✍ مكي المغربي
يوجد توجه جديد اخترت له هذا الاسم على وزن المصطلح الغريب “الدفاع بالنظر” ولكن “التطبيع بالصور” يختلف عنه أنه حقيقي وممارس وفعال، وصار الآن هو الرسالة الصامتة للمصالحة الوطنية التي ينكرها الجميع ويطلبها ويمارسها الجميع .. بالقطاعي والتقسيط المريح وعلى طريقة “Piecemeal solution”.
صورة السيدة وزيرة التعليم العالي مع الدكتور مأمون حميدة أقرت حقيقة هامة وهي أنه لا مقاطعة لأي رمز من رموز النظام السابق اذا كانت مؤسساته مستوفية للشروط، فإذا قرر مثلا وزير الإعلام جولة على الفضائيات وكانت قناة امدرمان التي يمتلكها حسين خوجلي ضمن القائمة فإنه لا يستطيع حذفها والا لم يعد وزيرا، سيكون ناشطا أو مهرجلا أو أي شيء. وربما لن يكلف نفسه بإخراج بيان توضيحي مثلما فعلت وزيرة التعليم العالي لانه سيصرح عقب زيارته ان هذه جولة رسمية شاملة بل وربما يوافق على حوار مع حسين خوجلي من باب “البرقص ما بغطي دقنو”!
لم يكن بوسع وزيرة التعليم العالي انتصار صيغرون ان تقول لمن يأخذ اللقطات والصورة الجماعية والرسمية في جلستها مع مأمون حميدة .. لو سمحت اقيف الصورة دي بتعمل لي مشكلة وممكن اترفت فيها .. وغير صحيح انها اخذت بطريقة “كيزانية” مفاجأة .. بالذات الصورة الجماعية .. لأنها ببساطة “يا سذج” صورة جماعية. السيدات عندنا يقفن للصورة الجماعية .. الواحدة لو ما عدلت توبها ممكن عادي تقول ليك “انتظر شوية”!
ليس بمقدور الوزيرة أصلا أن تقول .. انا لن أزور هذه الجامعة لان مديرها أو مالكها كوز .. وهي لا تستطيع إلا أن تفتخر بها في اي محفل دولي باعتبارها إحدى الجامعات السودانية المطابقة للمعايير الدولية للتميز .. لان هذه حقيقة .. ولأن الوزير يمثل السودان كله وليس اليسار السوداني أبو “٢%”!
ايضا.. ما أن جاءت الأخبار بزيارة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الدعم السريع والا مباشرة قفز للذهن الصور التي سيتم التقاطها ومن الواضح أن المقصود من الزيارة نفسها هو الصورة و”التطبيع بالصور”!
قال بعضهم أن الغرض إرسال رسالة بعد هتاف بعض الناشطين ضد قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو ولكنني اعتقد ان الزيارة تاتي في سياق مكافحة “التشظي” الذي ذكره رئيس الوزراء.
وقبله زيارة دقلو للبرهان في قندتو في عيد الأضحى للرد على “التشظي” بين الدعم والجيش.
المقصود هو الصورة طبعا في كل الحالات .. لانه لا يعقل أن وجبة الإفطار أو الغداء هي سبب ذهاب حمدوك لمقر الدعم السريع أو ذهاب حميدتي إلى مزرعة البرهان.
قبلها صورة ترك مع خالد عمر ومربم الصادق عقب أزمة الشرق.
وستكون هنالك صورة لحمدوك مع ترك .. وسأذكركم بكلامي.
لن تتحدث الحكومة كثيرا عن المصالحات وعن التسويات .. يمكن أن تتصيد أحداث ومناسبات اجتماعية لبعض رموز الاسلاميين ثم تشتعل الأسافير وبعدها الموضوع ساهل جدا .. بيان صفحة واحدة “الوزير زول ود بلد وبقوم بالواجب الاجتماعي لكن الفلول الحقيرين استغلوا الصورة” طبعا بلغة رسمية لكن هذا فحواه.
وفي الحقيقة سبب الزيارة أساسا هو الرغبة في استغلال الفلول للصورة .. وما بعيد الوزير يقول .. يا جماعة مافي كوز ياخد لي صورة ندور بها الجماعة شوية!
واضح جدا ان السياسيين يريدون الخروج من الفيتو الشبابي الثوري .. ولأنه فيتو باهت في بعض المناطق وواضح في أخرى فإنهم سيتوسعون في المناطق الباهتة التي يسهل على “الجداد” الدفاع عنها.
بعد التطبيع بالصور الرسمية مع الدعم السريع .. سيحضر وزير مدني حفل تخريج ويؤدي العرضة مع حميدتي أو على الاقل يبشر ويهز بالعصا.. وبعدها سيختار أحد الولاة فلولي مليونير يفتتح في بئر لسقيا العطشانين في منطقة نائية وتعتبر صورة مبررة في سياق الدراما السياسية .. على قول الفنانة “انا ما بعملش الا بوس هادف في سياق درامي”!
ستستمر مرحلة التطبيع بالصور حتى تتعود عين المشاهد وتتطبع على ذلك ويصبح بعدها الانتقال لمرحلة الفيديو أمرا ساهلا.. ويتم تسريب فيديو تبادل نكات بين عساكر ومدنيين في رحلة عمل.
وطبعا التبرير ساهل .. ان هذا فيديو لم يتم التقاطه بإذن المسئولين وان ما حدث هو أمر طبيعي يحدث في لقاء بين اي شخصين ولا علاقة له بسير التحقيق في قضية كذا أو كذا .. (بالمناسبة خبر التحقيقات شنو؟!)
وبعد التطبيع بالصور والتطبيع بالفيديو.. يكون التطبيع بالبث المباشر واللقاءات الجماعية الجماهيرية و ..
قيقم .. حمي طارك .. شكلك حا ترجع الشغل.