الرواية الأولى

نروي لتعرف

آفاق رقمية / د. محمد عبدالرحيم يسن

السودان بين الانقطاع والاتصال

د. محمد عبدالرحيم يسن





حينما انطفأت شاشات الحواسيب وأُسكتت شبكات الاتصالات في السودان مع اندلاع الحرب، أدرك الناس حجم الكارثة. حياة كاملة وجدت نفسها تعود خطوات إلى الوراء، وأُجبرت عقارب الساعة على التوقف.
وسط هذا الركام، يبقى السؤال الذي يتردّد في الأذهان هل سيكون التحول الرقمي رفاهية مؤجلة، أم أنه ضرورة وجودية لا غنى عنها لبناء السودان من جديد؟
لقد خسرنا الكثير، نعم. تضررت مراكز البيانات، توقفت معظم الخدمات الإلكترونية، وتعمقت الفجوة بيننا والعالم. غير أن ما يبعث على الأمل أن السودان ما يزال يمتلك كنزا لا يُقدّر بثمن، شبابه. هؤلاء الذين وُلدوا في زمن الإنترنت، ويحملون بين أيديهم مفاتيح الثورة الرقمية، ذكاء اصطناعي وحوسبة سحابية وتحليل البيانات ضخمة، وآلاف المنصات مفتوحة المصدر.
فما هو المطلوب؟ التدريب والدعم، يمكن أن تتحول الهواتف المحمولة البسيطة في أيديهم إلى منصات للابتكار، وحلول للتعليم والصحة والتجارة. فالعالم من حولنا يتغير بسرعة مذهلة، والدول التي تتلكأ في اللحاق بالركب تجد نفسها خارج التاريخ.
السودان اليوم أمام مفترق طرق. إما أن يبقى أسير الماضي المثقل بالحروب والأزمات، أو أن يفتح نافذة على المستقبل عبر بوابة الرقمنة. ولعل أجمل ما في التكنولوجيا أنها تمنح فرصة “القفز”، لا السير البطيء، فبدل أن نُعيد بناء كل ما تهدم بالطريقة القديمة، يمكننا أن نعيد البناء بالرقمية من الأساس.
إن التحول الرقمي ليس مجرد مشروع حكومي، ولا مهمة خبراء التقنية وحدهم، بل هو قضية مجتمع كامل. فالمواطن حجر الأساس يحتاج خدمات أسرع وبكلفة معقولة وبشفافية أكثر، وحين يجد الشباب في التكنولوجيا وسيلة للعمل والإبداع، يصبح المستقبل أقرب مما نتصور.
في الحلقات القادمة نقف على تجارب بعض الدول العالمية والإقليمية علها تساعد في تطوير نموذج سوداني قادر على تجاوز الحاضر.

تعليقان

اترك رد

error: Content is protected !!