العدالة في بلادي ظلت مجرد مفردة مثالية تستخدم عند الطلب، او حينما يهم احدهم بالتقرب الي المواطنين ونيل رضاء الشارع، ظلت مثل ( الغول والعنقاء والخل الوفي)، نسمع عنها في خطابات الساسة ولانراها في واقعنا الا من قبيل المراوغة والخداع ومحاولات كسب النقاط في ( دواس) السياسة اليومي.
ظلت العدالة قيمة عصية علي التحقق في واقعنا لان اكثر الناس احتقارا لها هم الذين يطالبون بها ويتخذونها جسرا لكسب ولاء الجماهير.. فالساسة المعارضين الذين يتمشدقون بالدعوة الي العدل ، هم اول من يدوسون عليها في اوان الحكم .. ولكم في (تجربة قحت) اسوة سيئة .
مثلت العدالة الركن الثالث من مانفستو ثورة ديسمبر الظافرة، وظلت صنم العجوة المقدس الذي يطوفون حوله صباح مساء، لكنهم اكلوه لحظة تسنمهم السلطة.
تحول السودان في عهدهم الي دولة غاب ، يسود فيها التشفي ويغيب عنها القانون، حتي سدنة منصات العدالة باتوا عرضة لمجازر لجنة التمكين السياسية التي فصلت القضاة ووكلاء النيابة وتمددت كسرطان اشر كاسر ينخر في جسد الدولة بلا رحمة ، اصبحت لجنة الكادر البعثي وجدي صالح الخصم والحكم، تشتبه وتقبض وتعتقل وتتحري وتسجن بيدها كل شئ ولو قيض الله ان يكون منح الاكسجين بيدها لفعلت.
امس الاول وعلي فضائية الهلال انتقدت حظر القيادي بحزب المؤتمر السوداني وزير الصناعة السابق ابراهيم الشيخ من السفر، قلنا انه غير قانوني وان كانت هنالك بلاغات مفتوحة في في مواجهته، فالاحري ان يتم الاجراء عبر النيابة وان يتم اخطاره بالمنع قبل وصوله الطائرة وشحن امتعته.
ظهر ابراهيم الشيخ القيادي في الحكومة السابقة يبكي علي العدالة التي ذبحها حزبه علي قارعة الطريق حينما كان جزء من السلطة واهملتها حاضنته السياسية وهي تتشفي وتعتقل وتصادر وتسجن وتلاحق بلا قانون.
ظللنا ننبه كثيرا الي اهمية ان يتواضع فرقاء الملعب السياسي علي ميثاق وعهد يقدس الاحتكام الي القانون ويصون قداسة العدالة، قبل قرارات الخامس والعشرين نبهت ساسة قوى الحرية والتغيير الي اهمية تهيئة البيئة القانونية وتطهيرها من الغام الغرض والاهواء والتشفي ، كتبت لهم انكم ربما تحتاجون الي القانون والعدالة في يوم ما.. وهذا ما حدث..
المهم يلزمنا ومنذ الان الاستفادة من التجارب العديدة والمريرة التي نتجت عن اهمالنا صيانة مبدا العدالة، ومازلنا نطالب برفع الظلم عن الجميع، واطلاق سراح المعتقلين فورا او تقديمهم لمحاكمات عادلة ، يتساوي عندنا الذين اوقفتهم قحت بسلطة تشفيها الغاشمة او اولئك الذين تم اعتقالهم بعد القرارات التي اعلنها الفريق اول عبدالفتاح البرهان في الخامس والعشرين من اكتوبر المنصرم والتي استهدفت من كانوا يسجنون الناس حينما كانوا حاكمين بلا ذنب جنوه، ويزجون بهم في السجون والمعتقلات من قبيل فش الغبينة والتشفي .
سنرتكب ذات الاخطاء التي اقترفتها قحت ومجموعة الاحزاب الاربعة اذا نظرنا للعدالة بفهم انتهازي يجعل من الافراج عن (معتقلي قحت) بعد الخامس والعشرين من اكتوبر مظاليم واصحاب حق وقضية، بينما الذين يرزحون في السجون والمعتقلات قبل اجراءات البرهان الاخيرة وما اكثرهم، مواطنون ( درجة ثانية) لايستحقون الانصاف والعدالة..
السؤال الذي يكشف خطل تعاملنا مع مفردة العدالة يقول : لماذا لم يتم اطلاق سراح من اوقفتهم لجنة التمكين المحلولة وزجت بهم في السجون دون تحقيق او اعمال اية اجراءات قانونية.
لماذا يستمر مثلا اعتقال الضابطان المتقاعدان محمد حامد تبيدي والشاذلي المادح اللذان حبستهما لجنة التمكين لأكثر من أربعة أشهر دون ذنب ثم اعيد إعتقالهما الثاني بموجب قانون الطوارئ قبل اكثر من شهر دون مبررات قانونية مقنعة، تبيدي والمادح لم يتسنما مواقع سياسية ولم تربطهما علاقة عضوية بحزب المؤتمر الوطني المحلول، من الظلم ان يظلا رهن الحبس هكذا.. اطلقوا سراحهما اوقدموهما الي محاكمة علنية وشفافة…
حتى الشخصيات العامة والسياسيين أمثال البروف ابراهيم غندور والدكتور محمد علي الجزولي والأستاذ كمال إبراهيم والدكتور عبد الرحيم عمر محي الدين ورمضان عريس والأستاذ أنس عمر لماذا يتم قنصهم ويتواصل حبسهم دون تقديمهم لمحاكمة حال توفر أدلة وبينات قانونية في مواجهتهم .
ومثلما طالبنا باطلاق محمد ناجي الأصم- فايز السليك- نادر صالح-حمزة فاروق- – نور الدين صلاح- الماحي سليمان– مدني عباس- ناظم سراج وقبلهم :- حمزة بلول- يوسف الضي
– جادين- وعمر الدقير- وعلي الريح السنهوري- وياسر عرمان- فيصل محمد صالح- صديق الصادق المهدي، هانحن الان نطالب باطلاق كافة المعتقلين.. فالحرية لهم ولسواهم.. والعدالة مبدا لا يتجزا ، ولتكن هما لجميع شركاء الملعب السياسي فجميعهم سيحتاجون اليها .. سواء في هذه الفانية .. او يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتي الله بقلب سليم…
اطلقوا سراح جميع المعتقلين او قدموهم لمحاكمات عادلة..