
مع تسارع الرقمنة، أصبح الدفع الإلكتروني حجر الزاوية لأي اقتصاد حديث، فهو يسهل المعاملات المالية، يعزز الشفافية، ويقلل من تداول النقود الورقية، بالإضافة إلى دعم الشمول المالي وتحفيز الاقتصاد الرقمي. في السودان، هناك عدة جهات تلعب دورا محوريا في دفع هذه المنظومة:
• وزارة المالية: تتحمل مسؤولية وضع السياسات المالية العامة والأطر التشريعية التي تدعم الدفع الإلكتروني، وضمان دمجها ضمن خطط الحكومة الرقمية. دورها محوري في تحديد الضوابط والإشراف على التحويلات الحكومية والخدمات العامة.
• بنك السودان: الجهة المسؤولة عن الاستقرار المالي والرقابة على المدفوعات الإلكترونية. يملك البنك السلطة لإصدار التراخيص لشركات الدفع والإشراف على التزامها بالقواعد، مما يضمن أن جميع المعاملات الرقمية تتم ضمن إطار تنظيمي حكومي واضح وآمن، بآليات رقابة فاعلة وقوية.
• المصارف: جسر بين النظام المالي الرقمي والعملاء، توفر الحسابات الرقمية، تسهّل التحويلات الإلكترونية، وتربط خدمات الدفع الإلكتروني بالشركات والأفراد.
- وزارة التحول الرقمي والاتصالات واذرعها الثلاثه جهاز تنظيم الاتصالات والمركز القومي للمعلومات والمصادقة الإلكترونية. منوط بها توفير البيئة الآمنة والسريعة لتبادل المعلومات والبيانات وتنظيم العلاقة مع المؤسسات العاملة في الدفع الإلكتروني، بما لديها من سلطات رقابية.
• شركات الاتصالات: تلعب دور الوسيط الحيوي في تسهيل الدفع عبر الهاتف المحمول، خصوصا في المناطق التي تعاني من ضعف الوصول إلى البنوك، مما يوسع قاعدة المستخدمين ويزيد من سرعة اعتماد المدفوعات الرقمية.
• شركات الدفع الإلكتروني: تقدم الحلول التقنية للبنية الرقمية للمعاملات، من المحافظ الرقمية إلى المدفوعات عبر الإنترنت والتجارة الإلكترونية، مع التركيز على تجربة المستخدم والابتكار المستمر.
من الملاحظ أن هناك تداخل في السلطات أحيانا، مثل قيام جهة رقابية بتأسيس شركات منافسة في القطاع، مما قد يعيق نمو السوق ويحد من فعالية السياسات الرقمية، كما أن السياسات التحفيزية غير متوفرة بالشكل المطلوب، ففي كل الدول التي نجحت في الانتقال إلى الدفع الإلكتروني، يتم تخفيض رسوم الخدمة الرقمية مقارنة بالدفع النقدي الورقي، بينما في السودان غالبا تكون الكلفة مساوية أو أعلى، مما يبطئ انتشارها ويقيد التحول الرقمي.
غالب الدول التي تمكنت من تجاوز التحديات قامت بتعزيز التنسيق والحوكمة، لذا نعتقد من الضروري تأسيس هيئة عليا للمدفوعات برئاسة رئيس مجلس الوزراء، تضم ممثلين عن وزارة المالية، وزارة التحول الرقمي والاتصالات، بنك السودان، المصارف، شركات الاتصالات، وشركات الدفع الإلكتروني. تهدف هذه الهيئة إلى وضع الاستراتيجيات الوطنية، متابعة التنفيذ، وضمان تكامل جهود جميع الجهات، مما يدفع من فعالية النظام الرقمي ويضمن استدامته.
التحول إلى الدفع الإلكتروني لن يقتصر على تسهيل المعاملات فحسب، بل سيقلل بشكل كبير من التكاليف الطائلة التي تُصرف على طباعة العملة، ونقلها، وتأمينها. فكل جنيه يُصرف على المدفوعات الرقمية يعود إلى الاقتصاد بدلا من أن يختفي في تكلفة إصدار النقد، ويحسن إدارة الموارد المالية للدولة، ويحول الأموال الضائعة إلى استثمار حقيقي في الخدمات والبنية التحتية الرقمية.
عندما تعمل وزارة المالية وبنك السودان والمصارف وشركات الاتصالات والدفع الإلكتروني بتكامل تحت إشراف هيئة عليا للمدفوعات، يتحقق الانتقال من اقتصاد نقدي جزئي إلى نظام مالي رقمي متكامل، يعزز الشفافية، ويدعم نمو الاقتصاد الرقمي، ويضع السودان على خريطة الدول التي تمكن مواطنيها من إدارة أموالهم بسهولة وأمان.
في العمود القادم من ‘آفاق رقمية’، سنتناول دور المنظمات العالمية في دعم مسيرة التحول الرقمي بالدول.
احسنت النشر بروف أهم نقطة تحديد المشكلة ووضع حل المشكلة …وهي كل الجهات المذكورة تحت مظلة عليا للمدفوعات