(الرواية الاولي) تكشف اسرار لقاء مساعدة وزيرة الخارجية الامريكية مع لجان المقاومة .. بعد نشر هذا التقرير تنعدم الاعذار لعدم تدخل الدولة لوقف انتهاك السيادة الوطنية الذي يعرض البلاد للخطر
كتب : المحرر الدبلوماسي
يكشف هذا التقرير الذي يقدم ملخصا لمداولات اجتماع مولي في مساعدة وزيرة الخارجية للشئون الافريقية مع تنسيقيات لجان المقاومة و الذي يمثل جزءً يسيراً من انشطة زيارتها التي امتدت الي اربعة ايام في الفترة ٥-٩ يونيو التقت خلالها بمعظم مكونات الاحزاب السياسية و فعاليات المجتمع المدني و المنظمات و لجان المقاومة.
و تمثل نشاطات زيارة مولي في كما يكشفها هذا التقرير من خلال لقاءاتها مع الاحزاب و لجان المقاومة انتهاكا صارخا لاسس السيادة الوطنية و تعد تدخلا مباشرا في الشان الداخلي للسودان و يتجاوز ذلك مجرد دعم مسار العملية السياسية الي الانخراط في جهود هندسة المشهد السياسي لمصالح قوي خارجية من حيث تقديم الدعم السياسي و ربما انواع اخري من الدعم لمجموعة محددة من الاحزاب و فعاليات المجتمع المدني و اصحاب المصلحة في الحراك الراهن وتوظيفها لمناهضة القيادة العسكرية في البلاد دون الانخراط في العملية السياسية.
و تصب هذه الجهود في تعميق الازمة السودانية و تعزيز الانقسامات الراهنة في المشهد السياسي و تشجيع سياسة الاقصاء ، حيث اعربت مساعدة وزيرة الخارجية دون مواربة دعم واشنطن الكامل للجان المقاومة لمناهضة المكون العسكري في مجلس السيادة بل و تشجيعهم علي مواصلة الحراك و تبادل الافكار و المقترحات في زيادة الضغوط و استمرار تجميد العون المالي في ظل الازمة الاقتصادية القائمة و شبح المجاعة الذي يلوح في الافق و توظيف الامم المتحدة و اجهزتها ضد الحكومة و تحريض دول الجوار لوقف الدعم الاقتصادي و بحث سبل فرض عقوبات ضد المؤسسات و الافراد.
و لم تبذل مساعدة وزيرة الخارجية الامريكية جهدا لاقناع لجان المقاومة للانخراط في مسار العملية السياسية و الحوار القائم بل تماهت مع اطروحات لجان المقاومة في التصعيد و مقاطعة الحوار بل الوعد بالدعم و مواصلة الضغوط و تجميد العون المادي.
ان وقائع هذا الاجتماع يمثل وثيقة دامغة لمدي التدخل الدولي السالب في الشأن السوداني، و دوره في تمزيق النسيج السوداني و تعميق الازمة وزراعة الفرقة و الشتات.
ان استمرار تجاهل الدولة لانتهاك سيادتها الوطنية كما يكشف التقرير بما يعطل مسيرة التوافق السياسي يمثل خطرا داهما علي تماسك الدولة و المجتمع. و بعد كشف الحقائق التي تعلمها قيادة الدولة سلفا عبر اجهزتها المختصة تنعدم اي اعذار تضع الامور في نصابها ازاء التدخل الدولي ووضع حد لمواصلة انتهاك السيادة الوطنية بما يتعارض مع المصلحة القومية للبلاد.
اجتمعت مولي في مساعدة وزير الخارجية للشئون الافريقية يوم الثلاثاء السابع من يونيو الجاري بلجان المقاومة بحضور لوسي تاملين القائم بالاعمال بالانابة و اثنين من مستشاريها، و شاركت اربع كتل رئيسية من لجان المقاومة في ولاية الخرطوم و ممثليين للولايات.
استبقت مساعدة وزير الخارجية للشئون الافريقية تدشين الحوار المباشر بين الفرقاء السياسيين الذي تشرف عليه الآلية الثلاثية والذي انطلق امس الاربعاء ٨ يونيو بسلسلة من الاجتماعات و المقابلات مع القوي السياسية و المدنية المختلفة لمعرفة موقفهم من العملية السياسية و للاعراب عن موقف الولايات المتحدة الداعم للقوي المدنية المناهضة لاجراءات ٢٥ اكتوبر الماضي و التي وصفتها مولي بالانقلاب في كل اجتماعاتها علي عكس التوصيف الرسمي للادارة الامريكية التي تصفها بانها اجراءات عسكرية لاسباب قانونية.
اكدت مساعدة وزير الخارجية الامريكي في اجتماعها مع لجان المقاومة ان واشنطن اوقفت كل الدعم المادي بما في ذلك ٧٠٠ مليون دولار عقب الانقلاب العسكري – علي حد وصفها- من اجل الضغط علي المكون العسكري رغم الصعوبات الاقتصادية التي تواجه المواطن و اعربت عن قلقها انه بحلول سبتمبر القادم حسب تقارير الامم المتحدة فان ٢٨ مليون سوداني سيواجهون خطر المجاعة خاصة مع تفاقم ازمة الغذاء العالمي جراء الحرب الروسية الاوكرانية.
واكدت مولي في حديثها ان اهتمامها بالحراك السياسي في السودان نابع من وجود حركة شبابية للمقاومة علي عكس تجارب الدول الافريقية الاخري التي حدثت فيها انقلابات عسكرية، ولذلك فان واشنطون تقف الي جانب لجان المقاومة و تدعم اهدافهم في تحقيق التحول المدني و انهاء دور العسكر في العملية السياسية.
