الرواية الأولى

نروي لتعرف

هوامش / د. كرار التهامي

الحكومة التي يستحقونها … خمسة ملامح تستحق المساندة وعشرة إشكالات في الطريق …

السفير د. كرار التهامي

٤-٧ -٢٠٢٥

في مقال سابق بتاريخ ٥-٥-٢٠٢٥ وبنفس هذا العنوان كتبت عن ماهية الحكومة التي يستحقها الشعب السوداني ,,, وفكرة “الحكومة التي يستحقونها” وردت في كتاب بالإنجليزية للمفكر الراحل منصور خالد بعوان :

‏ “The Government They Deserve “

يتناول دور النخب السودانية في التطور السياسي

▪️والعبارة ليست من بنات افكار منصور فهي كانت متداولة في ادبيات السياسة منذ عقود طويلة قالها ونستون تشرشل قبل سبعين عام “كل شعب في العالم ينال الحكومة التي يستحقها.” وسبقه توماس جيفرسون الرئيس الأمريكي الذي قال “كل أمة تنال الحكومة التي تستحقها “وقبلهم بأكثر من مائتي عام قالها الفيلسوف الليبرالي المنظر للملكية الفرنسية بعد اختلاج واضطراب الثورة جوزيف دي مايستري
‏” A country gets the leaders it deserves “
وهي اقرب في المعنى للحديث الشريف المختلف حوله ” انتم مثل ما يولي عليكم ” او في رواية اخرى “كيفما تكونوا يولى عليكم “

▪️والسؤال الملح اليوم هل نستحق كامةٍ عريقة الحكومة التي تليق باقدارنا التاريخية وتكويننا الجيني الحكومة الراشدة والقادرة على مداواة جراحنا الوطنية…؟؟ الكرة في ملعب الجماهير والنخب المدنية ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب

▪️لقد نجحت المؤسسة العسكرية نجاحا تاريخيا باهرا في هذه الحرب التي فرضت علينا فانتصرت في ساحات المعركة وانقذت السودان ودولته من الانهيار مما مهد لقيام اول حكومة مدنية مستقلة كانت الجماهير تحلم بها وتتمناها سنوات طويلة وهاهي الان تتخلق في هدوء وقبول جماهيري رائع

◾️بيد ان المحك ليس في اسماء الوزراء ومؤهلاتهم لكن في الرؤية الجماعية والمنهجية لادارة الدولة والدعم الجماهيري والنخبوي فالوزير مهما يكن تعليمه وتأهيله سيكون دوره محددا وضيقا وكثير من الأحيان يقع في اخطاء اجتهاداته الخاصة لان ادارة الدولة وحلول مشاكلها اكثر تعقيدا من ان يحيط بها شخص واحد او بضعة اشخاص مهما اوتوا درجة من العلم والتجريب …
.
▪️لقد شاهدنا وزراء وأدراجهم مكتظة بالشهادات الأكاديمية والسير الذاتية المتوهجة لكن وقفوا حائرين امام مشكلات سهلة محتارين عاجزين كان أيديهم مغلولة إلى اعناقهم و كأنهم مختوم على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة

▪️الحكومات تحتاج إلى توسيع مواعين الشورى المهنية وتحتاج إلى الشعب يساندها لا يكايدها او يعاندها و يتحمل معها الاذى ويراقبها ويصبر عليها

▪️ ذو القرنين رغم كفاءته الإلهية حيث أتاه الله من كل شيء سببا لكنه اشترط لنجاحه في مهمته التنفيذية ان يعينه الشعب بقوة ( قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما )لذلك المطلوب من النخب والإعلاميين والسياسيين في الاحزاب المختلفة ان يعينوا هذه الحكومة بقوة و ان يتجاوزوا عن الإخفاقات الصغيرة لصالح الإنجازات الكبيرة وان ينظروا إلى الجانب الإيجابي في العملية خاصة العناوين الكبيرة ولا يغرقوا في الانتقادات السالبة والتفاصيل الصغيرة التافهة فالبداية المشرفة لهذه الحكومة فيها من الملامح ما تستحق التأييد والمؤازرة منها :-

اولاً :
هذه اول مرة بعد عقود و صبر طويل تقدم الدولة على تكوين حكومة مستقلة رغم انها كانت شعار كل الثورات السودانيه التي أخفقت في تحقيقها بسبب انانية النخب

ثانيا :
ضربة البداية في حكومة الأمل جاءت بكفاءات حقيقية لا يشك احد في قدراتها المهنية والأكاديمية ونتمنى ان يستمر تكوين الحكومة على هذه الشاكلة دون ان تتبعثر أوراق السيد. رئيس الوزراء بسبب اي أنواع الضغوط الضارة

ثالثا :
خلت الحكومة الجديدة من الشوائب الحزبية التي تعتمد على الولاء لزعيم الحزب اكثر من الكفاءة في غالب توزيرها

رابعا :
لم يظهر الى حينه تاثير الجهوية والقبلية فلم يسأل الناس ماهي قبيلة هذا الوزير لكن تساءلوا حول كفاءته

خامساً :
فليس من الحكمة ان نضع لهذه الحكومة سقفا عاليا ونتوقع منها ان تحل مشاكل البلاد الشائكة فهي ستعاني من مشكلات مركبة ومعقدة ومتداخلة تحتاج فيها للعون والعضد منها :

مشاكل الاقتصاد والكساد والتضخم الذي تفشى وتجاوز حد المرونة وانعكس على حياة الناس .

  1. 1- مشاكل الجريمة وانتشار السلاح وانفلات الأمن في عقابيل الحرب .
  2. 2- تنمر القبائل ومطالب الحركات المسلحة الضارة بالوحدة الوطنية والقائمة على الأثرة والأنانية .
  3. 3- مشكلات الصحة وانعدام الدواء والدمار الذي لحق بالبنية التحتية
  4. 4-مشاكل الفساد وهشاشة أنظمة الرقابة على مؤسسات الدولة المالية والتجارية
  5. 5- العلاقات الخارجية والضرر الذي اصاب السودان من تنمر دول الجوار وتجاهل دول الإقليم
  6. 6-مشاكل الثروات الضائعة وتهريب الذهب والثروات الأخرى وغياب القوانين المنظمة لهذا المورد المهم
  7. 7- السكن العشوائي الذي يمثل حاضنة للجريمة والمخدرات وفوضى الشوارع
  8. 8- انفلات الشارع والسلوك العام الذي كرسته سنوات مابعد الثورة تحت شعار الحريات المطلقة
  9. 9- الوجود الأجنبي الذي يسرح ويمرح دون اي قوانين منظمة مما يشكل مدخل للجاسوسية والتسول

فهل نقف مع حكومتنا صفا واحدا متآزرين لتكون هي الحكومة التي نستحقها ام نتفرج عليها هازئين لنثبت اننا لا نستحق حكومة فاضلة والله المستعان

اترك رد

error: Content is protected !!