من زاويةٍ أخري / محمد الحاج

استراتيجية توثيق علاقات السودان بدول المحيط الإقليمي




القرن الإفريقي يشكل مدرك جغرافي يرتبط بالموقع على الخريطة‏، ومفهوم القرن الإفريقي في بداياته ارتبط بالقضية الصومالية وعلاقاتها المعقدة مع أثيوبيا‏، ولكن المفهوم سرعان ما اتسع استخدامه ليشمل السودان، فطبيعة التفاعلات الداخلية والخارجية المرتبطة بالتطور الجيوإستراتيجى للمنطقة قد أسهم في إعادة صياغتها وتركيبها أكثر من مرة واحدة، فالحروب الأهلية، والصراعات العنيفة على السلطة‏،‏وانهيار مشروع الدولة الوطنية والكوارث الطبيعية والتنافس الدولي على الموارد والنفوذ لم ينقطع عن المنطقة بأكملها، وكلها عوامل أسهمت في التوسع في استخدام مفهوم القرن الإفريقي، وبعد نهاية الحرب الباردة‏، ‏أعيدت صياغة منطقة القرن الإفريقى من الناحية الجيواسترإتيجية مرة أخري لتعكس حقيقة سياسات الهيمنة والنفوذ للقوى الأجنبية في المنطقة‏، وقد تم في هذا السياق إقتراح مفهوم القرن الإفريقي الكبير ليعبر عن المصالح السياسية والاقتصادية والأمنية للدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل في شمال شرق إفريقيا‏، ‏بالإضافة إلى منطقة البحيرات العظمي, وبعد هجمات 11 سبتمبر من العام 2001 م أدت العديد من الاعتبارات الأمنية ببعض أدبيات التفكير الاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية إلى التوسع في استخدام مفهوم القرن الإفريقي ليشمل اليمن وربما بعض بلدان الخليج العربية‏، عليه فإن استشراف معالم المستقبل والحديث عن مستقبل الخريطة الجيوسياسية للمنطقة يعتمد على جملة من العوامل المؤثرة في بيئة الصراعات داخل القرن الأفريقي، أولهما يرتبط باستراتيجيات التدخل الدولي في المنطقة كما يحدث حالياً أما الثاني فيرتبط بانعكاسات ظهور النفط و اليورانيوم و الليثيوم في كثير من دول المنطقة، وهو ما يعنى إضافة بعد جديد لطبيعة التوترات القائمة، حيث أن ظهور النفط و الموارد الأخرى مثل اليورانيوم و الليثيوم في المنطقة أدى إلى إعادة حسابات أطراف الصراع الداخلية كما أنه جذب أطرافا خارجية طامحة لكسب السيطرة والحصول على هذه الثروة، ويمكن أن نشير إلى أن أحد أهداف القيادة الأمريكية لإفريقيا (AFRICOM) تتمثل في محاربة النفوذ الصيني (Chinese Hegemony) المتنامي في المنطقة وتأمين الوصول إلى حقول النفط و اليورانيوم و الليثيوم ، ولاشك أن التفاعل بين هذه المتغيرات الداخلية والخارجية سوف يؤدي إلى إعادة رسم خريطة القرن الأفريقي الكبير فكا وتركيباً.
إن الدولة السودانية في شمال السودان هي دولة إفريقية أصيلة وهى خليط إفريقي عربي (Afro Arab Mix) انصهر فيما بينه مشكلاً بوتقة إثنوثقافية مترابطة فيما بينها مشكلة جسراً من التواصل منذ الحقب التاريخية القديمة بين العالم الإفريقي و العربي، ولكن مصالح الغرب أبت إلا أن تجسد العزلة بين الشمال الإفريقي العربي والجنوب الإفريقي الذى يعتبر السودان أحد حلقات وصله، إن أبناء الشمال السوداني جزءاً لايتجزأ من أبناء هذه القارة يتفاعلون مع قضاياها في سبيل رفعة القارة الإفريقية، وهم من أوائل الأفارقة الذين بذلوا جهداً تاريخيا مقدراً من أجل تحرير القارة الإفريقية من براثن الإستعمار الأوربي (European Colonization ) الغير أخلاقي، والوقوف ضد نظام الأبارتهيد (الفصل العنصري) (Apartheid),كما أنه ظل يساند الجهد الجماعي الإفريقي للعمل على حماية مقدرات وموارد القارة الإفريقية من تغول المستعمرون الجدد القادمون من وراء البحار لنهب موارد القارة الإفريقية، عليه دعم إطار العلاقات السودانية الإفريقية عبر توثيق علاقات السودان الثقافية بدول المحيط الإقليمي للسودان يشكل أحد أهم المحاور التي تساعد في دعم السلامة الإقليمية للدولة السودانية خصوصاً بعد العدوان الذي شن علي الدولة السودانية و شعبها من قبل مليشيات الدعم السريع و داعميها في 15ابريل 2023م.
فالكل يعلم حجم المشكلات التي تسببت في إنفجار المشكلات على الصعيد الداخلي و هي نتاج عن التدخلات الخارجية فى الشؤون الداخلية عبر حجج الأقليات والتثنيات وحماية حقوق الإنسان من أجل فرض سيطرتها على مقدرات الدولة السودانية، وعليه إذا كانت التدخلات الخارجية تفرض قيوداً على حركة الدول داخل حدودها السياسية لحل مشكلاتها في إطار قومي يخدم مصالحها، فكيف لنا أن نتصور حجم القيود التي سوف تفرض على حركة الدولة السودانية من أجل توثيق علاقاتها مع دول محيطها الإقليمي ودول القارة الإفريقية الأخرى في إطار تحالفي يهدف إلى دعم السيادة الوطنية وحماية الأمن الوطني السوداني وتنمية مقدرات قوته والحفاظ على كيانه الإقليمي.

