
د. أسامة محمد عبدالرحيم
في مشهد غير مسبوق من التصعيد العسكري المباشر، دخلت إيران وإسرائيل في مواجهة مفتوحة تجاوزت حدود الحروب بالوكالة، لتنتقل إلى اشتباكات صاروخية ومسيّرة تخطّت الأعراف الإقليمية القديمة. إن هذه الحرب لا تُقاس بحجم الدمار أو عدد الصواريخ فحسب، بل بعمق التحولات السياسية والأمنية التي أحدثتها في بنية التوازنات الإقليمية والدولية.
إن تحليل الربح والخسارة في هذه المواجهة ( و التي اعلن الرئيس الامريكي دونالد ترامب انتهاءها و قبول الطرفين وقفا شاملا لاطلاق النار مساء الاثنين 23 يونيو 2025) يتطلب النظر بعين مركبة إلى أربعة اتجاهات هي ( إيران، إسرائيل، الولايات المتحدة، والإقليم الجيوسياسي المحيط) مع الوقوف على ما تحقق وما فُقد عسكريًا وسياسيًا وأمنيًا.
المكاسب الايرانية العسكرية:
1) تمكنت ايران من اختبار وتفعيل منظومتها الهجومية حيث استخدمت الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية والمجنّحة و كذلك الفرط صوتية في هجوم غير مسبوق، كما تمكنت من إثبات القدرة على الرد المباشر حيث انه و لأول مرة منذ الثورة، شنت إيران هجومًا صاروخيًا ومسيّرًا مباشرًا على إسرائيل، ما اعتُبر كسرًا للخطوط الحمراء.
2) كشفت ايران نقاط ضعف الدفاع الإسرائيلي، فرغم التصدي، اخترقت بعض الصواريخ والمسيّرات الأجواء الإسرائيلية حيث يُعد ذلك اختراقًا ميدانيًا ذا بعد رمزي واضح مع اختبار جاهزية المنظومة الصاروخية المتكاملة، كذلك أظهرت إيران قدرتها على التنسيق بين أنواع مختلفة من الأسلحة (باليستية، كروز، مسيّرات) على مدى بعيد.
3) بالواقع العملي تمكنت ايران من إثبات جاهزية “محور المقاومة”، حيث نسّقت إيران مع( حزب الله، الحوثيين، الحشد الشعبي) ، وغيرها فرسمت نموذج حرب “متعددة الجبهات” شكله هؤلاء الحلفاء و شاركوا فعلياً بهجمات متزامنة، ما يعزز نفوذ إيران العسكري عبر أذرعها الممتدة إقليميًا.
4) تمكنت ايران من فرض معادلات ردع جديدة، و أوصلت رسالة لإسرائيل والعالم مفادها ان الضربات المباشرة على مصالحها لن تمر بلا رد.
المكاسب الايرانية السياسية :
1) قامت ايران بتعزيز خطابها الثوري و شرعيتها الثورية أمام جمهورها الايراني الداخلي و كذلك امام الشعوب العربية و الاسلامية و ظهرت كمركز قوي للمقاومة الإسلامية ضد إسرائيل و قدمت نفسها كالقوة الوحيدة التي تجرأت على مواجهة إسرائيل بشكل مباشر.
2) تمكنت ايران من حشد الداخل الإيراني حول النظام الحاكم و استثمرت الحرب لصالح تعبئة قومية ودينية في مواجهة “العدو الصهيوني”، ما خفف الضغط عن النظام داخليًا.
3) فرضت ايران واقعاً جديداً في قواعد الاشتباك، و أصبحت المواجهة المباشرة مع إسرائيل جزءًا من المعادلة الإقليمية.
4) نجحت ايران كذلك في إرباك التطبيع الإقليمي، الامر الذي قد يدفع و في غالب الامر عددًا من الدول العربية لإعادة النظر في مشروعات توسيع علاقاتها مع إسرائيل.
5) نجحت ايران في كسب أوراق ضغط اضافية او جديدة في ملف المفاوضات النووية.
