهرات والاضراب والعصيان المدني وشيطنة المؤسسة العسكرية،وضرورة استثمار القوى السياسية في القوة الناعمة والمتمثلة في إطلاق الحوار الفكري والمناظرات السياسية حول قضايا البناء الوطني الديمقراطي في الوسائط الاعلامية ، والصحف والقنوات الفضائية، ودور الأحزاب، وسوح النشاط الطلابي في الجامعات، وفي الميادين العامة. وتمكين حكومة الكفاءات الوطنية بقيادة الدكتور حمدوك من إدارة مهام المرحلة الانتقالية بسلاسة حتى الانتخابات العامة في 2023م
(3)
ان استثمار القوى السياسية الوطنية في الادوات الناعمة المدخل الاستراتيجي لنجاح مهام المرحلة الانتقالية، والعبور منها يشكل المدخل الاستراتيجي للوصول إلى ميس الانتخابات، والتي تعني المدخل القانوني والعقلاني لإدارة وتنظيم ومأسسة الخلافات بين القوى السياسية.
ان ادارة هذه التحديات بوعي وحكمة السبيل لنشل السودان من شفير الهاوية ، إلى آفاق الوحدة والسلام والتحول الديمقراطي العميق في وطن يسع الجميع.