العلاقات السودانية السعودية مرشحة للتطور والانتقال لمرحلة الشراكة الاستراتيجية بعد الزيارة الموفقة لرئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان للملكة، وفي ظل التطورات الإقليمية والدولية المتعلقة بالحرب الروسية/ الأوكرانية فضلاً عن الأوضاع في اليمن.
إن أبرز نقاط القوة في هذه العلاقات تتمثل في: العلاقات السياسية الممتازة نتيجة لمشاركة السودان في التحالف العربي لإعادة الشرعية في اليمن. العلاقات الشخصية الممتازة ما بين القيادات السياسية في كلا البلدين. الموارد المادية الكبيرة التي تتمتع بها المملكة العربية السعودية، حيث بلغ الناتج المحلي الإجمالي بالقوة الشرائية للمملكة خلال العام 2019 مبلغ 1.609 تريليون دولار (الاقتصاد رقم 17 على مستوى العالم)، فيما بلغ نصيب الفرد من الناتج خلال العام نفسه 46962 دولار في المرتبة 34 عالمياً. الموارد الطبيعية الهائلة التي يتمتع بها السودان، حيث يستحوذ السودان على 200 مليون فدان من الأراضي الصالحة للزراعة، كما يتوفر السودان على مخزونات هائلة من المياه الجوفية، ومن المعادن الاستراتيجية السبعة الرئيسة. ومن نقاط القوة كذلك القرب الجغرافي ما بين المملكة والسودان. والعادات والتقاليد المتقاربة. والدين الإسلامي الذي يجمع ما بين الشعبين.
بينما تتمثل أهم نقاط الضعف في: القوى البشرية ضعيفة التدريب والتأهيل في كلا البلدين. ضعف الخدمة المدنية في كلا البلدين. عدم استقرار الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية بالسودان. ضعف البنيات التحتية بالسودان.
وتتمثل الفرص المتاحة للتعاون الثنائي في: وجود فرصة هائلة للتكامل الاقتصادي بين البلدين من خلال الموارد المادية التي تتمتع بها المملكة. والموارد الطبيعية الموجودة بالسودان. وجود أسواق كبيرة ومفتوحة على مستوى منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وعلى مستوى منظمة الكوميسا، ومستوى دول مجلس التعاون الخليجي. ووجود فرصة للاستثمار المشترك للمعادن الموجودة في قاع البحر الأحمر بين الدولتين. ويذكر أن رؤية المملكة 2030 تحتوي نقاط تلاقي كثيرة مع خطط الإنعاش الاقتصادي بالسودان.
غير أن هناك عدد من المهددات يمكن أن تؤثر على هذا التعاون الثنائي أبرزها: عدم تفاعل الأجهزة الرسمية البيروقراطية في كلا القطرين مع الفرص المتاحة. والرفض الشعبي في السودان للمشاريع الزراعية الأجنبية. ومن ابرز المهددات كذلك توجه الاستثمارات الخارجية السعودية الجديدة نحو قطاعات التكنلوجيا الحديثة والخدمات بدلاً عن القطاع الحقيقي (زراعي- صناعي).
يلاحظ أن صفقات صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الذي سيصبح وفقاً للرؤية السعودية أكبر صندوق سيادي في العالم بقيمة 2 ترليون دولار، زادت في العام الماضي لتصل إلى 50 مليار دولار في قطاع الخدمات، وتمثلت في استثمار 45 مليار دولار في مجموعة “سوفت بنك” اليابانية، وكان الاستثمار الثاني الكبير مرتبطاً بصفقة شركة “أوبر” لخدمات النقل. واستثمر الصندوق كذلك بقيمة 500 مليون دولار في موقع noon.com المتخصص في خدمات التجارة الإلكترونية.
ولم يتم رصد استثمارات كبرى لصندوق الاستثمارات العامة السعودي في القطاع الحقيقي الزراعي أو الصناعي. وبالتالي يُعتقد أن التنفيذ الفعلي قد انحرف نسبياً ولن يحقق رؤية 2030 التي تستهدف تنويع مصادر الدخل من خلال الاستثمار في القطاع الحقيقي الزراعي والصناعي.
من المهم في تقديري إعادة توجيه الاستثمارات السعودية للقطاع الحقيقي في الزراعة والصناعة، بالتركيز على السودان، والله الموفق.