ايمن مزمل
أحد اجمل الأفلام إثارة لنجم الكوميديا والمغامرة (ويل سميث) مع (تومي لي جونز) هو سلسلته الشهيرة men in black، بالطبع القصة تحكي في شكلها العام عن جهاز أمني حكومي سري يحارب مخلوقات فضائية ذات إمكانيات غير محدودة لايراها العامة، تلك المخلوقات تأخذ اشكال بشرية وتتخفى وسطهم، الحقيقة أن الفلم ماهو إلا إسقاط لطبيعة عمل أجهزة الأمن والمخابرات في صراعاتها المعتادة مع عملاء وجواسيس يغيرون أشكالهم ويعملون لمصلحة بلادهم. ذلك الصراع الخفي لايظهر للعامة الا في شكل كوارث في حال فشل الأجهزة المعنية عن فك طلاسم تلك المؤسسات أو الافراد التي تبني نفسها خلال سنين داخل البلد المراد العمل فيه، أول تلك المصطلحات التي يجب أن نتعلمها إذَنْ هو مصطلح (النشاط الاستخباري) والذي هو مفهو عام تقوم به دولة ضد أخرى، والذي لايقتصر على زراعة الجواسيس، العبث بالاقتصاد، محاولة التحكم في الوضع السياسي، الانشطة الاجتماعية الهدامة،
لايهم بعد ذلك مسميات أجهزة المخابرات في الدول المختلفة إن انت استوعبت الفكرة الاساسية، فقد يطلق عليه جهاز مخابرات (مثل أغلب دول العالم) او ال CIA كما في الولايات المتحدة الأمريكية أو الموساد في إسرائيل ولربما المكتب السادس في بريطانيا، هل تسكت الدول عن الأنشطة الهجومية تلك وتنتظر قدرها المحتوم؟ بالطبع لا..!! لابد من وجود جهاز وقائي داخل تلك الدول يقوم بتفكيك تلك الأنشطة الهدامة، هذا العمل المُعاكس هو ما يقوم به (ويل سميث) في الفلم آنف الذكر (الرجال ذو البدل السوداء) وهو القسم الآخر من النشاط الاستخباري والذي يسمى اصطلاحاً بالامن الوقائي، فالامن يقع على عاتقه تنفيس الهجمات المخابراتية الخارجية، اعتقد أن الصورة قد اضحت لك أكثر وضوحاً، فلو أننا في لعبة لكرة القدم، خط الهجوم هو جهاز المخابرات، وخط الدفاع هو جهاز الامن، الاخير يمكن تسميته ال FBI كما في امريكا، او الشاباك كما في إسرائيل، أو الامن الفيدوالي الروسي، ، يمكن ان يكون جزء من وزارة الداخلية (قسم منفصل عن الشرطة المعتادة) كما في تركيا ومصر، او جسم قائم بذاته مثل فرنسا، ولربما متحد اداريا مع المخابرات كما هو الحال في التجربة السودانية، لايهم الوضع الاداري، المهم هو الفكرة!!! إن الدول تتصارع فيما بينها بصراع خفي، لايُرى بالعين المجردة ولا يوقف ذلك الصراع كلمات دبلوماسية منمقة على شاكلة (دول شقيقة)، (دول صديقة) الخ، فالمصالح لا تعرف الصداقات (كُله بيتجسس على كُله) ..!! فالسؤال المنطقي لماذا اللجؤ لمثل تلك الأساليب؟ لماذا حرب المخابرات بدلاً عن المواجهة العسكرية المباشرة؟
الإجابة ببساطة لأن تكاليف السيطرة بواسطة الانشطة الاستخبارية هي أقل بكثير من المعارك العسكرية المعتادة من الناحية المادية، وأكثر قوة ومقبولية لدى المجتمع الدولي وقوانينه حمالة الاوجه، فيمكن لعدد محدود من الرجال ذو البدل السوداء والنظارات السوداء من تدمير اوطان وبلاد بمقارنة ما يمكن أن يصنعه عدد كبير من الرجال ذو الحُلات العسكرية.