6) قوت ايران من موقعها و موقفها التفاوضي مع الغرب و أصبحت إيران عنصراًفاعلًا لا يمكن تجاوزه، سواءاً في الملف النووي أو في ترتيبات الأمن الإقليمي. كذلك وفقت في إعادة صياغة دورها كلاعب دولي محوري في المنطقة و أثبتت أنها قوة إقليمية لا تعمل فقط عبر الوكلاء، بل لها دورها المباشر الذي يمكن تلعبه أيضًا عند الضرورة.
الخسائر الايرانية :
1) احدثت اسرائيل جملة من الخسائر في البنية العسكرية الايرانية بالداخل و كذلك بعض المواقع بالخارج (خاصة في محوري سوريا والعراق) جراء الضربات المتوالية و المضادة.
2) حدوث استنزاف في بعض القدرات النوعية الايرانية حيث تم إسقاط مسيّرات متطورة، كما تم استخدام كميات ضخمة من الذخائر الاستراتيجية.
3) تمكنت اسرائيل من تهديد الأمن الداخلي الإيراني و ذلك بنجاحها في استهدافات إسرائيلية محدودة داخل إيران مما كشف و أكد ضعفًا استخباريًا بيّناً.
4) تصعيد الضغوط الدولية عليها، خاصة من أمريكا والدول الأوروبية و كافة الدول و الجهات الحليفة و الموالية لإسرائيل، كما ان هناك دول محايدة أو صديقة بدأت تدعو ايران لضبط النفس، وهو قيد سياسي الى حدٍ ما على المدى المتوسط.
5) شهدت اسرائيل و في اول لحظات للحرب خسائر يصعب تعويضها بفقدانها لبعض القيادات العسكرية و بعض العلماء و الرموز ذوي الصلة بالبرنامج النووي، كما فقدت عدد من المواقع المهمة و الاستراتيجية .
المكاسب الإسرائيلية العسكرية:
1) نجحت إسرائيل في التصدي لأكثر من 90% من الهجمات الجوية بالصواريخ و المسيرات ، عبر منظومات الدفاع المتعددة بشكل مباشر و بدعم أمريكي وأوروبي وخليجي مما يعده البعض نصراً دفاعيا.
2) قامت إسرائيل و بنجاح كبير بتوجيه ضربات دقيقة ومؤلمة داخل إيران وسوريا والعراق، شملت مراكز إطلاق وقواعد تابعة للحرس الثوري.
3) تمكنت اسرائيل و بشكل عملي في اختبار التنسيق الدفاعي مع الحلفاء، حيث جرى تنسيق غير مسبوق مع الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، الأردن، وربما دول عربية خليجية، للدفاع المشترك.
4) حافظت إسرائيل نسبياً على التفوق التكنولوجي في ساحة المعركة.
المكاسب الإسرائيلية السياسية :
1) ظهرت إسرائيل كضحية ل(عدوان إيراني عنيف) و تمكنت بذلك من كسب و تجميع حشد غير مسبوق للدعم الغربي بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا و الاتحاد الأوروبي.
2) نسبياً، قامت إسرائيل بإعادة تماسك الجبهة الداخلية مؤقتًا عبر خطاب “الدفاع عن الوطن”، حيث نجحت في توحيد الجبهة الداخلية جزئيًا، كما ساعد التصعيد الخارجي في تخفيف الضغط الداخلي المتزايد بسبب غزة والخلافات السياسية.
3) كذلك استفادت إسرائيل من الحرب بتبرير استمرار العمليات في غزة ولبنان بحجة “الدفاع ضد محور إيران”.
4) قامت إسرائيل بإحياء ثنائية “نحن والديمقراطية ضد محور الشر” لتجديد شرعيتها.
5) نجحت إسرائيل في إبطاء اي مسار لتطبيع او تحسين إيران لعلاقاتها مع بعض دول الإقليم او تقويتها و أجّلت أي إمكانية لتخفيف العزلة عن إيران سياسيًا أو اقتصاديًا.
