الرواية الأولى

نروي لتعرف

الرأي قضايا

الرباعية: الدعوة الى انتقال بلا منتصرين

الدكتور الدرديري محمد أحمد

لم يكن بيان الرباعية الأخير الصادر في واشنطن في 12 سبتمبر الجاري مجرد دعوة تقليدية لوقف الحرب واستعادة الانتقال الديمقراطي، بل مثّل منعطفاً في خطاب المجموعة ونظرتها للأزمة السودانية. فقد حمل البيان دعوة صريحة إلى أن تكون عملية الانتقال “غير خاضعة لسيطرة أي طرف متحارب”. كما شدّد على استبعاد “الجماعات المتطرفة العنيفة أو تلك المرتبطة بشكل واضح بجماعة الإخوان المسلمين” من المشاركة في رسم مستقبل البلاد. يقتصر هذا المقال في تناول بيان الرباعية على هاتين المسألتين دون غيرهما، كونهما مثار النقع. ولأنهما أس البيان وغاية منتهاه. ذلك ان الرباعية ترمي منهما الى أن تسلب الجيش صفة سلطة الأمر الواقع، وان تتحكم في معادلة الانتقال ومخرجاته. وبعد ان يتفحص المقال هاتين المسألتين، يستقصي الاسباب التي دفعت الرباعية لأن تنحو هذا النحو الجديد. وينظر حظ موقفها هذا في ان يغدو نهجا مستداما عندها، مرعيا لدى غيرها. ويستشرف ما ينبغي ان يفعله السودان ازاء هذا المتغير الجديد في موقف الرباعية. .
لهاتين المسألتين تاريخ في اثارة الخلاف؛ اذ كانتا السبب في إفشال اجتماعين سابقين، أحدهما للرباعية والآخر متعدد الأطراف رفيع المستوى. اما اجتماع الرباعية فقد كان مقررا ان ينعقد في واشنطن ايضا في ٢٩ يوليو الماضي. لكنه الغي بسبب الخلاف بين مصر والامارات حول هاتين القضيتين. واما الآخر فهو مؤتمر لندن الذي التأم في ١٥ ابريل الماضي بمبادرة من المملكة المتحدة، فرنسا، المانيا، الاتحاد الأفريقي، والاتحاد الأوروبي. وكان مشهودا. اذ حضرته ايضا الولايات المتحدة، مصر، السعودية، قطر، كندا، تشاد، إثيوبيا، كينيا، النرويج، جنوب السودان، سويسرا، تركيا، الإمارات، وأوغندا؛ الى جانب الامم المتحدة وجامعة الدول العربية. غير ان ذلك المؤتمر فشل في التوصل لبيان ختامي. فاكتفى بتصريح صحفي للرئيسين المشتركين. وهو ترتيب دبلوماسي يتبع عادة لإنقاذ المؤتمرات من الفشل المطلق. وكان السبب المعلن هو “خلافات كبيرة ظهرَت تحديدًا بين الدول العربية المشاركة: مصر، السعودية، والإمارات” حول المسألتين أعلاه.
ودعونا نبدأ بقراءة المسألة الأولى. ان يقول البيان: ان تكون عملية الانتقال في السودان “غير خاضعة لسيطرة أي طرف متحارب” يمثل تحولا في موقف الرباعية. فالموقف السابق لها كان يساير الموقف الدولي الذي أعقب اجراءات 25 أكتوبر 2021. فبعد ذلك الانتقال ادان المجتمع الدولي ما سماه استيلاء العسكريين للسلطة وانهاء عملية الانتقال المدني. غير ان المجتمع الدولي اعترف بالحكم العسكري الذي نتج ونعته بأنه “السلطة الفعلية” أو “السلطة التي تمارس السيطرة على الدولة عمليا”. واعترف بأن قائد الجيش هو “القائد الفعلي” للبلاد، بل كان يعترف انه “رئيس مجلس السيادة” ويدعوه بهذه الصفة للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة وللالتقاء برؤساء الدول وقادة المنظمات. وبهذه الصفة عدت القوات المسلحة مسئولة عن إعادة العملية الانتقالية لمسارها وتسليم السلطة لحكومة ذات قيادة مدنية. وقد تم النص على ذلك صراحة في بيان مجلس الامن الصادر في 28 أكتوبر 2021 الذي جاء فيه: ” دعا أعضاء مجلس الأمن السلطات العسكرية في السودان إلى استعادة الحكومة الانتقالية ذات القيادة المدنية على أساس الوثيقة الدستورية وغيرها من الوثائق التأسيسية للمرحلة الانتقالية”. في ذلك الوقت لم تكن للدعم السريع او لقائده صفة اعتبارية مستقلة عما للمجلس السيادي الذي كان حميدتي يشغل موقع نائب الرئيس فيه.
