الاستنفار العام، والطواريء هي سبيل الحسم واستكمال مطلوبات النصر سيدي الرئيس!؟

.
1-مشهد القتال وإعلان الاستنفار: علامة مفصلية
على خلفية ماجرى ويجري في محوري كردفان ودارفور ، تحديدا بارا ، الزريبة، ام دم حاج احمد ، ام كريضم والفاشر . ومن وحي خطاب رئيس مجلس السيادة من وادي سيدنا ودلالاته ، والمهددات المتعاظمة على بوابة البلاد الغربية . جاء إعلان اللجنة العليا للاستنفار العام .و هو أمر مطلوب بإلحاح في ظل استمرار الأطراف الخارجية المناصرة للتمرد باستنزاف البلاد وابتزازها بالابقاء على حالة الهشاشة ودعم التمرد . فالحرب مواقف ومحطات و الدولة أيقنت الان أن هذا الصراع تجاوز الحدود المحلية والداخلية إلى محاولة تمزيق للسيادة الوطنية، واستباحة الامن الوطني بمزيد من التهديدات وتأجيج الفتنة مرة أخرى . ها هو التمرد يمنح فرصة ثانية للعودة والتمدد.. الاستنفار ليس مجرد تحرك عسكري بل رسالة وطنية مزدوجة يلتزمها حالة الطوارئ نصرة الفاشر ودارفور وكردفان : بتحشيد داخلي مهول لإغلاق الجبهات، وردع خارجي لاي مشروع أجنبيات تعكس التداعيات الأخيرة . الاستنفار بهدف قطع خطوط الإمداد التي تعبر عبر دول الجوار تحديداً محور ليبيا تشاد جنوب السودان.وقد بات جلياً ان هنالك محاولة اخرى لاختطاف الدولة السودانية او اقتطاع جزء آخر عزيز من البلادي سياق المخططات الماكرة ليستخدم كورقة ضاغطة في التفاوض واعادة مشهد التسوية لصالح التمرد وتأسيس.
2-إعادة تموضع التمرد وشبكات الإمداد الإقليمية
• الاعتماد المتزايد على منافذ ليبيا وتشاد وجنوب السودان أعاد إحياء طرق تهريب سلاح ومقاتلين وخطوط إمداد شاهدها الكل في بدايات الحرب. والسيناريو يتكرر مرة اخرى ويتزامن هذا مع اي جولة يكسب فيها السودان مساحة في الانتصارات العسكرية او الدبلوماسية او الجهود المدنية .
• تدفق مرتزقة وعناصر مقاتلة عبر الحدود، بعضهم مرتبط بشبكات تهريب الذهب والسلاح والمخدرات ، يمنح الحركة بعدًا إقليمياً يجعل المواجهة أمنًا مشتركًا لدول جوار السودان.
• هذه الشرايين الإقليمية تسمح للتمرد بمحاولة استعادة الزخم عبر مرونة حركة وتكتيكات مباغتة، ما يتطلب نهجًا متعدد الأبعاد لكسرها (عسكري ـ دبلوماسي ـ استخباري وإعلامي ) وتعبوي لفضح هذه الالتفافات كما حدث في الجنينة.
3-الفارق التكتيكي والأخلاقي بين الجيش والدعم السريع
• الجيش: يتعامل بمهنية ووفقا لقواعد الاشتباك والالتزامات الدولية نسبياً، يعتمد على استخبارات أفضل، ضربات دقيقة، وتدرج في العمليات لتقليل الأذى المدني والحفاظ على البنية التحتية. هذا السلوك يمنح الجيش شرعية محلية ودولية ومحافظة على أرواح المدنيين .
• الدعم السريع: يمارس حربًا بلا ضوابط ولا أخلاقيات ؛ انتهاكات واسعة، استهداف مدنيين ونزوح قسري، استخدام مرتزقة، جرائم مروعة واستغلال المنافذ الحدودية. والمسيرات للقتل والدمار هذه الممارسات تقوّض أي قابلية سياسية له وتكسب الدولة وحلفاءها حجة أخلاقية وقانونية لمواجهته، بالقانون الوطني وامام المنظمات الدولية ذات الصلة .
4-قدرات الجيش على دحر التمرد والقيّم المضافة للتجربة المؤسسية
الجيش، بتجربته الممتدة وإخراجه للتمرد من مناطق متعددة سابقًا، يمتلك القدرة على استعادة السيطرة ودحر الحاضنات الميدانية للتمرد. ميزات مهمة:
• امتلاك بنية قيادية موحدة وخبرات لوجستية.
• خبرة في عمليات التحرير المتدرجة والحفاظ على المدن.
• قدرة على توجيه عمليات استخبارية لقطع خطوط الإمداد وإحكام الطوق على معاقل المليشيا.
