∆ بعد النجاحات الباهرة والإنجازات التاريخية التي حققتها بعثات الأمم المتحدة المختلفة والمتعددة في سوريا والعراق واليمن وليبيا والصومال وميانمار وجنوب السودان وغرب إفريقيا ، وبعد الإنجاز الأكبر الذي ساهمت في تحقيقه بعثة الأمم المتحدة في إطار مشاركتها بالآلية الثلاثية مع الإيقاد والاتحاد الإفريقي في جمع الفرقاء الإثيوبيين من قوميات التقراي والأمهرا والأرومو والعفر وبني شنقول بتحقيق التوافق الوطني في جمهورية إثيوبيا والذي كان من نتائجه تأكيد مبدأ الحكم الفيدرالي للقوميات، والعودة للانتخابات العامة التي أشعلت الحرب الطاحنة والتي خلفت عشرات الآلاف من القتلى وشردت الملايين من النازحين واللاجئين الذين واجهوا الجوع والمرض داخل وخارج إثيوبيا ،، استنادًا على كل ذلك قرر مجلس الأمن الدولي التمديد لبعثة الأمم المتحدة في السودان (يونيتامس) لمدة عام لمواصلة الإبهار الدولي ، وتحقيق إنجاز عالمي جديد يضاف إلى سجلها الحافل من إنجازات تحقيق السلام وبسط الاستقرار وإطلاق التنمية في دول هذا ( الكوكب ) ..
∆ طبيعي لن تنطلي ديباجة قرار مجلس الأمن الدولي (المزورة) أعلاه على أبسط وأقل مهتم بالشأن العام، ناهيك عن مراقبي الأحداث ومحللي شؤون السياسة من الإعلاميين والمهتمين بما يدور في هذا العالم من وقائع ومن خزعبلات ،، ببساطة لأن شيئًا مما ذكر بالديباجة المزورة أعلاه لم يحدث البتة، وفي حالة إثيوبيا التي تستضيف مقر الاتحاد الإفريقي وتتمتع بعضوية الإيقاد ـ والتي هي أولى بالآلية الثلاثية لحل أزمتها المستفحلة من السودان ـ لم يفكر أصلاً ( ود مقنعة) دولي باقتراح إنشاء وساطة بين فرقائها ،، وببساطة أكثر مع الصراحة لم تكن أو تُنشأ بعثات الأمم المتحدة في دول العالم الثالث لتحقيق سلام أو لزرع ديمقراطية أو لبسط سلام ، وإنما وجدت لتحقيق مصالح الدول الكبرى والمتنفذة في العالم .
∆ العالمون ببواطن أمور وشؤون المنظمة الدولية في نيويورك ومجلس أمنها يعرفون أن قرارات مجلس الأمن الدولي تصدر نتيجة لمساومات وموازنات وتفاهمات بين أعضائه تتم في (غرفة المشاورات ) Consultation room وليس في قاعات الاجتماعات نتيجة للمداولات المفتوحة ،، هذه الغرفة كما وصفها أحد المندوبين الكبار بمفهومه ( إنها المكان الذي تسوى فيه أهم القرارات التي تتعلق بالسلم والأمن الدوليين، وفي هذا المكان تدور أحمى المناقشات، وفيه يقضي الدبلوماسيون أكثر الساعات والأيام إثارة في حياتهم المهنية) .. داخل هذا المكان تمت المساومة الكبرى نهاية الأسبوع الماضي للتمديد الفني لعمل بعثة الأمم المتحدة في السودان “يونيتامس” .
∆ مقابل سقف السودان العالي بإنهاء عمل يونيتامس بالبلاد تقدمت بريطانيا ـ متولية كبر النفوذ الأوربي الذي يحن للمستعمرات القديمة ـ بمشروع قرار لمجلس الأمن حمل عبارات من شاكلة ( تسخير إمكانات الأمم المتحدة لدعم البعثة ) ، ودون الإشارة الي استخدام الفصل السابع حوي مشروع القرار بعض عناصره ،، ومشروع القرار البريطاني القبيح كان أقل وصف له هو ما وصفه به وزير الخارجية المكلف علي الصادق بقوله ( إنه مشروع قرار مليء بلغة التهديد والوعيد والاتهامات والانتهاكات بجانب أشياء لا تمت إلى جوهر العملية بشيء) لكن وصفه الحقيقي هو وضع البلاد تحت الوصاية الدولية مع تنفذ القوى الاستعمارية .. ثم تحدث المساومة التي تولتها الدول الكبرى المساندة للسودان ، لتخلص إلى التمديد الفني للبعثة ( بمعنى بقاء الحال على ما هو عليه ) على تمرير مشروع القرار البريطاني الخبيث ..
∆ نعم ستبقى “يونيتامس ” لمدة عام آخر ، لكن ما الجديد ؟؟ خطتها للتسوية السياسية تجد المعارضة من الحزب الشيوعي في أقصى اليسار إلى التيار الإسلامي العريض في أقصى اليمين ، و ( أولاد بريطانيا ) مغلوب على أمرهم بين تاريخ حديث بالفشل وقيود قضايا التبديد ، وود لباد الاتحاد الإفريقي فشل في التحليق داخل الفلك الذي رسم له مؤخرًا ، والمبادرات الوطنية تقوى وتفرض نفسها، وخريطة الشارع وموازينه في تغير ملحوظ، والمؤسسة العسكرية تدل كل المؤشرات على تحضيرها للبديل الثالث الذي ينهي مسؤوليتها المؤقتة ، ما يمكّن الشعب من اتخاذ قراراته الفاصلة ،، والله علام الغيوب ،، وإلى الملتقى ..