الرأي

الذكرى ال 114لمعركة دروتي الشهيرة – 9/ نوفمبر 1910م

السلطان بحرالدين ابكر إسماعيل الشهير بأندوكة قائد المقاومة الثانية في (دروتي)

د. محمد احمد آدم

دروتي معركة تاريخية وفاصلة في تاريخ سلطنة دارمساليت والإمبراطورية الفرنسية فقد كتب عنها (ميلارد) الذي خلف الكولونيل(مول) قائد القوات الفرنسية في دروتي (كان المساليت اعداء شجعان ومقاتلين شرسين ويثيرون الرعب في النفوس وكانت مقاومتهم مقاومة وطنية حقه) وأوصى بإيقاف الحرب على المساليت بعد واقعة دروتي
التاسع من نوفمبر من عام 1910م مشهد تاريخي من مشاهد المعارك الوطنية والبطولية النادرة في القارة الافريقية والسودان الغربي وسلطنة المساليت في تاريخها الكفاحي وتصديها للإستعمار الأوروبي المتمثل في الإمبراطورية الفرنسية الغازية
وتعتبر معركة دروتي إحدى ركائز الصحوة الإفريقية للمقاومة الشعبية التي إنطلقت من دارمساليت بقيادة البطل المجاهد السلطان الشهيد محمد تاج الدين ورفاقه الذين تصدوا للحملات الفرنسية المتكررة على دارمساليت منذ أن توغلوا في إفريقيا في صمود لم يشهده التاريخ فكانوا أشداء كالصخور التي تحطمت عندها احلام اوروبا وأطماع فرنسا الإستعمارية
(دروتي) إسم لإحدى قرى دارمساليت تقع شرق مدينة الجنينة عاصمة السلطنة والتي تبعد عنها حوالى عشرين كيلومتر وبها ميدان كبير يعرف بميدان دروتي دارت فيه المعركة
كما أن معركة دروتي لم تكن وليدة لحظة أومحض صدفة اوغزو عابر بل كانت هنالك ظروف وأسباب أدت الى قيامها وهي المعركة الثانية لدارمساليت ضدالغزو الفرنسي على أراضيها عقب المعركة الأولى التي وقعت أحداثها في الرابع من يناير من عام 1910م بقرية (كرندنق) التي تقع على الضفة الشرقية لوادي كجا حيث منيت فيها فرنسا بالهزيمة في مستهل زحفها الأول تجاه دارمساليت بعد أن إستولت على سلطنة الوداي في العام 1908م وعاصمتها(أبشي) في عهد السلطان دودمرة وقتل قائد الحملة الفرنسية الاولى لدار مساليت العقيد(فيقنشو) في كرندنق وأبيد الجيش الفرنسي ولم ينجو منهم إلا الذي فر بجلده وأطلق ساقيه للريح ليبلغ القيادة الفرنسية بأبشي بالهزيمة التي لحقت بهم في دارمساليت لذلك خطط الجيش الفرنسي لهذه المعركة تخطيطآ محكمآ ومدروسآ وهي أشبه بحملات الدفتردار إنتقامآ لقتلاهم وتأديبآ للمساليت وإدخالهم في حظيرة الإستعمار الفرنسي ونفوذه ومن أجل تحقيق الأهداف جاءت هذه الحملة ووقعت أحداث المعركة بعد عشرة أشهر من المعركة الأولى والتي أحدثت انذاك صدى إعلاميآ دوليآ وأوروبيآ وفي فرنسا على وجه التحديد حيث تناولت الصحف الفرنسية أخبار هزيمة الجيش الفرنسي في دارمساليت والقت بالائمة على الحكومة الفرنسية وحملتها ماحدث للجيش الفرنسي من هزيمة مما جعل البرلمان الفرنسي يعقد جلسة طارئة ويقرر زيادة الدعم للجيش الفرنسي في كافة محاوره المختلفة وأسندت مهمة قيادة الحملة الفرنسية الثانية على دارمساليت للكولونيل(مول) قائد القوات الفرنسية في إفريقيا وحاكم أراضي تشاد
ومواجهة دارمساليت للإمبراطورية الفرنسية لم تكن متكافئة في كلا المعركتين فقد كان جيش المساليت يتسلح بالأسلحة البدائية في مواجهة أحدث ماجادت به المصانع الأوروبية من الأسلحة والذخائر والمدافع لدى الجيش الفرنسي إلا أن روح المقاومة لدى جيش المساليت كان أقوى وإستطاع أن يلحق بفرنسا هزيمة ساحقة وثانية في دروتي وتحطمت الالة الحربية الحديثة أمام (الحربة والسفروك)
