تقرير : مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية وتقييم المخاطر – القاهرة
علي نحو مفاجئ أعلن الجيش السوداني أمس الأول الأحد انشقاق أبو عاقلة كيكل أحد أبرز قادة ميليشيا الدعم السريع المتمردة في في السودان وانضمامة وقواته إلي جانب القوات المسلحة السودانية في حربها ضد الدعم السريع خاصة في ولاية الجزيزة ذات الأهمية الاقتصادية والاستراتيجية , ليمثل ذلك الإعلان زلزالا سياسيا وعسكريا كبيرا ضرب بقوة قوات ميليشيا آل دقلو .
ووفقا لبيان للناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية أن أبو عاقلة كيكل ومع مجموعة كبيرة من قواته بعد أن تكشف لهم زيف وباطل دعاوى مليشيا آل دقلو الإرهابية وأعوانهم، وأنهم مجرد أدوات رخيصة لتمرير أجندة إجرامية دولية وإقليمية لتدمير البلاد أرضاً وشعباً ومقدرات , إنحاز لجانب الحق والوطن بعد مغادرته لصفوف المتمردين ومقرراً القتال جنباً إلى جنب مع القوات المسلحة السوادنية .
ورحبت القوات المسلحة السودانية بهذه الخطوة الشجاعة من قبلهم , مؤكدة أن أبوابها ستظل مشرعة لكل من ينحاز إلى صف الوطن وقواته المسلحة .
وجددت القوات المسلحة السودانية في بيانها عفو رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة السودانية لأي متمرد ينحاز لجانب الوطن ويبلغ لأقرب قيادة عسكرية بكل مناطق السودان.
ويطرح استسلام أبو عاقلة كيكل بما يمثل من رمزية كبري , هل يمثل بداية النهاية لميليشيا الدعم السريع وانهيارها خاصة في ولاية الجزيرة ؟ .
ضربة موجعة
ويقول الفريق حنفي عبد الله الخبير الأمني والاستراتيجي السوداني لـ ” مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية وتقييم المخاطر “ : أن أبو عاقلة كيكل كان له دور كبير في دخول قوات الدعم السريع لولاية الجزيرة , كما كان له دورا في سيطرتها علي المناطق الشرقية من الولاية .
وأضاف ” أعتقد أن استسلام كيكل وعودتة لحضن الوطن ضربة موجعة جدا للدعم السريع , باعتبار أنه كان هو القائد الفعلي لكل مناطق ولاية الجزيرة , بحكم معرفته للمنطقة وسيطرته علي الحواضن الاجتماعية بها .
وذكر الفريق حنفي عبد الله أن التفاوض علي استسلام كيكل للقوات المسلحة السودانية تم قبل أشهر ونجحت المفاوضات في الايام القليلة الماضية .
وأشار المحلل الأمني الاستراتيجي السوداني إلي أنه مع سيطرة القوات المسلحة السودانية علي منطقة جبل موية الاستراتيجية تبقي مسألة سيطرة الجيش السوداني علي ولاية الجزيرة مسألة وقت , خاصة في ظل أن طرق الامدادات للدعم السريع في الولاية أصبحت صعبة جدا أو لا يمكن أن تأتي لها إمدادات خاصة من المحور الغربي , لافتا الي أن القوات المسلحة السودانية أصبحت الآن علي بعد أقل من 5 كيلو من مدينة ود مدني حاضرة ولاية الجزيرة خاصة من الناحية الغربية ” محور المناقل ” .
وأكد الفريق حنفي عبد الله أن قوات الدعم السريع الآن أصبحت في نهايتها وطرق امدادتها وعصب قوتها الاساسية انتهت , منوها إلي أن الامدادات التي كانت تأتيها من شرق الخرطوم أصبحت طرقها تحت سيطرة الجيش السوداني .
ولفت الي الاهمية الاستراتيجية التي كان يمثلها جبل موية باعتبار أنه كان مستودعا ضخما يتم من خلاله الانطلاق للسيطرة علي الدمازين التي تربط ولايات الوسط والشرق مع الحدود الاثيوبية والحدود مع الجنوب .
وكشف المحلل الامني والاستراتيجي السوداني عن أنه بعد استسلام كيكل هناك أعداد أخري من قيادات الدعم السريع في طريقها للاستسلام , مشيرا في هذا الصدد عن وجود معلومات عن اتصالات من بعض القيادات الميدانية لقوات الدعم السريع للاستفادة من العفو الرئاسي والعودة لحضن الوطن .
وقال ” هناك مؤشرات عن الاعلان عن الانضمام اعداد من هذه القيادات لصفوف القوات المسلحة السودانية مع نهاية الأسبوع الجاري أو الاسبوع المقبل .
وذكر الفريق حنفي عبد الله أن من بين المؤشرات علي أن الدعم السريع في نهاياته ودخول قواته في حالة تخبط ما تم الكشف عنه بقيامه باسقاط طائرة شحن تابعه له قبل يومين , مضيفا ” بالتالي هذا دليل علي أن هذه القوات تعاني في الفترة الحالية من أوضاعا صعبة .
