الرواية الأولى

نروي لتعرف

آفاق رقمية / د. محمد عبدالرحيم يسن

إعمار ذكي.. كيف يساعد الذكاء الاصطناعي بناء ما دمرته الحرب؟

د. محمد عبدالرحيم يسن


مع كل حرب تندلع، ينهض سؤال المستقبل: كيف نعيد إعمار ما دمرته النيران؟
في التجارب الحديثة، لم يعد البناء محصورا في الطوب والحجر، بل أصبح الرقمي والتقني شريكا أصيلا في التأسيس لمرحلة جديدة.
وهنا يتقدم الذكاء الاصطناعي كأداة ثورية قادرة على تغيير قواعد اللعبة في إعادة الإعمار.
فالخوارزميات يمكنها رسم خرائط دقيقة للمناطق المدمرة عبر صور الأقمار الصناعية، وتحديد أولويات الإصلاح وفق معايير إنسانية وتنموية. كما تستطيع أن تضع نماذج ذكية لإدارة المياه والكهرباء والنقل بكفاءة أعلى، مما يقلل الكلفة ويزيد سرعة الإنجاز.
أما في الخدمات المجتمعية، فيفتح الذكاء الاصطناعي أبوابا واسعة: تعليم رقمي يربط الطلاب بمصادر معرفة عالمية، صحة إلكترونية تقدم التشخيص والعلاج عن بعد، بل وحتى دعم نفسي عبر منصات تفاعلية تعين من أنهكتهم الحرب.
من هنا تبرز ضرورة التفكير بأدوات العصر، إذ لا يعقل أن تعود الوزارات والهيئات والجامعات والمصارف بذات الهياكل التقليدية والمباني المعهودة. الأمر تغير، واجب علينا أن نتغير ، اليوم يمكن إدارة مؤسسة كاملة من خلال هاتف ذكي، أو تشغيل فرع مصرفي كامل دون الحاجة لمبنى فعلي، بل عبر واجهات رقمية مؤمنة. هذه هي النقلة التي يجب أن تبنى عليها مرحلة ما بعد الحرب.
ولا يتوقف الأمر عند ذلك، إذ أن اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي في إدارة المشروعات يضمن مزيدا من الشفافية عبر تتبع الإنفاق وتحليل البيانات الضخمة. كما يمنح الشباب فرصة أن يكونوا شركاء لا متفرجين، من خلال تدريبهم على الأدوات الذكية وتحويلها إلى مشاريع ناشئة تخدم قراهم ومدنهم.
إن إدماج الذكاء الاصطناعي في خطط إعادة الإعمار ليس مجرد خيار استراتيجي، بل هو جسر نحو المستقبل، يختصر المسافات، ويعيد الأمل، ويطلق طاقات جديدة قادرة على أن تنهض من بين الركام.
٤ أكتوبر ٢٠٢٥م

اترك رد

error: Content is protected !!