
ناجي احمد بشير
.. لا شك أن أكثر ما يؤرق العائدين ومن ظلوا في مناطق الحرب طيلة الفترة الماضية اليوم هو سعر الوقود الذي به تعمل رافعة اسعار كل الخدمات وكل صنوف الزراعة والتجارة والنقل، فهو عصب كل شيء وعليه تبني اسعار كل شيء وما زاد الطين بلة ولازال، وتزداد معه معاناة المواطن الذي اصلا يعاني من شح بل وانعدام الدخل في كثير من الحالات، فقد وصل سعر نقل الفرد بين مدن العاصمة الثلاث الي عشرة الف جنيه في الرحلات العابرة للمواقف المركزية مثل جاكسون والشهداء والمزاد، ونصف ذلك او يزيد علي المشاوير داخل المدينة، وأن قسنا علي ذلك فكيف يستطيع الموظف او العامل ان يتنقل من سكنه الي عمله، والكارثة في الرغبات الطامحة لفتح مقار الجامعات والدواوين الحكومية، فمن يستطع ان يوفر تلك المبالغ لنفسه وبنيه من الطلاب وما هو الراتب الذي يكفي عامل بسيط او حتي موظف درجة اولي للوفاء بقيمة التنقل، اسئلة تنتظر إجابات المسئولين عن النفط وتجاره، وسبب بيعه للمواطن بمعدل خمسة عشر جنيه الف جنيه، ما يعادل ثلاث أضعاف تكلفته الحقيقية بالورقة والقلم وباعلي التقديرات.
.. معلوم ان سعر برميل النفط الخام في حدود سبعون دولار وتصل تكلفة نقله وتكريره الي ما يقارب ثلاثمائة دولار ومع ذلك وبحسبة بسيطة يمكن أن يكون سعر جالون البنزين للمواطن في اقصي حدوده هو ستة الف جنيه فمن اين تكدست تلك المبالغ الإضافية التي اوصلته الي خمسة عشر الف جنيه، فهل تذهب تلك الفروقات لجيب تجار الوقود ام للدولة، التي من المفترض أن تدعم البنزين لا ان تتاجر فيه وتضيف عبئا علي المواطن بلا وجه حق، فالدولة مؤتمنة علي مال المواطن، وعليها ان تراعي تلك الأمانة، وأن تبحث عن موارد إضافية لرفد خزينتها غير المتاجرة بحقوق البسطاء وتصعيب امر معيشتهم. بل العكس فكل الدول تعمل علي دعم الوقود اكسير الحياة لصالح الإنتاج والمنافسة الخارجية في تجارة الصادر التي يحكمها سوق عالمي لا يرحم.
.. من قبل الحرب لاحظنا توقف كثير من الأعمال والمصانع والمدابغ والمعاصر عن الفعل المنتج بسبب الوقود والرسم الجمركي العالي في مضافات الإنتاج، فخرج كثير من الأعمال عن دائرة الفعل وفقدت الدولة عملات عائد الصادر ورميت الخامات المحلية من جلود وغيرها في مرادم النفايات وقليل منها تمت معالجته بدائيا وتم تهريبه كخامات كان من الممكن أن تشكل رافدا دولاريا معتبرا للخزينة العامة.
.. هنا يجب أن تعيد الدولة النظر مرة ومرات في امر الضرائب والجبايات ورسوم الطرق والعبور وتكلفة الوقود وغيرها من مسبطات دورة عجلة الإنتاج، وكسر تلك العصي الحديدية التي تضعها بجهل كبير في تروس دورة الحياة اليومية للمواطن والتي خلفت ملايين العاطلين عن العمل لتلك الأسباب، وهرب الناس لتجارة العملة والسمسرة وتجميد الأموال في العقار واكتناز الدولار والذهب، وهي وكانها لا تعلم بأن دورة عمل الإنتاج هي الطريق الامثل والاسرع لعائد مجزي للدولة نفسها من العملات المحلية والأجنبية، فما يحدث الآن هو الصندوق المظلم الذي نتمني من الوزير الأول كامل ادريس مراجعته والتفكير خارجه. للخروج من هذه الازمة التي طحنت كل طبقات المجتمع.
البناء يبداء بفكرة ثم صبر وعمل
جيش واحد شعب واحد