إلخسائر الإسرائيلية :
1) بشكل كبير و غير مسبوق، تآكلت صورة “المناعة الكاملة و تم كسر أسطورة التفوق الأمني المطلق” و التي كانت تشكل هالة من الهيبة تجاه إسرائيل، حيث اخترقت المسيّرات والصواريخ أجواءها رغم التغطية الدفاعية، فرغم التصدي للهجوم، فإن مجرد وصول الصواريخ إلى العمق يشكل صدمة استراتيجية كبيرة.
2) انكشاف هشاشة الجبهة الداخلية لإسرائيل و ضعف الترابط المجتمعي المحلي ، خاصة في المناطق القريبة من لبنان وغزة، مع بروز ضغوط داخلية وخوف شعبي جاء متزامناً مع اضطرابات في الحياة العامة، هلع في الشارع، ونزوح جزئي شهدته بعض المناطق.
3) استمرار و مضاعفة الإنهاك العسكري والاقتصادي نتيجة فتح جبهات متعددة تجاه إسرائيل حيث باتت تخوض معركة غير تقليدية في غزة، ولبنان، وسوريا، واليمن، وإيران، وهذا امر مرهق.
4) تجميد مسار التطبيع مع بعض الدول العربية (و على رأسها السعودية).
5) انكشاف اعتماد إسرائيل شبه الكامل على الدعم الأمريكي والدولي، لدرجة ان ترامب بدا في كثير من اللحظات كأنما هو من يدير المعركة بنفسه سياسياً و عسكرياً.
6) تزايد سوء المظهر الدولي لإسرائيل لدى قطاع كبير من العامة و المؤسسات الدولية حيث ان كثير من الأوساط الدولية و الاقليمية و التي تشكل الرأي العام بدت تنظر لإسرائيل كدولة مؤججة و مثيرة للنزاعات، مما يؤثر كثيراً على صورتها الذهنية.
7) ارتفاع الكلفة الاقتصادية والسياسية لدى إسرائيل، حيث ان كلفة منظومات الدفاع و على رأسها منظومة “القبة الحديدية” تحسب بالمليارات مما يؤثر على ثقة المستثمرين و يجعلهم مترددين و يدفعهم للبحث عن خيارات استثمار لاموالهم بعيداً عن إسرائيل .
المكاسب الامريكية :
1) قامت امريكا باختبار جاهزية دفاعاتها الجوية في “تحالف 360” حول إسرائيل ( و التي شاركت بنشاط في إسقاط الصواريخ).
2) عززت امريكا من مكانتها كضامن لأمن إسرائيل،كما عملت على طمأنة حلفائها من دول الخليج من خلال إثباتها الحضور العسكري الحاسم في المنطقة و تأكيد أنها لا تزال اللاعب الأول في ضمان أمن حلفائها.
3) نجحت إسرائيل في تعزيز تحالفاتها الإقليمية الدفاعية حيث نسّقت مع الأردن و دول الخليج في الدفاع الجوي، مما يقوّي فكرة مشروع “الناتو العربي” أو “أنظمة الدفاع المشترك” .
4) نجحت امريكا كذلك في ضبط وتقييد السلوك الإيراني دون التورط المباشر في حرب برية كان من الممكن ان تعقد المشهد و تطيل امد الحرب، كما احكمت ضبط التصعيد و منعت الانزلاق إلى حرب شاملة، كما حققت قدر كبير من التوازن بين دعم إسرائيل وردع إيران، مما حال كذلك دون التورط في مواجهة مباشرة.
5) تمكنت امريكا من تحقيق مبيعات سلاح و أتظمة دفاع كبيرة من خلال تجريب فعلي لمنظوماتها الدفاعية.
6) قامت امريكا باستغلال الموقف لممارسة ضغط على إيران في الملف النووي والسيبراني.
الخسائر الامريكية :
1) تآكلت مصداقية امريكا و بشكل كبير بين الشعوب الإسلامية والعربية، بسبب دعمها غير المشروط لإسرائيل رغم جرائم الحرب في غزة مما يؤكد النهج الامريكي غير المحايد و كيلها بمكيالين.
2) ظهور امريكا كطرف اصيل في حرب دينية لا فقط سياسية، مما يعزز خطاب العداء لها(هذا الامر كرسه الرئيس ترامب في معظم خطاباته باضفائه لمسة دينية و الهية على الخطاب) .
