
✍🏼 ترجمة وإعداد: المحرر الدبلوماسي ل” الرواية الاولى”
عن مجلة باريس ماتش الفرنسية | العدد الصادر في 31 يوليو – 6 أغسطس 2025
⸻
في واحدة من أشد الحروب دموية وأقلها اهتمامًا من العالم، يرسم الكاتب الفرنسي والفيلسوف المعروف برنار-هنري ليفي صورة مأساوية عن السودان، الذي مزقته حرب أهلية مدمرة منذ أبريل 2023، في تقريره الحصري لـ”باريس ماتش” بعد زيارة ميدانية إلى البلاد.
«من بين كل الحروب التي غطّيتها خلال خمسين عامًا، هذه هي الأشرس… والأكثر نسيانًا»، كتب ليفي.
أرقام مفزعة ومقابر جماعية

150 ألف قتيل، و12 مليون نازح، و20 مليون شخص مهددون بالمجاعة – هكذا وصف التقرير حجم الكارثة الإنسانية، وفق بيانات الأمم المتحدة.
في حي “أمبدة” قرب الخرطوم، وثق ليفي واحدة من أبشع المجازر: 244 ضحية مدنية تم جمعهم وإعدامهم ميدانيًا على يد قوات الدعم السريع. وُضِعوا في مقبرة جماعية لا تزال شاهدة على الجريمة.
لقاء البرهان: “هذه هي الديمقراطية”

زار ليفي الرئيس السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان في بورتسودان. وسط إجراءات أمنية مشددة، تحدّث البرهان بصراحة عن الحرب و”غدر الأصدقاء” في إشارة إلى الدعم الإماراتي المقدم لقوات الدعم السريع عبر تشاد.
أكد البرهان نفيه لأي تحالف مع إيران، وأبدى استعداده للتعاون الأمني مع إسرائيل “ضد الإرهاب المشترك”، كما قال.
وعندما سُئل عن تأخر الانتقال الديمقراطي، خرج إلى كورنيش المدينة حيث تجمهر المواطنون لالتقاط الصور والهتاف له، ثم صرخ قائلاً:
«هذه هي الديمقراطية!»
مضيفًا: “لدينا الآن رئيس وزراء مدني هو د. كامل إدريس، ويعمل على تشكيل حكومة مدنية بالكامل”.
عاصمة مدمرة

انتقل ليفي إلى الخرطوم وكتب:
“ما رأيته يذكرني ببخموت الأوكرانية، أو بمقديشو، أو سراييفو، أو حتى الموصل… الخرطوم باتت نموذجًا لكل أشكال التدمير الحضري، والفظائع”.
في أحياء مثل “الصحافة” و”الخرطوم بحري”، لا صوت يعلو فوق أنين الجوع ورائحة الموت. دمّرت المليشيات متاحف، ونهبت مكتبات، وأحالت الأحياء إلى أنقاض.
السلاح الأبشع: الاغتصاب الجماعي

زار ليفي “دار الضيافة” على طريق الأبيض، حيث التقى نساءً تعرضن لاغتصاب جماعي من قبل عناصر الدعم السريع.
إحدى الناجيات قالت:
“اغتصبوني أمام أطفالي… ثم رموني في الصحراء”.
ووثق شهادات عن إجبار أطفال على تعاطي المخدرات واغتصاب نساء محتجزات، في واحدة من أبشع صور الحرب.
قتال في الظل: قوات خاصة ومقاتلو دارفور


اختتم ليفي رحلته في قاعدة قرب الفاشر، حيث التقى قوات سودانية خاصة تضم مقاتلين من الزغاوة والمساليت والفور – أبناء دارفور الذين قاتلوا سابقًا ضد الحكومة، لكنهم اليوم إلى جانبها ضد “ورثة الجنجويد”، على حد وصفه.
الجنرال حافظ التاج قال له:
“سننتصر في الحرب ضد ميليشيا حميدتي، لكن يبقى الخطر الأكبر هو الإرهابيون الذين أطلقهم من السجون، والذين يهددون المنطقة من البحر الأحمر إلى ليبيا”.
الختام: واجب الصحافة
أنهى برنار-هنري ليفي مقاله برسالة إلى ضمير العالم:
“هذا السودان الذي تفوق حضارته حضارات الفراعنة يستحق أكثر من صمتنا المُهين. إن تجاهل مأساته عار… وإن فتح أعيننا على جرائمه واجب.”
⸻
•الصور الأصلية بعدسة: Marc Roussel
•النص الأصلي: Paris Match
•الترجمة والتحرير: المحرر الدبلوماسي