بعد اندلاع الحرب لم يغير المجتمع الدولي نظرته تجاه الجهة التي تمثل “سلطة الامر الواقع” في السودان والمسئولة عن استعادة المسار الديمقراطي. بل ان مجلس الامن وتقارير الأمم المتحدة ظلت تشير باستمرار الى الدعم السريع بما يفيد انه ليس قوة نظامية وليس من أجهزة الدولة. فبيان 18 ابريل 2023 الذي أصدره مجلس الامن بعد اندلاع الحرب بثلاثة أيام سمى الدعم السريع مجموعة “شبه عسكرية” paramilitary group. وهو مصطلح ذا دلالة يفيد ان هذا المكون غير تابع للدولة بشكل منتظم. وفي بيانه الصادر في 13 أغسطس الماضي الذي رفض اعلان الدعم السريع عن حكومة موازية في الأجزاء التي يسيطر عليها، وصف مجلس الامن الدعم السريع بأنه “مليشيا”. وذلك وصف ينزع عن الدعم السريع أي تبعية للدولة. بل اعتبر البيان ما يقوم به الدعم السريع مهددا لوحدة السودان وسلامته الإقليمية.
أما وضع الجيش والدعم السريع معاً على قدم المساواة بوصفهما «طرفين متحاربين»، فهو نقل لمصطلح القانون الدولي الإنساني – المستخدم في ترتيبات وقف إطلاق النار كما في منبر جدة – إلى سياق لا يخصه، أي سياق تحديد المسؤولية عن المهام السياسية أثناء فترة الأمر الواقع.
إن ما أقدمت عليه الرباعية محاولة مكشوفة لنزع شرعية الامر الواقع، المعترف بها في القانون الدولي ولدى مجلس الأمن، عن القوات المسلحة ومجلس السيادة ورئيسه، وفي ذلك تمهيد لأن تُوكل مهمة إعادة البلاد إلى المسار المدني إلى جهة أخرى لم يسمها البيان، خلاف القوات المسلحة. ولا يخفى أن السبب في ذلك أن القوات المسلحة السودانية لن تنيط هذه المهمة بمن ترغب «بعض» دول الرباعية في إعادتهم إلى إدارة المشهد السوداني.
والمجتمع الدولي لا يقف عند حد الاعتراف بالقوات المسلحة ورئيس مجلس السيادة الانتقالي سلطة لا نجاز الانتقال للحكومة ذات القيادة المدنية، بل هو اعترف بأهم خطوة اتخذت في هذا المسار وهي تعيين الدكتور كامل الطيب ادريس رئيسا للوزراء في 19 مايو الماضي. فقد أصدر المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة بيانا في 20 مايو أعرب فيه عن انه أحاط علما بالمرسوم الصادر في 19 مايو من رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الذي عيَّن فيه الدكتور كامل الطيب إدريس رئيساً لمجلس الوزراء. وقال البيان ان الأمين العام يأمل أن يُشكِّل هذا التعيين الخطوة الأولى نحو مشاورات شاملة تهدف إلى تشكيل حكومة تكنوقراطية واسعة القاعدة. وفي اليوم نفسه أصدر رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي بيانا افاد فيه انه احيط علماً بتعيين الدكتور كامل الطيب إدريس رئيساً للوزراء في جمهورية السودان. وأشاد البيان بهذا التعيين باعتباره خطوة نحو حوكمة شاملة. وعبر عن أمله في أن يُسهم بشكل فعّال في الجهود الجارية لاستعادة النظام الدستوري والحكم الديمقراطي في السودان. وحث جميع أصحاب المصلحة من السودانيين على مضاعفة جهودهم لتحقيق انتقال سلمي شامل بقيادة مدنية. وأعرب عن استعداد مفوضية الاتحاد الإفريقي لدعم السودان في هذا الصدد بالتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين. أين بيان الرباعية من هذا! وأين المطالبة ان تكون عملية الانتقال في السودان “غير خاضعة لسيطرة أي طرف متحارب” من هذا الاعتراف الاممي والافريقي بخطوة جوهرية اتخذتها سلطة الأمر الواقع!
