
_ اعاود الكتابة حول موضوعات الشأن الثقافي
< مفاهيم و قضايا وفعاليات >
وأسعد أن اواصل هذا الجهد المتواضع والتركيزي من زاويتي < جذور و أوراق > عبر منصة <الرواية الأولى> هذة المرة وهي تتميز من بين رصيفاتها بجميل اهتمامها بالشأن الثقافي في نشرها _ و بالمساحة الكبيرة التي تفردها لأقلام وابداعات أهل الثقافة _
تحية تقدير ومحبة متجددة للأخ الاستاذ مجدي عبدالعزيز عرّابُ الرواية الأولى ورئيس تحريرها و رئيس مجلس إدارة قناة الزرقاء الفضائية .
_ ابتداءاََ اجد من الواجب التاكيد على ان العلاقة بين الثقافة والقيم علاقة عميقة ومتشابكة ولا يمكن فصل مكوناتهما بسهولة ، حيث تؤثر كلا منهما في الأخرى بشكل كبير
فالقيم تتشكل من الثقافة
والثقافة هي الحاضنة الأساسية التي تتشكل بداخلها القيم الفردية والمجتمعية ، ونجد ان مكونات الثقافة (الكل المركب ) المتمثلة في المعتقدات و العادات والتقاليد و اللغة والفنون والتاريخ المشترك لمجموعة معينة ، كلها عناصر ثقافية تساهم في صياغة ما يعتبره أفراد المجتمع
صحيح او خطأ ، جيد او سيئ ، مهم او غير مهم .
وفي ذلك يمكن الانتباه لأنه في الثقافات التي تقدر العمل الجماعي ، تتشكل قيم مثل التعاون والتضحية من أجل المجموعة والترابط الأسري .
و في الثقافات التي تطغى فيها الفردية ، تتأصل قيم مثل الإستقلالية والاتجاة نحو الإنجاز الشخصي والاعتماد على الذات.
وفي ذات الاتجاة نجد أن الاحتفالات الدينية والاجتماعية في أي ثقافة ترسخ قيم معينة مثل التكافل و الاحترام والعطاء.
ولابد هنا من الانتباه لان القيم هي التي توجه السلوك الثقافي
فبمجرد أن تتشكل القيم في المجتمع فإنها تصبح بمثابة المبادئ التوجيهية التي تحدد السلوكيات المقبولة والمحببة .
الثقافة <المحرك الأساسي للتحولات المجتمعية>
عندما نتحدث عن أولوية الثقافة في أي مجتمع لا يجب أن يقتصر تركيزنا على تخصيص ميزانيات ضخمة فقط _ بل بجب فيما أرى أن نركز على انه لأى مدى نعتمد على الثقافة كمكون رئيس في إعادة صياغة رؤيتنا لإدارة قضايا المجتمع
و يجب هنا أن ننظر إلى الثقافة وعناصرها ومنظومة القيم كأولوية قصوى توجه حركتنا وتضمن تواكب وانسجام كافة أوجه الحياة والعمران مع مبادئنا
وبذلك فالثقافة ليست مجرد رفاهية _ بل هي الأساس الذي تُبنى عليه المجتمعات المستقرة والمتطورة .
وحينما تتحول الثقافة الى فعل وعمل ثقافي للأفراد او المجتمعات او للمؤسسات الثقافية الرسمية في الدولة فان العمل الثقافي يهدف في جوهره إلى إحداث تحولات كبرى في المجتمعات _ فالتحولات القيمية هي الشرارة التي تطلق التحولات السلوكية ، وهنا دائماََ ما يتأكد لي بأن الهدف الأسمى لأي عمل أو برنامج او مشروع ثقافي هو تعزيز أو تغيير السلوك العام في المجتمع.
وهنا كذلك يجب القول والتأكيد على أن بناء مجتمع واعٍ ومتحضر يتطلب الفهم العميق لكيفية تشكيل الأفكار والمعتقدات للسلوكيات الفردية والجماعية
من هنا _ يصبح العمل الثقافي الأداة الفعالة لتحقيق هذا التحول المنشود.
القيم والتحول المجتمعي
يتأكد لي في كل يوم ان القيم هي نقطة التحول الأساسية في المجتمع، ويجب أن تكون هي المحفز لحركة المجتمع وتقدمه ، فالعمل الثقافي يستهدف بشكل مباشر منظومة القيم _ ويعمل على توجيهها وتشكيلها.
وما ينتج من التاثر بالعمل الثقافي في الشعور والأفكار والمعتقدات الراسخة يتحول بالتدريج إلى سلوك وعمل ملموس _ و تتشكل وتتحول العقائد إلى قيم _ ومن هذه القيم يتولد السلوك البشري ، وبالتالي فإن القيم هي المحرك الحقيقي للتغيير وكذا التقدم .
نواصل.