عقب الإنتصار الذي حققه جيش المساليت على الجيش الفرنسي الغازي في كرندنق بقيادة السلطان تاج الدين وإستشهاد الألاف من جيشه إهتزت مكانة فرنسا وسمعتها بين الدول الإستعمارية وبدأ السلطان تاج الدين يعد العدة ويرتب صفوف جنده ويعيد قراءة خططه الحربية وهو القائد العالم ببواطن أمور الحرب وخبيرها الإستراتيجي الذي يعلم علم اليقين أن الفرنسيين لن يسكتوا على فاجعتهم وهزيمتهم في كرندنق سيكرون على دارمساليت مرة أخرى إنتقامآ لقتلاهم وحفاظآ على سمعة فرنسا بين رصيفاتها من الدول الإستعمارية
بعد أن أكمل السلطان تاج الدين كافة الإستعدادات للمواجهة الحتمية مع الجيش الفرنسي وأصبح جيش المساليت مستعدآ لخوض أي معركة وصلته أخبار تفيد بأن الجيش الفرنسي دخل دارمساليت وعسكر بقرية (قلاني) التي تقع من الناحية الغربية للسلطنة دون سابق إنذار فتحرك السلطان تاج الدين بجيشه من دروتي لصدهم حتى وصل وادي (تانمي) بوادي (راتي) جنوب الجنينة وتوغل الجيش الفرنسي داخل دارمساليت عن طريق منطقة (ديسة ) غربآ وعبروا بوادي كجا الى ان وصلوا قرية تباريك التي تقع شرق الجنينة والتي قتلوا فيها ثلاثة أشخاص ثم واصلوا زحفهم الى أن وصلوا دروتي وفرضوا عليها حصارآ عسكريآ خانقآ ولكن لم يجدوا فيها سوى القليل من النساء وكبار السن والأطفال إلا أن أحاسيسهم الجياشة ذهبت مع ركب تاج الدين لتنال شرف الملحمة فقبضوا على شخص يسمى (قندول) أحد حاشية السلطان تاج الدين وسألوه الى أين هرب السلطان تاج الدين فرد لهم قائلآ سيدي لم يهرب(بقابلكم باكر) أي غدآ وهو يعلم ما أعده تاج الدين وعازم على تحقيقه وهو النصر على الفرنسيين وفي تلك الأثناء ومن وادي (تانمي) بوادي (راتي) كر تاج الدين عائدآ بجيشه زاحفآ صوب دروتي لملاقاة الجيش الفرنسي فوصل جبل (كركري) شرق الجنينة وعسكر به ليلة واحدة وفي صبيحة اليوم الثاني إنطلق تاج الدين بجيشه نحو دروتي وفي زحفه توقف بالجيش ثم ترجل من جواده وأم الجيش وصلى بهم ركعتين وخطب فيهم خطبته المشهورة (يا أيها الناس الجنة جاءنا بالبيت المجاهد في سبيل الله فليمضي معنا والذي لم يرغب في الجهاد فليرجع ) فلم يرجع منهم أحد بل كبروا الله وعقدوا العزم على الجهاد وعلت صيحاتهم داوية وعم صداها الأكوان وتجاوبت معها كل الأرجاء معلنة ميلاد فجر جديد فكان النصر وكان التاريخ
ثم طلب السلطان تاج الدين شخص يسمى(باسني دود) وقال له خذ السلطان (دودمرة) وجماعتة الى مكان بعيد لأنه ضيفنا ولايمكن للضيف أن يحارب معنا والسلطان دودمرة سالف الذكر سلطان دار وداي عندما أسقط الفرنسيين سلطنتة وإستولوا عليها ونصبوا مكانه ابن عمه أصيل لجأ دود مرة إلى دارمساليت وإلى السلطان تاج الدين لما بينهم من ود وصداقة ومكث بدارمساليت عامآ كاملآ معززآ مكرمآ وإنطلق زحف تاج الدين الى أن وصل قرية (أبوسوقة) وقد علم الكولونيل مول أن تاج الدين يتعقبهم فظل معسكرآ في دروتي ونصب مدافعه ووزع جنوده للقاء تاج الدين وجيشه في معركة مصيرية وحوالي الساعة التاسعة صباحآ من فجر يوم التاسع من نوفمبر من عام 1910م وصل تاج الدين بجيشه الى دروتي وإقترب