الرواية الاولى : بكين
تقرير : شينخوا
سجلت موهان، بلدة صغيرة تقع في أقصى جنوب مقاطعة يوننان بجنوب غربي الصين، معلما بارزا في التجارة في الشهر الماضي، حيث تم نقل أكثر من 10 ملايين طن من البضائع، بما في ذلك الفواكه الطازجة والقهوة ومكيفات الهواء ومركبات الطاقة الجديدة، على خط السكك الحديدية بين الصين ولاوس خلال السنوات الثلاث السابقة.
ومنذ إطلاق خط السكك الحديدية البالغ طوله 1035 كيلومترا في ديسمبر 2021، أصبحت موهان مركزا هاما للنقل يضم موانئ كبيرة للطرق السريعة والسكك الحديدية. كما أنها الميناء البري الوحيد على المستوى الوطني الذي يربط بين الصين ولاوس، حيث تتوسع فرص التنمية الجديدة.
وتعد قصة موهان مثالاً واضحاً لانفتاح الصين الثابت الرفيع المستوى. فمنذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية قبل 75 عاما، حققت البلاد قفزة تنموية في الانفتاح بشكل أوسع على العالم.
وانطلاقا من ثقتها بأن الانفتاح هو الطريق الصحيح، ظلت الصين تنفذ استراتيجيات استباقية، بما في ذلك حفز نمو التجارة وجذب الاستثمارات الأجنبية وتوسيع الانفتاح المؤسسي، لتسريع تنمية مزايا تنافسية دولية جديدة وتحقيق منافع متبادلة مع الدول الأخرى.
تعزيز التجارة الخارجية والاستثمارات الأجنبية
في عام 1950، كانت التجارة الخارجية للصين في السلع لم تبلغ سوى 1.1 مليار دولار أمريكي، ما يمثل 0.9 في المائة من الإجمالي العالمي. وبحلول عام 2023، بلغ إجمالي تجارة الصين في السلع 5.9 تريليون دولار أمريكي، وهو ما يمثل 12.4 بالمائة من الحصة العالمية، لتحتل بذلك المرتبة الأولى عالميا لسبع سنوات متتالية.
كما شهدت تجارة الخدمات توسعا هائلا. فعندما تأسست جمهورية الصين الشعبية، كانت تجارة الخدمات في البلاد تكاد تكون صفرية. وفي عام 2023، بلغ إجمالي حجم واردات وصادرات تجارة الخدمات في الصين 933.1 مليار دولار أمريكي، لتحتل بذلك المرتبة الرابعة على مستوى العالم.
وتعمل الصين بنشاط على توسيع وارداتها لتقاسم الفرص السوقية مع بقية العالم. وفي عام 2023، غطت مصادر الاستيراد في الصين أكثر من 200 دولة ومنطقة. وأقيم معرض الصين الدولي للاستيراد لمدة ست سنوات متتالية، وهو أول معرض على المستوى الوطني في العالم تحت عنوان الاستيراد.
وذكر ما شيانغ دونغ الأستاذ في مدرسة الحزب التابعة للجنة بكين للحزب الشيوعي الصيني، أنه “يتعين على الصين مواصلة تقديم فرص جديدة تتيحها سوقها الواسعة إلى البلدان الأخرى من خلال إقامة معارض دولية مثل معرض الصين الدولي للاستيراد ومعرض الصين الدولي للمنتجات الاستهلاكية والمعرض العالمي للتجارة الرقمية”.
وقد بذلت البلاد جهودا متواصلة لخفض التعريفات الجمركية. وتم تخفيض المستوى العام للتعريفة الجمركية في الصين إلى 7.3 بالمائة، ليقترب بذلك من متوسط المستوى لدى الدول المتقدمة. وأعلنت البلاد مؤخرا عن خطوة لإعطاء جميع الدول الأقل نموا التي لها علاقات دبلوماسية مع الصين، معاملة تعريفية صفرية لجميع المنتجات بدءا من أول ديسمبر القادم.
وشيدت الصين 22 منطقة تجارة حرة تجريبية، تغطي مناطق ساحلية وداخلية وحدودية، وتساهم بنحو 20 في المائة من إجمالي الاستثمارات الأجنبية وحجم الواردات والصادرات للبلاد.
ويواصل البلد أيضا توسيع “دائرة أصدقائه” على الصعيد العالمي. وبحلول نهاية عام 2023، كانت الصين قد وقعت 22 اتفاقية تجارة حرة مع 29 دولة ومنطقة، ووقعت أكثر من 200 وثيقة تعاون بشأن الحزام والطريق مع أكثر من 150 دولة وما يزيد عن 30 منظمة دولية.
وفي الوقت نفسه، تشجع الصين الاستثمار الأجنبي. وتم تقصير القائمة السلبية للاستثمار الأجنبي في البلاد على مدار خمس سنوات متتالية من 2017 إلى 2021، كما تم اعتماد قوانين ولوائح، بما في ذلك قانون الاستثمار الأجنبي، لزيادة حماية المستثمرين الأجانب.
وحتى عام 2023 بلغ حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة ذات الاستخدام الفعلي في الصين 163.3 مليار دولار أمريكي، بزيادة 176 مرة مقارنة مع 920 مليون دولار مسجلة في عام 1983، لتحافظ بذلك على مكانتها الرائدة عالميا من حيث حجم تلك الاستثمارات لعدة سنوات متتالية.
وتلعب استثمارات الصين دورا بارزا بشكل متزايد في تعزيز التنمية الاقتصادية على مستوى العالم. وحتى عام 2023، بلغت الاستثمارات الصينية المباشرة غير المالية الموجهة إلى الخارج 130.1 مليار دولار أمريكي، بزيادة 61 ضعفا عما كانت عليه في عام 2003، لتحتل بذلك المرتبة الثالثة عالميا لمدة 11 عاما متتاليا.
دفع سياسة الانفتاح المؤسسي
عملت الصين بثبات على توسيع الانفتاح المؤسسي خلال العقود الأخيرة من أجل تحقيق التنمية العالية الجودة وتوفير زخم وفرص نمو جديدة للعالم، حيث كشفت النقاب عن العديد من السياسات.
وفي آخر خطوة من هذا النوع، أعلنت الصين في سبتمبر الماضي أنها ستسمح بإنشاء مستشفيات مملوكة بالكامل للأجانب في بعض المدن والمناطق، بما في ذلك بكين وتيانجين وشانغهاي ونانجينغ وسوتشو وفوتشو وقوانغتشو وشنتشن وفي جميع أنحاء جزيرة هاينان.
وفي الشهر ذاته، أصدرت البلاد نسخة عام 2024 للقائمة السلبية للاستثمارات الأجنبية، حيث خفضت عدد القيود من 31 إلى 29 ورفعت كافة القيود المفروضة على قطاع التصنيع.
وقال جين شيان دونغ، المسؤول باللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح، إن ذلك يظهر تماما استعداد الصين النشط لتوسيع المنافع المتبادلة وموقفها الواضح تجاه دعم العولمة الاقتصادية، مضيفا أن البلاد ستبذل المزيد من الجهود لتحسين مستوى تحرير وتسهيل الاستثمار الأجنبي، ورفع مستوى الخدمات المقدمة للشركات ذات الاستثمار الأجنبي على الوجه الأمثل.