
برز مصطلح القوة الناعمة في أواخر الثمانينات _ ليُحدث تحولًا كبيراََ في فهم آليات التأثير الدولي _ وكان قد أطلقة لأول مرة الأكاديمي الأمريكي جوزيف ناي _ أستاذ العلاقات الدولية في كتابه “ملزمون بالقيادة” في العام 1990 _ ثم فصّلَه في كتابه الثاني “مفارقة القوة الأمريكية” في العام 2004 .
ويمكن تعريف القوة الناعمة بأنها القدرة على التأثير في الآخرين دون اللجوء للقوة أو الإكراه ، بل عبر الجاذبية التي تُولدها الثقافة والقيم والمثل العليا .
تُعَد القوة الناعمة أداة فعّالة في السياسة الخارجية للدول ، تهدف إلى تحقيق مصالحها وبناء علاقات إيجابية ، فهي تسير في مسار هادئ ومؤثر تستمد لغتها من الفن و الأدب و العلوم _ وحتى من قوة المجتمع المدني.
ووظيفتها الأساسية تتمثل في بناء قوة روحية ومعنوية للدولة والمؤسسات ، ل تُعزز من هيبتها ومكانتها في أعين شعوبها ، وتُكسبها ثقة المجتمعات الأخرى .
واجد من المناسب هنا إيراد تصريح رسمي شهير لوزير الدفاع الأمريكي روبرت قيتس في يوم استلامه لمهام منصبه خلفاََ للوزير دونالد رامسفيلد وقولة ” [ لابد من تعزيز القوة الأمريكية الناعمة بزيادة الإنفاق على الوسائل المدنية لا الأمنية للإقناع ، في إطار خطط الأمن القومي نفسه والتركيز على الاتصالات والمساعدات ومشروعات التنمية وتأسيس الوداد مع الآخرين ] _ هذا التأكيد من وزير الدفاع الأمريكي يكشف عن حقيقة أن القوة الناعمة لم تعد مُجرد نظرية أكاديمية ، بل أصبحت استراتيجية ملموسة تُبنى عليها سياسات الدول الكُبرى .
ختاماََ
تُعدّ الثقافة بمثابة جوهر القوة الناعمة وأهم أدواتها _ فهي الجسر الذي تعبر من خلاله الأفكار والقيم وتُكوّن صورة الدولة في الوعي الجمعي العالمي _ ولهذا فإن الاستثمار في الثقافة بكل أشكالها هو استثمار في قوة الدولة على المدى الطويل وقدرتها على المساهمة بوعي وايجابية في بناء عالم أكثر ترابطاََ وتفاهماََ .
_واواصل_