من معسكر العدو وعلا غبارآ كثيفآ فسارع الجيش الفرنسي في تنظيم صفوفه للمواجهة واصدر (مول) تعليماتة بعدم إطلاق النار مالم يقترب تاج الدين وجيشه من المعسكر ولكن حدث مالم يكن في حسبان الجيش الفرنسي فقد أطل تاج الدين بجيشه على مقربة منهم ومعه الف فارس وعقداء الخيل والراية والمشايخ أما الرؤساء في المؤخرة ووراءهم ثلاثة آلاف وهم منقضون على الزريبة التي تحصن بها الجيش الفرنسي وعلى مقدار إرتداد الطرف أطبق جيش المساليت على مربع العدو وإخترقه من وجهيه ولم تستطيع مدافع (المتريوس) أن تطلق أكثر من أربعة طلقات فأمر مول جنوده بالإنسحاب الى ماوراء الزريبة التي إمتلئت بجيش المساليت وأعاد الجيش الفرنسي تنظيم صفوفه وفشل ضارب (اليونتان)(جولي) الذي كان يسعى لجر المدافع وكان مول واقفآ وسط جيشه وأركان حربه فحول جيش المساليت هجومه نحوه وبعد مدافعة شديدة أصيب (مول)بثلاثة جراح في رقبته اردته قتيلآ في النقطة التي كانت تنسحب إليها العساكر فأعاد الجيش الفرنسي تنظيم صفوفه مرة أخرى سريعآ وعادت رحى الحرب فأفنوا جيش المساليت فناءآ ثم تراجع الجيش الفرنسي الى الوراء وهجم على الزريبة إستطاع أن يستردها من جيش المساليت بعد إستشهاد الكثير منهم وعند تمام الساعة التاسعة مساءآ أطلق الكبتين(شفالي) ثلاثة طلقات مدفع لجمع الفارين من بقايا الجيش الفرنسي من أرض المعركة وقد إبتعدوا عنها مسافة خمسة وثلاثين كيلومتر بقيادة الكبتين(أرنو) ولم يستطيعوا الرجوع إلى أرض المعركة التي إمتلئت بجثث الشهداء وإمتدت حتى قرية (فرولي) في واحدة من أقدس المعارك وأشهرها في تاريخ دارمساليت وقد شبعت الطير من لحوم أجسادهم في يوم دروتي وعجزت عن الطيران
وأثبتت معركة دروتي جسارة شعب دارمساليت في الدفاع عن أرضه وقد ضم ركب الشهداء في دروتي من أبناء السلطان أبكر (عمر وعبدالله والزين وعزالدين) بجانب إستشهاد (أبوه باسي والفكي علي وحسين) وقتل (جرمة أبوسكين الوداوي) الذي جاء مع الفرنسيين من (فورلامي) العاصمة التشادية سابقآ كما إستشهد وزير دفاع جيش المساليت القائد (داؤود بوبلي) وقائمة شهداء معركة الشرف في دروتي تطول ولايسع المجال لذكرهم في هذه المساحة بل سنفرد لهم مساحات توثيقية لتقرأ الأجيال تاريخهم وتضحياتهم في سبيل الوطن جيلآ بعد جيل وتم القضاء على الجيش الفرنسي بالإضافة الى العساكر السود من المرتزقة الذين إستجلبهم الجيش الفرنسي لمعركة دروتي
لقد إنهار الجيش الفرنسي إنهيارآ كبيرآ عقب مقتل الكولونيل مول وتملكهم الرعب وأسفرت المعركة عن إنتصار ثاني وكبير لجيش المساليت على الجيش الفرنسي في إفريقيا وفي دارمساليت التي إستطاعت أن تحمي ظهر السودان الغربي من الأطماع الفرنسية وتوسيع نفوذها الإستعماري داخل السودان والوصول الى سفوح جبل مرة التي كان ينوي لها إلا أن نشوة الإنتصار والفرح لم تكتمل في ذلك اليوم لما يخبئه القدر للمساليت وبعد هروب ماتبقى من فلول الجيش الفرنسي بحثآ عن طرق النجاة والعودة الى أبشي كان هناك جنديآ جريحآ طريحآ على الأرض لا يستطيع القيام ولم يقوى على الهروب تحت شجرة (المخيت) وبينما تاج الدين يتنقل في أرض المعركة متفقدآ الشهداء والجرحى رأه الجندي الجريح وظن أن تاج الدين قادمآ اليه فأطلق عليه رصاصات أصابتة في مقتل