قد يقول قائل انه ينبغي بدلا من دراسة موقف الرباعية ككل أن ننعم النظر في موقف الامارات خصوصا كونها الفاعل الأجنبي الأهم في الساحة السودانية، ونقدر انها بقبولها هذه الصيغة فإنما هي قد وافقت على اقصاء الدعم السريع من أي دور مستقبلي. غير اننا نقول وهل للدعم للسريع أصلا دور تقر به المواثيق الدولية او يعترف به مجلس الامن او الاتحاد الافريقي او يقبله الشعب السوداني حتى يقال ان الدعم السريع تنازل عنه. ان ما ترمي اليه الامارات ليس ان تقر بتنازل الدعم السريع، وانما هي ترجو ان يقصى الجيش من قيادة العملية السياسية كونه بتوليه لها لن يكون لحلفائها من موالي الدعم السريع فيها نصيب. وهذا الاقصاء ليس من شأن المجتمع الدولي. ذلك انه لم ينتج عن عيب في “مبدأ الضرورة” الذي بموجبه تتولي الجيوش سلطة الامر الواقع عند حدوث انهيار دستوري في أي مكان في العالم. بل هو نتيجة الخيار السياسي لهؤلاء، الذين آثروا الوقوف مع “المجموعة شبه العسكرية”، “المليشيا”، التي تمردت على الجيش وحاربته، واخرجت المواطنين من ديارهم وأموالهم، وسفكت الدماء وانتهكت الحرمات، وقتّلت من يأمرون من الناس بالقسط. ومن ثم أبغضها الشعب وأباهم. وننقل للمسألة الثانية التي هي ان مستقبل السودان لا يمكن ان تحدده “الجماعات المتطرفة العنيفة او تلك المرتبطة بشكل واضح بجماعة الاخوان المسلمين”.
إن تصنيف أي جماعة على أنها متطرفة أو إرهابية لا يلزم المجتمع الدولي إلا إذا صدر بموجب قرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع، كما حدث مع «داعش» و«القاعدة». وحيث إن جماعة الإخوان المسلمين ليست مصنفة إرهابية من الأمم المتحدة، فهي كذلك غير مصنفة من الاتحاد الإفريقي أو الجامعة العربية أو الاتحاد الأوروبي. وللدول أن تصنّف على المستوى الوطني من تشاء، غير أن تصنيفها لا يلزم غيرها. وحتى على هذا المستوى لم تصدر عن الدول الغربية الكبرى تصنيفات لجماعة الإخوان كجماعة إرهابية؛ فأمريكا وأوروبا لم تصنّفها، وما صدر كان تصنيفات لخصوم سياسيين، بدأ بمصر عام 2013 بعد أحداث رابعة، ثم الإمارات والسعودية والبحرين عام 2014، وكانت روسيا قد حظرتها عام 2003 تضامناً مع موقف سوريا الأسد. بل إن إسرائيل نفسها لم تحظرها إلا عام 2015. وما فعلته الأردن في أبريل 2025 كان حظر أنشطة الجماعة ومصادرة ممتلكاتها لأنها لم تعد جمعية قانونية، لا تصنيفها كجماعة إرهابية.