لذي يفترض أن تأتي أهمية توثيق علاقات السودان مع دول المحيط الإقليمي في مقدمة الأهداف الإستراتيجية للدولة السودانية بحيث يطرح توثيق العلاقات فكرة إستنباط إستراتيجيات نابعة من جهود بحثية مكثفة ومعلومات ذات قيمة عن دول المحيط الإقليمي للسودان تساعد في وضع منهج وسلوب واليات عمل فعالة تساعد في توثيق هذه العلاقات، كما يجب أن تراعى الإستراتيجيات المعدة مسألة الأولويات الإقليمية (Regional Priorities) للسياسة السودانية والتي تتشكل من الأوليات التالية:
أ‌- دول الجوار اللصيقة (Neighboring Countries):
ب‌- منطقة حوض النيل (River Nile Basin):
ت‌- مناطق التجمعات الإقتصادية الإفريقية:
ختاماً:
لن يستطيع السودان أن يتطور إقتصاديا وتنموياً ويعيش في أمن وطمأنينة مالم تنعم البيئة التي تحيط به بالأمن والإستقرار والتنمية، وتحركه في إتجاه إقامة علاقات وثيقة مع دول محيطه الإقليمي تحت مظلة حملة منظمة وفق إستراتيجيات معدة بناءاً على معلومات مؤكدة تعمل على ترسيخ العلاقات بين السودان ودول جواره الإقليمي، بغرض الإستفادة من هذه العلاقات فى زيادة مقدرات الدولة السودانية من القوة والثراء الإقتصادى، ويتطلب هذا التقيد بالخطط الإستراتيجية المعدة لهذا التحرك والإستجابة للمتغيرات على المستوى الإقليمى والدولي من أجل إدخال التعديلات اللازمة على الخطط المعدة من أجل إعطاء قوة دافعة لهذا التحرك، مع الإنتباه للمعوقات والحواجز التي يمكن أن تفرض من قبل الولايات المتحدة والغرب وإسرائيل من أجل الحد من هذه الحركة وكيفية التعامل معها بشكل من المرونة والحكمة حتى لا تؤثر فى إبطاء قوة الدفع السودانية فى بناء علاقات راسخة مع دول المحيط الإقليمي للسودان.

بعض الأفكار التي يمكن أن تساعد في أحداث الفارق المطلوب في توثيق علاقات السودان الافريقية:
1.تحديث مؤسسات صنع القرار المختصة بالشأن الإفريقي.
2.إنشاء لجنة تعنى بالشؤن الإفريقية.
3.إنشاء لجنة رئاسية قومية تختص بجمع المعلومات بصورة مستمرة عن القارة الإفريقية لتخطيط السياسات الإفريقية ومتابعة تنفيذها وتقويم أدائها ومراجعتها بصورة دورية.
4.إشراك مراكز البحوث والدراسات في تفعيل الأنشطة البحثية عن القارة الإفريقية على كافة الأصعدة ذات الاهتمام سوى كانت سياسية أو اقتصادية أو أمنية أو علمية وثقافية.
5.الإهتمام بدعم وتطوير أداء البعثات الدبلوماسية على المستوى الإفريقي وخاصة فيما يتعلق بالجانب الثقافي والعلمي.
6.تعيين وزيراً مختصاً بالشأن الإفريقي له خبرة وعلاقات إفريقية تخدم مصالح السودان عبر تفعيل علاقات السودان السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية والعلمية مع دوائر صنع القرار فى إفريقيا.

اترك رد

error: Content is protected !!