وسقط شهيدآ في مكان يعرف (بخور) أي مجرى ماء صغير ملبيآ نداء ربه ظل مدافعآ عن بلده منذ نعومة أظفاره الى أن جاء يوم دروتي ليختاره الله شهيدآ في ملحمة تجسدت فيها معاني التضحية والفداء وأخذ القدر من المساليت بطلآ وقائدآ شجاعآ وتحول الفرح الى حزن رغم الإنتصار ونعاه الناعي(الموت في دروتي حي سيدي محمد حي بندقية كرمبل حي ابطيرة معمر حي) معلنآ نبأ إستشهاد تاج الدين بعد أن حقق نصرآ غاليآ على الجيش الفرنسي قاتلهم في كرندنق بخطة حربية ناجحة وإنتصر عليهم كما قاتلهم في دروتي بإستراتيجية عسكرية فريدة وكتب النصر لدارمساليت على الإمبراطورية الفرنسية وبكته دارمساليت فارسآ وإعترفت فرنسا بشجاعة تاج الدين وخبرته في قيادة الحروب ودهاءه وأن تاج الدين البطل الإفريقي الذي قاد نضال شعب دارمساليت في مواجهة الغزو الفرنسي لبلده وإستطاع أن يلحق بهم الهزائم المتتالية ويسجل الإنتصارات الكبيرة والمتلاحقة لدارمساليت على فرنسا
وتميزت معركة دروتي بمشاركة نوعية لأبرز قادة الجيش الفرنسي الذين بلغ عددهم تسعة وعشرين قائدآ فرنسيآ بالإضافة الى الكولونيل مول قائد الحملة الفرنسية خمسة منهم برتبة (الكبتين) وجميعهم لقوا حتفهم في دروتي وفصلت رؤسهم عن أجسادهم بما فيهم (مول)
عقب إستشهاد السلطان تاج الدين قاد جيش المساليت أبن أخيه الأمير محمد بحرالدين أبكر إسماعيل الشهير بأندوكة وأصبح سلطان على دارمساليت والقائد الأعلى للجيش وقائد المقاومة الثانية في دروتي وجميع قادة الجيش والعقداء تحت قيادته وتفرق جيش المساليت بعد مقتل تاج الدين مما مكن ماتبقى من الجيش الفرنسي من إستعادة قوتهم وإسترداد مدافعهم وباتوا في دروتي ليلة واحدة يوم هزيمتهم وفي صبيحة اليوم الثاني للمعركة علم السلطان بحرالدين بوجود بقايا من الجيش الفرنسي فحاول القضاء عليهم وعندما شاهد الجيش الفرنسي المشاه من جيش المساليت قادمين نحوهم صعدوا جبل (أكواري) وأمطروهم بوابل من الرصاص وقتلوا العديد منهم وفروا وإنقسموا إلى فرقتين فرقة تحركت من الناحية الشمالية ووصلت أبشي عن طريق (قريضة) والفرقة الثانية تحركت من الناحية الغربية عن طريق (كمادونقي) وهذه الفرقة قضى عليها جيش المساليت دون أن يعود منهم أحد وأصبحت دروتي ملهمة وحاضرة في الأدب الشعبي والغناء فقد تغنى الفنان الكفيف والمبدع سنين رزق بإبداعه المتفرد لأبطال دروتي وإنتصارهم ووصف حالة الجيش الفرنسي والهزيمة التي لحقت بهم وتقول الأغنية
كلو كجم كلو كجم
زمن (دروتي) لمن طير شبع
(كبتين) جرى
عسكر ورا
كلو كجم كلو كجم
(جبادين اللجم)
زمن (دروتي) لمن طير شبع
تبلديه وقعت
زمن دروتي
كما وجدت طريقها الى الشعر حيث تناولها كبار شعراء السودان وإفريقيا وخلدوها في أشعارهم شعرآ رصينآ ووصفآ جميلآ إعجابآ بتضحيات تاج الدين ورفاقه كشاعر إفريقيا الأول المولود بمدينة الجنينة في مطلع العام 1930م في قصيدته بعنوان (مقتل السلطان تاج الدين ) بجانب تناول الشاعر المبدع والملهم إبن فاشر ابو زكريا الشاعر الفذ عالم عباس في قصيدته بعنوان (سوميت بنات درجيل) بالإضافة الى إهتمامات الباحثين والمؤرخين والكتاب الذين تناولوها في بحوثهم وكتاباتهم
