اسامة عبدالماجد
¤ قرأت قبل سنوات مذكرات وزير الخارجية المصري الاسبق، الأمين العام للجامعة العربية احمد ابوالغيط.. وثق مسيرته في كتاب شيق المطالعة، متنوع المحتوى، حافل بالقضايا والتفاعلات الدبلوماسية، اختار له اسم (شهادتي) .. كانت شهادة ابو الغيط مذهلة بشأن انفصال جنوب السودان، ادهشني استعداد بلاده المبكر للتعايش نع الواقع الجديد.. شكلت الخارجية المصرية لجنة، لبحث كيفية التعامل مع الدولة الوليدة.. بل مضوا إلى أبعد من ذلك واسندوا للجنة مهمة وضع معايير خاصة لاختيار اول سفير مصري لدى جوبا.
¤ تذكرت التخطيط المحكم للاشقاء في مصر بشأن التعامل مع القضايا المهمة خاصة التي تمس امنهم القومي وقد لاحظت عدم احترافية من جانب الحكومة السودانية في التعامل مع دولة الامارات المتهمة بتقديم الدعم المباشر لـ (مليشيا اولاد دقلو).. ولذلك اخترت اليوم مادة الزاوية بالعنوان اعلاه.. وتجاوزت (الامارات.. ماذا تريد ؟).. لأنه معروف انها تستهدف (الرجال) و(المال)، وتحديدا الذهب.. وهذة تقديراتها طالما اصبح العالم غابة.. وسياسة تعظيم المصالح بشتى السبل هي السائدة.
¤ وهي ذات الاهداف التي اراد محمد علي باشا (الغوو التركي) تحقيقها من السودان عند قدومه اليه قبل مئتان سنة ويزيد قليلا وقد يستغرب البعض حول الحاجة إلى الرجال.. تخطت الدول محطة الدخول العسكري المباشر بقواتها بعد تجارب خاسرة لبعض الدول مثل الولايات المتحدة.. واصبحت الحروب بالوكالة.. حيث توظف الدول مجموعات المرتزقة المسلحة.. وفي تقديري لا يوجد افضل من عصابات حميدتي في العالم.. وذلك لأن زعيمها وفي غفلة من الزمان وصل منصب نائب للرئيس.
¤ ومن هنا اعتقد لو كانت الامارات ضالعة في احداث السودان.. يكون برعاية الخطة الاولى وهي تنفيذ انقلاب ناعم (السبت الاسود).. الذي فسل وتحول الى حرب بعد انهيار مخطط حميدتي.. لكن هذا ليس موضوعنا اليوم.. الذي يستدعي التركيز هو ضرورة معرفة الكيفية التي تفكر بها الامارات تجاهنا.. وكيف نتعامل معها، ومع محيطنا العربي.. ولن يتأتى ذلك إلا بتشكيل لجنة سرية على درجة عالية من اصحاب الخبرات.. وعلى دراية تامة بالنظام الاماراتي واشكاله واللاعبين المؤثرين فيه حتى من هم داخل الاسرة الحاكمة.. ومؤكد لايوجد انسب من يتولي هذة المهمة الوطنية مثل السفير الأسبق لدى ابوظبي محي الدين سالم الذي عمل لفترتين.. مرة قائماً بالاعمال والثانية سفيراً.
¤ وعلى ذكر سالم، ليت الرئيس البرهان ونائبه كباشي (المشرف على الخارجية) اختاراه لمنصب وزير الخارجية خلفاً للسفير علي الصادق بعد الاداء الباهت طيلة الفترة الماضية.. محي الدين يتمتع بخبرة كبيرة وعلاقات داخلية وخارجية واسعة.. عمل سفيراً في كلا من الامارات، الكويت واثيوبيا إلى جانب عمله الدبلوماسي في محطات اخرى.. ويتميز بالتوسع من العمل الدبلوماسي إلى الاقتصادي والاجتماعي
¤ بالامكان لجنة التعامل مع الامارات ان تقوم بعمل كبير.. وتحدث اختراقا، وتغير موازين اللعبة السياسية والعسكرية.. لايمكن ان تساند الامارات، مليشيا على حساب دولة بعد اشتعال الحرب.. وخاصة في ظل الجرائم الوحشية والانتهاكات المروعة التي لاتزال تقوم بها المليشيا..
ان ضغوطا دولية اصبحت تمارس وبشكل قوى على المليشيا وحاصرتها الادانات.. ولا يعقل ان تشوة دولة مثل الامارات سمعتها وهي تصرف مليارات الدولارات سنويا لتجميل صورتها امام المجتمع الدولي – ولا يمكن ان تسئ لتاريخها بسبب مجرم فاشل.
¤ ان العلاقات السودانية الاماراتية راسخة.. واول زيارة رسمية خارجية لمؤسسها حكيم العرب المغفور له الشيخ زايد بن نهيان بعد استقلال بلاده كانت إلى السودان.. وللمفارقة تصادف هذا الشهر (20 فبراير 1972).. كانت تاريخية بمعنى الكلمة بزيارته إلى كلا من دارفور ، كردفان ، الجزيرة وحديقة الدندر.. وفي بعض المرات لم يرافقه الرئيس الراحل جعفر نميري – طيب الله ثراه – الذي كان مشغولا بمفاوضات اديس ابابا مع المتمردين الجنوبيين.
¤ ومهما يكن من امر .. تحتاج بلادنا ألى ترتيب اوراقها.. وقبلها يجب كسر شوكة المليشيا الارهابية.