ولفت المحلل الأمني والاستراتيجي السوداني إلي أن قوات الدعم السريع ترتكب منذ يومين جرائم بشعة ضد المدنيين في ولاية الجزيرة بحجة أنهم جواسيس لكيكل .
ونوه الفريق حنفي عبد الله الي ان العمليات العسكرية تسير بصورة ممتازة خاصة في محاور وسط سنار وسنجة وولاية الخرطوم , مشيرا الي ان قناصة الدعم السريع يسيطرون علي الابراج العالية في العاصمة الذي يقومون باستهداف المواطنين الأبرياء .
وأوضح أن القوات المسلحة السودانية تتبع استراتيجية خاصة لتطهير تلك الابراج من قناصة الميليشيا بعمليات خاصة وعدم استهداف الابراج بالقصف , منوها الي امتلاك المتمردين أحدث أسلحة القنص التي قد لا تمتلكها دول , وأنه تم العثور في جبل موية علي صناديق وأعداد هائلة من بنادق القنص الحديثة التي تستخدمها الميليشيا المتمردة في استهداف المواطنين الأبرياء .
ضربة قاصمة ثانية
ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي السوداني رئيس تحرير صحيفة الرواية الأولي مجدي عبد العزيز أن انشقاق كيكل عن ميليشيا الدعم السريع هو ضربة قاصمة ثانية للميليشيا المتمردة بعد سقوط جبل موية التي كانت تعتبر قاعدة انطلاق ومخزن للاسلحة في وسط السودان للميليشيا المتمردة.
وقال عبد العزيز لـ ” مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية وتقييم المخاطر “ : كما هو معروف أن كيكل كان هو قائد عمليات الميليشيا المتمردة في ولاية الجزيرة وفي منطقة البطانة ,ومن ضمن هذه العمليات كان سقوط مدينة ود مدني , معتبرا أن هذا الانشقاق هو ضربة قاصمة للميليشيا المتمردة لأنها الآن فقدت تماما القيادة والسيطرة بطريقة كلية في ولاية الجزيرة ومنطقة البطانة .
وأكد الكاتب والمحلل السياسي السوداني رئيس تحرير صحيفة الرواية الأولي أن هذا التداعي سيؤدي إلي تفكيك بقايا الميليشيا من غير المنضوين للحاضنة الاجتماعية لكيكل , مشيرا إلي توارد معلومات بصورة كبيرة عن هروب أعداد من أفراد ميليشيا الدعم السريع المنتمين لإثنيات أخري أو المرتزقة الذين جاؤا من خارج السودان من غرب أفريقيا .
وقال مجدي عبد العزيز ” بالطبع هذه هي لا أقول بداية النهاية لكنها جزء من مسلسل الانهيارات الذي ضرب الميليشيا المتمردة , مضيفا ” الآن كيكل نفسه بعد الانشقاق قواته تقاتل ضمن القوات المسلحة السودانية لتحقيق أهداف تطهير ولاية الجزيرة من بقايا وفلول ميليشيا الدعم السريع .
وتابع ” وانا على يقين أن مدينة ود مدني حاضرة ولاية الجزيرة باتت قاب قوسين أو أدنى من التحرير ودخول القوات المسلحة لها.
وأعتبر الكاتب والمحلل السياسي السوداني أن هذا أيضا يؤثر على محور آخر وهو محور سنار بعد مقتل القائد الميليشي البيشي وبعد سقوط جبل موية , وكذلك سيؤثر على نطاق عمليات ما يعرف بالقائد المليشي شوتال , وهو بالتالي أصبح محاصر وكانت مناطقه ايضا مناطق ضيقة.
وقال ” بالتأكيد أيضا هذا الانشقاق سيؤثر إيجابا على عملية تحرير العاصمةالخرطوم , التي أصبحت الآن محاصرة من كل الجنبات , مضيفا ” وحتى داخل ولاية الخرطوم المواقع التي يسيطر عليها قناصة ميليشيا الدعم السريع المتمردة في الأبراج أصبحوا الآن محاصرون وإن كان بعمليات عسكرية أو بطول الوقت سيسقطون وستحرر الخرطوم .
وأكد الكاتب والمحلل السياسي السوداني رئيس تحرير صحيفة الرواية الأولي مجدي عبد العزيز أن عملية انشقاق أبو عاقلة كيكل اشارت إلي أن دور الاستخبارات العسكرية السودانية كان دورا كبيرا وفاعلا , وسيتم لاحقا الكشف عن كافة تفاصيل ما جري في عملية انشقاق وانضمام أبو عاقلة كيكل للقوات المسلحة السودانية .
من هو أبو عاقلة كيكل
وفقا لتقارير إعلامية فإن أبو عاقلة كيكل هو ضابط متقاعد في الجيش السوداني تنحدّر أصولة من سهل البطانة ” وسط السودان ” ، وأنشأ العام 2022 “قوات درع السودان” قبل أن يعلن في أغسطس 2023 انحيازه لقوات الدعم السريع.