السفير كرار التهامي يكتب : الحكومة التي يستحقونها ٢-٢ … التفكر خارج الصندوق : كيف نختار الحكومة الممتازة و الوزير المتميز والرئيس الأميز ؟ .. البرلمان المصطنع مصيدة للجهل والقبلية
السفير د. كرار التهامي
تناولت في المقال السابق المفارقة القدرية بين جماليات الشعب وقبح الحكومات و اشرت للتكوين العرقي المثالي للشعب السوداني بإخلاطه الكوشية والأفريقية والعربية مما يجعله متفوقا من ناحية تركيبته الجينية بسبب ذلك الهجين وذلك حسب تفسير قوانين البيولوجيا وعلوم الوراثة مع الوضع في الاعتبار حساب العوامل factoring للمحددات و العناصر الأخرى التي تحفز effectuate او تحبس inhibit هذه الصفات ومنها الفقر والجهل والفوضى السياسية طويلة الأجل بيد ان الخبر الجيد هو ان الأخيرة هي دوال متغيرة يمكن السيطرة عليها بينما الصفات النوعية ثابتة وهي هبة الله
◾️ تطرقت لسوء الطالع الذي لازم السودانيين في حكوماتهم منذ الاستقلال فجيل الوعي الاول الذي نبت تحت ظل شجرة الاستعمار الظليلة ظل امتداداً لثقافة المستعمر في هيئته وطريقة تفكيره وكان ليبراليا مستلباً وكان رغم ذلك يرجى منه الكثير عندما ابتدر الكفاح السياسي في الأربعينات لكن مجرد ان أكل تفاحة الطائفية المحرمة حتى هبط من سماء أحلامه الوطنية إلى ارض الفشل السياسي وعاش في المزارات الزبائنية الضيقة
◾️ والسؤال الذي ظل عالقا هل هذه الحكومات هي أقدارنا كسودانيين على خلفية القول الشائع ان “الامة تحصل على الحكومة التي تستحقها
the nation gets the government it deserves “
ام اننا أمة تستحق حكومة افضل؟؟؟ حكومة لم تأت بعد ،،،حكومة تليق باقدارنا التاريخية وتكويننا الجيني وتقدر على مداواة جراحنا الوطنية…
◾️عموماً المحك ليست في اسماء الوزراء ومؤهلاتهم لكن الاهم الرؤية الجماعية والمنهجية لادارة الدولة فالوزير مهما يكن تعليمه وتأهيله سيكون دوره محددا وضيقا وكثير من الأحيان يقع في اخطاء اجتهاداته الخاصة خاصة إذا كان مستبداً ومغرورا غليظ القلب لان ادارة الدولة وحلول مشاكلها اكثر تعقيدا من ان يحيط بها شخص واحد او بضعة اشخاص مهما اوتوا درجة من العلم والتجريب لقد شاهدنا وزراء وأدراجهم مكتظة بالشهادات الأكاديمية والسير الذاتية المتوهجة لكن وقفوا حائرين امام مشكلات سهلة محتارين عاجزين كان أيديهم مغلولة إلى اعناقهم و كأنهم مختوم على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة
◾️ بالطبع الحل الذي وفرته التجربة السياسة الكونية شاخص فهذا زمن مشاعة الرأي ومراكز الدراسات والذكاء الصناعي وليس المهم اختيار الوزير ولكن الاهم توفير البيئة المعرفية التي يصدر فيه القرار من مراكز البحث والدراسات
مع وجود حاضنات متماسكة و قوية معرفياً لا ترتبط بسيطرة مركزية طاغية او أبوية مهيمنة مستبدة تضعف مشاعة الرأي وتحتكره لمصلحة اوليغاركية احتكارية متنفذة
◾️ في ظروف الدولة السودانية الماثلة التي تنضج الان في نار الحرب وتستفيق بعد ثبات من غفوتها بفعل الالام والأحزان والجراحات العميقة بفعل الخذلان وخيبة النخب وفشلها والطموحات الصغيرة التي أشعلت الحروب الكبيرة ماهي الطريقة الأمثل التي يمكن ان يخطو بها الوطن الى الامام رويدا رويدا ويسير واثق الخطوة يمشي ملكا حتى يرتقي ويحلق ؟؟؟؟؟
هذه تفاصيل يمكن تأسيسها من الناحية النظرية و يمكن ان توفر الحد الادني من مشروع الحكومة الافضل وهي :
اولا:
عدم الوقوع في شرك البرلمان المفتعل او المعين لانه مصدر صراعات وتفجير لالغام الجهوية والقبيلة والحزبية العضوضة الافضل ترك هذا ليوم استحقاقه الحقيقي لان البرلمان المعين ليس له إرادة ولا يسمن ولا يغني من جوع وهو خميرة عكننة وإضاعة وقت واختلافات سياسية وطموحات شخصية يهدر فيها زمن الدولة في غير طائل
ثانيا :
كسر حاجز الفردانية في اتخاذ القرار والتدبر في تصريف حياة الناس وشئون الدولة بصورة علمية وجماعية تكون قادرة مواجهة التحديات الكبرى بدلا من تكليف شخص واحد وتسميته وزيراً يدير مهمته على طريقة التجربة والخطأ trial &error ومهما كانت شطارته وحذاقته فالدولة ليست كحلاقة رأس اليتيم وعليه لتفادي هذه الفردانية وعوارها يتولى مجلس السيادة بالتشاور مع القيادات المجتمعية والمهنية والأكاديمية والسياسية باختيار مجالس متخصصة في الاقتصاد والعلاقات الخارجية والتعاون الدولي والشئون الداخلية والصحة والزراعة ومكافحة الجريمة والوجود الأجنبي وكل احتياجات الدولة العادلة من أكاديميين ومهنيين وعلماء كل في تخصصه وخبراء من الداخل والخارج والاستئناس بتجربة مجلس العلماء والخبراء السودانيين في الخارج الذي لازال قائما وفيه كوكبة من خيرة ابناء السودان في كافة التخصصات والمجالات العملية والعلمية
ثالثاً:
يتكون كل مجلس من أربعين عضوا من افضل كفاءات الوطن تحدد اللائحة طريقة اختيارهم ويختار المجلس رئيسا ووزيرا يوافق عليه ويعتمده مجلس السيادة دون مراعاة لاي جهويات او قبليات إنما القول الفصل للكفاءة
رابعا
ثالثاً تقوم المجالس مجتمعة بترشيح ثلاث شخصيات لرئاسة الوزراء على ان ترفع لمجلس السيادة الذي يختار احدهم ويكون مجلس السيادة بهذه الطريقة في حل من شبهة الانحياز او الفشل في الاختيار السليم
خامساً:
تتكون مجالس نظيرة في كل الأقاليم والولايات تحدد اللائحة حجمها و مهامها وتختار رئيسها و وزراءها ورئيس الوزراء على مستوى الولاية
السؤال :
ماهي مهام هذه المجالس ومدة تفويضها وماهي علاقة الجهاز التنفيذي بها وعلاقة الاثنين بمركزية الدولة المتمثلة حاليا في مجلس السيادة في فترة التفويض والانتقال والأشراط التي يتم الاتفاق عليها ؟؟؟ .
نواصل
٦-٥-٢٠٢٤