ان النص على الإخوان المسلمين في بيان لمجموعة دولية والمطالبة بإقصائهم عن تشكيل مستقبل السودان هو موقف لا علاقة له بخيارات السودانيين ولا مسيرة فترتهم الانتقالية، بل يعكس هواجس سياسية داخلية للجهات التي صاغت البيان، لا شأن للسودانيين بها. ومصر تحديداً لا تقبل الخلط بين الإسلاميين السودانيين والإخوان لديها، وشواهد ذلك أكثر من أن تحصى. ومن ثم ربما تكون مسألة حظر الإسلاميين السودانيين من المسائل التي تمايز فيها الموقف المصري عن الموقف الاماراتي في اجتماعي ابريل ويوليو الماضيين. ومن أسف أن الولايات المتحدة أدرجت الدكتور جبريل إبراهيم وكتائب البراء على قائمة العقوبات لكونهم «فاعلين إسلاميين» ولدورهم في الحرب، دون أن تنسب إليهم عملاً إرهابياً واحداً. وهذا ما يناقض القانون الدولي، بل وقانون الولايات المتحدة ذاتها التي تعتبر القانون الدولي جزءاً من قانونها الداخلي. وليت حكومة السودان تطعن في قرار وزارة الخزانة الأمريكية أمام المحاكم الأمريكية كونه يعاقب دكتور جبريل وكتائب البراء بناء على الأسباب الواهية التي ساقها.
ما هي الأسباب اذن التي دفعت الرباعية لإصدار هذا البيان الذي لا علاقة له بالدبلوماسية او القانون الدولي. ومن الواضح انه ليست لمصر او للسعودية في ذلك البيان من أرب. والاختلافات التي أدت لإفشال الاجتماعين السابقين خير دليل. ومن ثم فعلينا ونحن نبحث عن الأسباب والدوافع ان نتفحص الموقف الأمريكي الاماراتي.
لم يكن الالحاح الأمريكي الاماراتي لإصدار هذا البيان لدوافع خيرية. فالسودان أصبح ساحة تنافس دولي. فروسيا تسعى لقاعدة بحرية في بورتسودان، والصين مهتمة بالموانئ والذهب. وواشنطن تخشى أن يترك فراغ السلطة المجال لخصومها لترسيخ نفوذهم على البحر الأحمر، وهو ممر استراتيجي عالمي للتجارة والطاقة. ومن ثم فان دعم عملية انتقالية “تحت إشراف الرباعية” يمنح أمريكا وحلفاءها (خصوصاً الإمارات والسعودية) القدرة على ضبط مسار الأحداث ومنع تمدد النفوذ الروسي/الإيراني. ومن اشراط ذلك إقصاء الإسلاميين وإيجاد نظام تابع يمكن التعامل معه اقتصاديًا وأمنيا ويعد حليفا للغرب يساعد في كسب مواقع استراتيجية في سباق النفوذ في إفريقيا. اما الحديث عن “الديمقراطية” و”الحكم المدني” ففي عهد ترامب لا يعدو ان يكون الا تغليفا لهذه المصالح بلغة مقبولة دوليًا ويُسهل تسويقها للرأي العام الغربي، لكنه ليس بالضرورة الدافع الأساسي.