وقالت ان الحوار الذي انطلق امس الاربعاء ٧ يونيو لا يمثل اهمية بالغة و انه مجرد بداية فقط، وان واشنطن ستواصل سياستها بتجميد الدعم المادي للحكومة. واعربت عن قلقها من تدهور الاوضاع الاقتصادية في ظل ازمة الغذاء العالمي و مواصلة واشنطن سياستها وقف الدعم في الوقت الراهن. و اشارت الي وجود انشقاق بين الجيش والدعم السريع و اعربت عن خشيتها من انفجار الاوضاع.
من جانبهم عبر ممثلو لجان المقاومة عن رفضهم التام للتفاوض مع العسكر او المشاركة في العملية السياسية و استمرار نهج المقاومة و طالبوا الولايات المتحدة تقديم الدعم المباشر للجان المقاومة و المساهمة في علاج الجرحي و تاسيس عملية اشبه بشريان الحياة التي تمت من قبل في جنوب السودان في منتصف الثمانينات.
و تحدث في الاجتماع ١٣ ممثل من لجان المقاومة و جاءت معظم المداخلات رافضة للحوار الجاري و ضرورة عودة العسكر للثكنات و محاسبتهم علي الجرائم التي ارتكبوها.
و اكد ممثلو لجان المقاومة علي ان تدهور الوضع الاقتصادي افضل من بقاء العسكر علي سدة الحكم. و اشار ممثل لجان بحري علي ضرورة فرض عقوبات ضد القيادات العسكرية و كذلك علي شركات المنظومة الامنية.
شكك معظم المتحدثين في دور الاتحاد الافريقي و انه يعوق من مسار الانتقال الديمقراطي و تسبب من قبل في ادخال العسكر في العملية السياسية عقب انتصار الثورة، و اتهموا الالية الثلاثية بخلق اجسام مدنية موازية مما يضعف العمل الثوري المناهض للعسكر. و قال ممثل لجان مقاومة شرق النيل ان اطلاق سراح المعتقلين من قبل العسكر هو محاولة لكسب رضاء المجتمع الدولي فقط و لا يعبر عن ارادة حقيقة للتغيير.
وتركز معظم حديث ممثلو لجان المقاومة علي التدخل الروسي خاصة في مجال التنقيب عن الذهب بالتعاون مع الدعم السريع و المنظومة الامنية. وان بقاء العسكر يعني عودة الاسلاميين الي المشهد. و ان استمرار هذا الوضع يعتبر خيانة للشهداء و الجرحي.
و طالب ممثلو لجان المقاومة الادارة الامريكية بمزيد من الضغوط و العقوبات الفردية وتجميد العون الاقتصادي للحكومة و تقديم الدعم العاجل.
في تعليقها علي مداخلات ممثلي لجان المقاومة اكدت مساعدة وزير الخارجية الامريكي للشئون الافريقية ان زيارتها للخرطوم تعتبر الثالثة منذ توليها المنصب مما يعكس اهتمامها الشخصي بالعملية السياسية. و قالت ان خلاصة مقابلاتها مع القوي المدنية و السياسية تؤكد اتفاق الجميع علي الاهداف و لذلك لا بد من مواصلة الحوار من اجل اعلاء الصوت المدني.و اكدت ان العملية التفاوضية ليست مثالية و لكنها خطوة في الاتجاه الصحيح، و اشارت الي انها وجهت بضرورة زيادة ممثلي البعثة الاممية لاحداث التوازن المطلوب مع الاتحاد الافريقي رغم دوره في تجميد عضوية السودان عبر مجلس الامن و السلم الافريقي. و قالت انه لا يمكن عزل السودان عن جواره كما يقترح البعض من ممثلي لجان المقاومة و اشادت بالدور الاقليمي وممارسة الضغوط علي العسكر من دول الجوار مشيرة الي ان المملكة السعودية جمدت كل الدعم المالي لمساعدة الانقلابيين. واعربت عن مخاوفها من تفاقم ازمة الغذاء و تفشي المجاعة في السودان في الاشهر القادمة.
اما بشان الاسراع في تحقيق التغيير قالت ان النظام العسكري متجذر في السودان خلال ٣٠ عاما الماضية وهو مثل الشجرة العملاقة عميقة الجذور و يحتاج اقتلاعها الي قوة و تعاون واكدت ان واشنطون تعول علي الالية الثلاثية وضرورة دعمها.
وفي سياق اخر قالت مولي ردا علي مطالبة لجان المقاومة بممارسة مزيد من الضغوط وفرض عقوبات علي الافراد ان رئيسها المباشر (وزير الخارجية) اجري اتصالا بالمكون العسكري لكن لم يجد ردا ايجابيا واكدت انه لا يمكن الضغط علي العسكر في الامم المتحدة بموجب الفصل السابع خوفا من استخدام حق النقض (الفيتو) بواسطة اعضاء دائمين في مجلس الامن. واكدت انه ليست كل الدول في الامم المتحدة تدعم الخيار المدني.
تحدثت في ختام الاجتماع السفيرة لوسي تاملين القائم بالاعمال بالانابة حيث اكدت اتفاقها مع وصف مساعدة وزير الخارجية في ان شجرة النظام العسكري عميقة الجذور يحتاج اقتلاعها الي قوة. و قالت انه لا بد من مواصلة الحوار مع الاعداء كما مع الاصدقاء. و جددت القول ان واشنطن تدعم الحراك السلمي للجان المقاومة لمناهضة الانقلاب العسكري. و دعت الي مواصلة و استمرار الحراك السياسي المقاوم و استعادة المدنية.