3) تزايد الاحتمالات بفقدان امريكا التوازن مع بعض حلفائها العرب الذين يسعون لخطاب أكثر توازنًا تجاه القضية الفلسطينية.
4) انكشاف حدود القدرة الأمريكية على ردع إيران دون التورط الشامل.
5) كلفة الدعم المالي والعسكري الكبيرة لإسرائيل، حيث ان الدعم الهائل يعيد الجدل في الداخل الأمريكي حول دعم “لا ينتهي ولا يُحاسب” من اموال امريكية يدفعها في الغالب دافع الضريبة المواطن الامريكي وفق وجهات النظر المحلية .
أثر الحرب الإسرائيلية الايرانية على الأطراف الإقليمية:
1) يتمثل اثر هذه الحرب على دول الخليج العربي و بشكل عام في الاتي :
يبدو القلق الاستراتيجي متزايداً من التمدد الإيراني على حدودها، ومن إمكانية الانجرار إلى صراع مباشر. إعادة النظر في العلاقات مع إسرائيل بعد فشلها في إثبات تفوق حاسم، ما يعقّد مسار التطبيع.
_ تعزيز التنسيق الدفاعي فيما بينها ومع واشنطن، ومحاولة رسم خطوط حمراء للطرفين.
_ ما ربحته هذه الدول (سياسيًا وأمنيًا) تمثل في( تعزيز تحالفات دفاعية مع أمريكا وبريطانيا وفرنسا في مواجهة إيران، كما تم اختبار أنظمة الدفاع الجوي والتنسيق الاستخباراتي الإقليمي، كذلك حدث ارتفاع أسعار النفط نتيجة المخاطر الجيوسياسية) .
_ اما ما خسرته دول الخليج أو ما واجهته من تهديدات فيتلخص في (ارتفاع مستوى التوتر مع إيران واحتمال تحوّل هذه الدول إلى ساحة رد انتقامي، تهديد ممرات الملاحة في مضيق هرمز، باب المندب، مع بروزنوع من الصراع الداخلي بين الرغبة في التطبيع مع إسرائيل والضغط الشعبي الرافض لذلك)
2) المكاسب القطرية السياسية و الاقتصادية :
_ تعزيز دورها كوسيط محتمل حيث ان قطر تمتلك قنوات اتصال مع إيران وحماس وأمريكا، مما يعزز دورها في المفاوضات الإقليمية (مثل الوساطة في غزة، تبادل الأسرى).
_ تثبيت صورتها كفاعل دبلوماسي متزن اذ انها حافظت على توازن خطابها، رافضة العدوان الإسرائيلي، دون التصعيد المباشر.
_ حققت قطر استفادة اقتصادية غير مباشرة من خلال ارتفاع أسعار الطاقة العالمية نتيجة التوترات مما يعزز صادرات الغاز القطري.
3) إلخسائر القطرية:
_ حملة إعلامية وضغوط أمريكية إسرائيلية كبيرة و متواصلة لتحجيم دورها في دعم حماس و موقفها من القضية الفلسطينية.
_ مواجهتها لتهديدات ضمنية لأمنها السيبراني والإعلامي.
_ بروز حاجة مضاعفة لتأمين منشآتها الاستراتيجية (خاصة في ظل وجود أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة “العديد”).
4) العراق:
_ و الذي تحولت بعض أراضيه إلى مسرح للضربات المتبادلة بين إيران وإسرائيل.
_ بروز نوع من الحرج الحكومي بين ولاء الحشد الشعبي وضرورة الحفاظ على السيادة العراقية خاصة بعد تعرض العراق لقصف ( أمريكي – إسرائيلي) متكرر على مواقع الحشد الشعبي.
5) سوريا:
_ تضررت قواعد إيرانية داخل أراضيها، ما يهدد سيادتها مجددًا، ويكشف امكانية اختراق أجوائها بسهولة حيث تم استخدام أراضيها كمنصة هجوم من إيران وميليشياتها، ما منحها “دورًا”، لكنها لم تتحكم في زمام الأمور.