ولابد من ان نلحظ فوارق أساسية في السياسة الامريكية تجاه السودان بين عهدي بايدن وترامب جعلت بيان الرباعية ممكنا. فبينما كانت إدارة بايدن تركز على استعادة الحكم المدني، وانجاح الانتقال؛ فان سياسة ترامب تركز على الاستقرار، الأمن الإقليمي، مكافحة النفوذ الخارجي، وحماية البحر الأحمر. وهذه هي الدوافع الراجحة التي جعلت الولايات المتحدة تفكر في دعوة الرباعية وتلح. وفيما كانت أمريكا في عهد بايدن توجه خطابها للمجتمع المدني السوداني، القوى الديمقراطية، والناشطين الشباب، فان أمريكا ترامب تخاطب الفاعلين الإقليميين (الإمارات، السعودية، مصر). ومن ثم فان دعوة هؤلاء والتنسيق معهم هو الأهم بالنسبة لإدارة ترامب. كما ان إدارة ترامب ظلت تعطي الجيش احترامه كسلطة أمر واقع. فعمليا هي تعترف به لاعبا لا غنى عنه. هذا بينما كان هم إدارة بايدن هو الضغط المتكرر على الجيش لإعادة عبد الله حمدوك والحكومة المدنية بعد أكتوبر 2021 ثم لضمان تفكيكه وتنفيذ الاطاري. غير ان انفتاح إدارة ترامب أكثر على الجيش يقابله أيضا انفتاح على الدعم السريع. فبينما كانت إدارة بايدن تنحو الى اعتبار الدعم السريع طرفاً مسؤولاً عن بعض الانتهاكات الكبرى، خاصة مجزرة اعتصام القيادة 2019، فان إدارة ترامب – وكما ظهر من بيان الرباعية – لا تتعامل مع الدعم السريع فقط كقوة تحمل السلاح لابد من اشراكها في ترتيبات وقف إطلاق النار، بل تتفق مع الامارات على انه لابد من ان ترتبط موافقة الدعم السريع على وقف إطلاق النار بدور سياسي. ومن ثم أضحى بيان الرباعية ومنطقه المعوج ممكنا في ظل إدارة ترامب.
وأخيرا ما هو حظ هذا الخط الجديد للرباعية في ان يكون مستداما، وماذا ينبغي للسودان ان يفعل ليواجهه. ان فرصة هذا التوجه الجديد للرباعية في ان يكون نهجا مستداما تتبناه مؤسسات الدبلوماسية الجماعية، خاصة الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي، تعد معدومة في الوقت الراهن. فطبيعة العمل في مجلس الأمن تقوم على التوافق او على الأقل ضمان عدم وجود فيتو من الدول الخمس دائمة العضوية. وقد حدث ذلك في أكثر من حالة مؤخرا. ومن ذلك محاولة مجلس الامن في 18 نوفمبر 2024 استصدار قرار ملزم للطرفين بوقف العدائيات التي اوقفتها روسيا مستخدمة حق النقض، كونها تمثل تدخلا في الشأن السوداني وتمنع القوات النظامية من التصدي للمتمردين. ومثل ما حدث مؤخرا عند تجديد نظام العقوبات على دارفور. ومن ثم فشل الغرب في انفاذ أي تغيير في سياسة مجلس الامن تجاه السودان. عليه فان المرجح ان مجلس الامن لن يتبنى في القريب العاجل موقف الرباعية الجديد، لأن روسيا والصين سترفضان هذا الخط باعتباره “تدخلاً في السيادة”. كذلك فان الاتحاد الافريقي سيرفض نهج الرباعية الجديد لتعارضه مع تقاليد العمل الجماعي الافريقي التي تعول على الجيوش الوطنية لإدارة الانتقالات السياسية وترفض الاقصاء السياسي. وقد ظل موقف الاتحاد الثابت بشأن السودان هو الدعوة لما يسميه “الحل السوداني للأزمة السودانية” القائم على التشديد على رفض الإقصاء الجماعي، وعلى ضرورة إدارة انتقال متفق عليه بين القوى السودانية.
غير انه لا ينبغي للسودان ان يركن لذلك ولا يحرك ساكنا. فاذا ما حدثت متغيرات سالبة على الأرض ميدانيا او سياسيا فان الدول والمنظمات ستوائم موقفها بناء على المستجدات. اما إذا استمر تقدم الجيش الراهن في كردفان، واستمرت الفاشر في الصمود (على الأقل)، وإذا نجح الشعب السوداني وفي مقدّمته قوى مدنية ذات مصداقية ومقبولية في تنفيذ انتقال شفاف، فستتراجع فرصة قبول خط الرباعية كخط دولي. بل قد تُنقلب الرباعية (أو على الأقل تُخفّف لهجتها) لصالح قبول مسار داخلي يديره الجيش، ولا يستبعد فيه الأفراد على أساس التوجه السياسي.
والله غالب على امره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

اترك رد

error: Content is protected !!