5-الكلفة المادية والمعنوية لمواصلة الحسم العسكري
مع أن الجيش قادر على دحر التمرد، فإن هذا الحسم لن يكون بلا ثمن:
• كلفة إنسانية: نزوح أوسع، مزيد من الضحايا والأزمات الإغاثية إذا لم تُحكَم العمليات بدقة ووجود آليات إنسانية فعّالة.
• كلفة معنوية واجتماعية: استنزاف نسيج المجتمع، توتّرٍ قبلي ومناطقي قد يستغرق أعمارًا لإصلاحه، وتغذية سرديات انتقام وانتشار كره بين المجتمعات المحلية.
• كلفة اقتصادية وبنية تحتية: تضرر طرق، مرافق زراعية وصناعية، وانكماش اقتصادي محلي قد يطيل زمن التعافي.
6-البعد الدبلوماسي والقانوني الدولي
• التزام الجيش بالقانون الدولي يعزّز موقف الخرطوم أمام الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية، ويقوّي شرعية مطالبها بمنع تسليح المتمرّدين ومنع مرور المرتزقة عبر الحدود.
• في الوقت نفسه، يجب على السلطة أن تصوغ خطابًا دبلوماسيًا واضحًا يستهدف دول الجوار لقطع إمدادات الدعم ويعرض تعاونًا أمنياً إقليمياً لقطع سبل التهريب. والدولة لآلية إقليمية لحوار السودان لوضع حد لهذا التدخل والانتهاكات التي تمارس بأشكال واسعة تتجاوز كل السقوف، بينما يقف المجتمع الدولي مكتوفاً ويخسر المبادئ والأخلاقيات ليقف عند الادانات.
7-توصيات عملية قصيرة المدى (قابلة للتنفيذ بسرعة نسبية)
1. تكثيف الرصد والاستخبارات الحدودية بالتعاون مع دول الجوار والجهات الإقليمية لقطع أو تقييد مسارات تهريب السلاح والمرتزقة.
2. عمليات عسكرية دقيقة ومتدرجة تركز على القطع الاستخباري لممرات الإمداد ومعاقل التمرد بعيدًا عن الكثافات السكانية.
3. آليات حماية مدنية وإنسانية: فتح ممرات إنسانية مؤمّنة، شراكة مع وكالات إغاثة محايدة، ومحاكمات شفافة لمن تُثبَت عليه انتهاكات لتقوية ثقة المواطنين وحفز ارادتهم للحماية الذاتية.
4. حملة دبلوماسية مُركزة لمطالبة دول الجوار والمنظمات الدولية بوقف تسهيل مرور المقاتلين والأسلحة، مع تقديم أدلة استخبارية موثقة.
5. خطاب مصالحة/تجنّب تفاقم الانقسامات: وفق برنامج محلي لتهدئة النزاعات القبلية والمجتمعية بالتوازي مع العمليات العسكرية. لان ما يصيب السودان لن يقف عنده، وستكون ارتداداته على كامل دول الجوار.
الخلاصة المختصرة
السودان أمام فرصة حقيقية لتعزيز ركائز النصر وتجاوز المنقصات العارضة بإعلان النفرة المكملة بالطوارئ ودواعيها الماثلة .لقطع شوكة التمرد والقضاء عليه وإخراجه من كل موطن ببلادنا. وبتعظيم هذه النفرة القومية ورفدها بالمقاتلين من كل أبناء الوطن في ملحمة وطنية غير مسبوقة. وبتكامل الجهد الميداني والهبة الشعبية ، إذا ما جمعت الدولة بين حسم عسكري شعبي مدروس، ضربة استخباراتية على خطوط الإمداد الإقليمية، وحملة دبلوماسية وإنسانية تعزز الشرعية الداخلية والخارجية. والجيش، بخبرته ومقاييسه المهنية، قادر على دحر التمرد من مناطق واسعة، لكن النتائج النهائية تعتمد على إدارة التكاليف الإنسانية والمعنوية بعيدًا عن منطق الانتقام، وبالتزام واضح بخطوات إعادة بناء الثقة والمساءلة.لعل بإعلان حالة الطوارئ في البلاد او في المحور الغربي يمنحكم سيدي الرئيس وقيادة الدولة تفويضا اكبر وأشمل لمعالجة الأوضاع بما تستحقه من تدابير وترتيبات استثنائية . وبالثقة في نصر الله وارادة الشعب الغالبة والمجيرة مع جيشها لن تكسر ارادة البلاد ولا جيشه مهما بلغت التضحيات، وهي السبيل الي النصر والمعاني الكبيرة التي افتتح بها راس الدولة خطابه التاريخي اليوم .
⸻
٢٨ اكتوبر ٢٠٢٥ م