معركة دروتي تفردت بخطة حربية محكمة وضعها السلطان تاج الدين لمنازلة الجيش الفرنسي والتنسيق التام بين القادة وكل فرق جيش المساليت مما كان له الأثر في تحقيق الإنتصار في معركة وصفت بالأقوى في تاريخ الإستعمار الفرنسي والكفاح التحرري لدارمساليت وأعادت الثقة لجيش المساليت بعد إنتصارهم الأول وزادت من قوة حماسهم لخوض مزيد من المعارك في مواجهة الجيش الفرنسي وستظل دروتي صفحة ناصعة ومشرقة في تاريخ دارمساليت البطولي وشعلة مضيئة في طريق الكفاح واجب الوقوف عندها وإعادة قراءتها مرة أخرى وإستخلاص الدروس والعبر منها لواقع دارمساليت في مرحلتها الأنية والمفصلية من تاريخها وتاريخ شعبها المكافح من أجل التحرر وإسترداد الحرية
وتمخضت عن معركة دروتي نتائج عدة
كانت مفاجئة ليس للحكومة الفرنسية وإنما للقوى الأوروبية بشكل عام خاصة وأن هذه المعركة تميزت ظاهريآ بعدم توازن القوة بين الجانبين فقد إعتمد المساليت على أسلحة بدائية بيضاء مقارنة بالأسلحة المتقدمة التي كانت لدى الجيش الفرنسي وتمثل عنصر المفاجئة الأخر في أسلوب التكتيك الحربي الذي إستخدمه قادة المساليت في الإيقاع بالجيش الفرنسي في هذه المعركة
أظهرت المعركة قوة إقليمية جديدة في غرب إفريقيا هي سلطنة دارمساليت التي برزت كمناويء للقوى الفرنسية والأوروبية على القارة وأعطى ذلك إظهار سمعة وقوة وحنكة قيادات سلطنة المساليت وفي مقدمتهم الشهيد السلطان تاج الدين وترتب على ذلك تقليص النفوذ الفرنسي في المنطقة والحيلولة دون توسيع إنتشار الحضارة والنفوذ الأوروبي في المنطقة وحجمت خارطة النفوذ الفرنسي لتنتهي في تشاد
إستشهاد السلطان تاج الدين في المعركة أعطى نموذج للقيادات الوطنية ليس في دارمساليت فحسب بل في السودان عامة وإمتداد الممالك الغربية في إفريقيا بصفة خاصة مما أدى إلى إعلاء الروح المعنوية والوطنية لمقاومة النفوذ الأجنبي بشكل عام في القارة
قويت شوكة السلطنات والممالك الغربية خاصة بعد معركة دروتي التي جعلت من الشهيد السلطان تاج الدين الزعيم الإفريقي الذي إستطاع أن يهزم الإمبراطورية الفرنسية في معركتين متتاليتين بروز دارمساليت كقوة سياسية وعسكرية في المنطقة أجبرت إنجلترا والحكم الثنائي في السودان التعامل بدرجة عالية من الإحترام والتقدير للقيادة الجديدة في دارمساليت بقيادة السلطان بحرالدين والإمتثال في تعاملهم مع مواطني هذه المنطقة عبر السلطان والخضوع لتوجيهاته ورؤاه في إدارة شأن سلطنته رسم خارطة جغرافية وبشرية جديدة للسودان بإنضمام دارمساليت اليها حدودآ وكيانآ بشريآ دون أن يحول وجود إمتداد إثني للمساليت في تشاد تحت مؤثرات ذلك البلد الثقافية والأجتماعية
دروتي معركة وطنية في معين التاريخ السوداني المليء بالبطولات الوطنية المجيدة والأحداث التاريخة الهامة والتي جلها لم تجد حقها في كتب التاريخ والتراجم السودانية ومناهجها الدراسية المختلفة مما يتطلب النظر الى تاريخ السودان نظرة نقدية وإعادة قراءته وكتابته مرة أخرى
خالص التحايا لشهداء دروتي الكرام في يوم ذكراهم المجيدة والتحية لكل شهداء بلادي على إمتداد ربوع دارمساليت والسودان وإفريقيا والتحية لكل شهيد قهر الظلم وسقط مدافعآ عن وطنه وترابه
ولتحيا ذكرى دروتي الشهيرة
السبت
التاسع من نوفمبر 2024م
د/ محمد احمد ادم
باحث إعلامي

تعليق واحد

اترك رد

error: Content is protected !!