انعقدت يوم أمس الأربعاء 30-3-2022 بفندق كورنثيا بالخرطوم ورشة عمل مهمة نظمها مركز اشراقات الغد للدراسات والتنمية، وتحدث فيها كلا من المزارع المثقف أحمد بابكر عبد الله، والخبير الاقتصادي الدكتور عبد الله الرمادي، والدكتور أمير أبو سن مدير إدارة نقل التقانة.
الورقة العلمية والعملية الضافية التي قدمها المزارع أحمد بابكر عبد الله أشارت إلى أن السودان وبما وهبه الله من اراضي شاسعة منبسطة تتمتع بالخصوبة في غالبيتها وموارد مياه من انهار وامطار ومياه جوفية وتنوع مناخي مؤهل وبكل المقاييس على الاقل ليكون سلة لغذاء محيطه الإقليمي. وهو من وصف بسلة غذاء العالم. وهي مقولة رغم امكانية تحقيقها الا اننا ورغم هذه المعطيات عجزنا عن اطعام أنفسنا واعتمدنا على العالم الخارجي في نسبة مقدرة من غذائنا. وهو ما يجب العمل على ايقافه خاصة والعالم مقبل علي فجوة في الغذاء.
وأضافت ورقة أحمد بابكر: هنالك العديد من العوامل التي تضافرت وحالت دون تحقيق الهدف المتمثل في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء والتوجه للصادر وتتمثل في التالي: عدم وجود ارادة سياسية مبنية على تخطيط استراتيجي يحدد الاهداف ووسائل تحقيقها. عدم وجود مطبخ يصنع القرار اذ تعمل كل الاطراف كجزر معزولة وبالتالي يجب مشاركة كل الاطراف ذات الصلة من مزارعين ومؤسسات تمويل وتسويق وري وادارة وبحوث زراعية في صنع القرار وفقاً لمقدِرات كل طرف.
التسويق يشكل العقبة الكؤود في طريق تطور الزراعة والاصل ان الزراعة تبدأ بالتسويق وليس التحضير اذ لا مكان لمنتج دون ضمانات لتسويقه (القطن مثالا).
التركيز علي محاصيل الصادر حسب كل مشروع من حيث الموقع الجغرافي والظروف المناخية الخضروات بدلتا طوكر القاش لقربها من الموانئ الصويا والقمح بالجزيرة القطن والذرة بالمطري علي سبيل المثال مع التركيز علي الانتاج الحيواني كمكمل للشق الزراعي.
الري: تغيرت المعطيات بتعلية خزان الروصيرص بمرحلتيه الاولى والثانية وقيام سد النهضة مع ثبات المساحات وقصور في ريها لأسباب تتعلق بالتمويل.
ويشير أحمد إلى أن مطلوبات المرحلة: التمويل لتطهير القنوات وصيانة الابواب والمنظومات كضرورة عاجلة ومن ثم التأهيل مستقبلا لضمان ري على مدار العام.
التمويل وضمان توفير المدخلات المرتبط بالتوقيت هو اساس نجاح العملية الزراعية الرامية الي تحقيق اعلى انتاجية لتفادي ما حدث من تأخير فى التمويل ومن ثم المدخلات مما ادي الى انخفاض الانتاجية وبالتالي ارتفاع تكلفة انتاج القمح لتصل الي 280% من السعر العالمي كنتيجة لأسباب تمويلية واخطاء ادارية يمكن تلافيها.
عدم وجود رؤية واضحة للتمويل الحكومي فالمالية تربط تمويلها بهيمنتها على الانتاج، والمزارع الذي عرف الحرية لن يعود عاملا في مزرعة الدولة علما بان التمويل الحكومي للمدخلات هو تمويل مسترد وليس تمويلا استهلاكيا وعليه لا بد من ايجاد صيغة توائم بين الرؤيتين.
الزراعة كنشاط اقتصادي يتطلب وضوح الرؤية وثبات اسعار المدخلات وهذا لا يتأتى في الظرف الاقتصادي الراهن وبالتالي فالخيار الوحيد المتاح هو دعم الجازولين الزراعي والمدخلات اضافة لوجود سعر تركيز يحدد قبل الدخول فى الموسم الزراعي مع التأكيد علي ان سعر التركيز هو الحد الادنى والملاذ الآمن الذى يلجأ اليه المنتِج فى حالة تقلبات السوق مع مراعاة ان التمويل الحالي يتم بصيغة المرابحة وللمزارع مطلق الحرية في السداد العيني او النقدي.
ويقترح أحمد: اعادة النظر في الصيغ النمطية للتمويل وصولا لشراكات تعاقدية غير تقليدية يمكن ان تنتهي باقتسام عائدات الصادر. وإصدار القوانين الحاكمة للشراكات التعاقدية حماية للمزارع والذى غالبا ما يكون مضطرا لتوقيع عقود أشبه بعقود إذعان يصيغها المموِّل ويوقعها المزارع اضطرارا. مع ضرورة توفير وتمويل الاليات الزراعية الحديثة للتحضير وتسوية الارض سعيا وراء تحقيق المعدل المطلوب من الكثافة المحصولية والنباتية وصولا للفائدة القصوى ( اشارت بعض الدراسات بان 20% من مساحة الحواشة خارج دائرة الانتاج). وإعادة النظر في التركيبة المحصولية وفقا لاحتياجات السوقين العالمي والمحلي بما يضمن التسويق وتحقيق اعلى عائد للمزارع وبالكيفية التي لا تتعارض مع سياسة الدولة الرامية الى زراعة محاصيل نقدية للتصدير.
اقترحت ورقة المزارع أحمد بابكر عبد الله زراعة محصولين بدلاً عن القطن في مشروع الجزيرة إذ يمكن زراعة محصولي الصويا والقمح على التوالي بدلا عنه مما يحقق حوالي 8 اضعاف ما يمكن تحقيقه من زراعة القطن والذي تمدد فعلا فى القطاع المطري. والله الموفق.