_ عادت سوريا لتكون ساحة صراع إقليمي رغم محاولات الاستقرار حيث تم تدمير بنى تحتية وقواعد عسكرية شكلت خسائر ميدانية كبيرة نتيجة الغارات الإسرائيلية.
6) لبنان:
_ كثف حزب الله تهديداته لإسرائيل و زاد من انخراطه جزئيًا في الحرب ، مما زاد من تعقيد الوضع السياسي والأمني مما عزز مكانته كفاعل ميداني وكجزء من منظومة الرد الإقليمي.
_ برزت عدة مخاوف من تحول لبنان إلى ساحة حرب موسعة مع مزيد من التهديدات بالحرب الشاملة في اي لحظة، بالاضافة الى ظهور بوادر انهيار اقتصادي متسارع.
7) الأردن:
_ تورطت الاردن من ناحية تقنية في الدفاع ضد الصواريخ الإيرانية، ما يضعها أمام تحدٍ سياسي، حيث انها رغم محاولتها الحفاظ على الحياد المضبوط لكنها وجدت نفسها ضمن دائرة النيران الجوية، خاصة في عبور المسيّرات والصواريخ.
_ ظهور نوع من القلق من احتمال تفجّر الجبهة الغربية مجددًا وانهيار الاستقرار بها في ظل تهديد المجال الجوي الذي احدث وتوتراً شعبياً داخلياً متزايداً.
8) مصر:
_ التزمت الصمت الدبلوماسي، واستفادت اقتصاديًا من استقرار نسبي على حدودها الشرقية، لكنها خشيت من تفجر الأمور في غزة وسيناء.
_ كذلك تعرضت مصر لإحراج دبلوماسي، ضغوط على معبر رفح، توتر أمني في سيناء.
9) اليمن:
_ حيث بدت جماعة الحوثي المناصرة و الموالية و الحليفة للنظام الايراني تحديدا اكثر قدرة و جرأة علي المشاركة المباشرة في تهديد إسرائيل عسكريا وكالة عن (ايران) و نيابة عنها.
_ كذلك اكدت اليمن (جماعة الحوثي) ، قدرتها و اهميتها كلاعب فاعل في التأثير على حركتي التجارة و الملاحة الدولية و تهديد مصالح امريكا و إسرائيل و حلفائهم من هذا الباب.
_ فقدت اليمن ممثلة في جماعة الحوثي عدد كبير من الطائرات المسيّرة كما تم اعتراض عدد من الصواريخ قبل وصولها.
10) تركيا:
_ اتخذت تركيا موقفًا حذرًا ومرنًا، رافضة للتصعيد ومتمسكة بالدور التفاوضي، حيث تحاول تركيا الاستفادة من موقعها الجيوسياسي كوسيط محتمل .
_ من مكاسب تركيا تحركها بذكاء سياسي لإعادة التموضع عبر خطاب متوازن داعم لغزة لكنه لا يورطها عسكريًا، كما استفادت اقتصاديًا من الاضطرابات عبر بوابات الترانزيت والتجارة.
_ من جانب آخر يبدو ان تركيا فقدت توازنها الدقيق بين التحالف مع الناتو والعلاقة مع إيران و الذي يبدو هشًا شيئاً ما، بحيث أن أي تصعيد إضافي قد يجبرها على موقف أكثر حدة، وهو ما لا تريده تركيا في ظل أزمتها الاقتصادية.
ان الحرب الإسرائيلية الايرانية، لا يجب النظر اليها كحرب لحظية عابرة ، بل هي و بكل المقاييس تعتبر تحول استراتيجي طويل الأمد يعيد تشكيل خرائط النفوذ، ويعيد ترتيب أولويات الأمن الإقليمي والدولي، كما أن الربح والخسارة فيها لا يُقاس بعدد الصواريخ أو الردود، بل بعمق ما تغيّر في موازين الردع والشرعية والفاعلية. لذا و في ظل هذا التوازن الهش، ستبقى المنطقة مفتوحة على سيناريوهات أكثر سخونة، ما لم يتقدم الفعل السياسي ليكبح جنون القوة.
الأربعاء 25 يونيو 2025