
(1)
ما فعلته بعض القوى السياسية والمدنية في نيروبي 15 ديسمبر 2025 م وتوقيعهم إعلان مبادئ ثم وثيقة أخرى عن التيار الاسلامي والوطني وضرورة تصنيفه (جماعة ارهابية) ، وهو في الحقيقة تعبير عن ثلاث شواهد ، اولها: محاولة نقل (الغبينة السياسية) إلى حالة صراع دائم ينتهى بالإقصاء والقضاء على الآخر ، بغض النظر عن أى ارتدادات وابعاد أخرى ، وبالتالي استبعاد خاصة (التنافس السياسي) أو التداولات بين القوى ، وهذا فوق أنه خيار (صفري) وعاجز ، فانه انحدار بمفهوم العمل السياسي من (طرح) البرامج والرؤي إلى (طحن ) الطرف ذاته.. وفي هذا تغييب كلي لصاحب المصلحة الاساسية والخيار أي المواطن ، وهذا مناط الأمر ، فهذه القوى المذكورة لا تملك من ذلك قبضة شعير..
(2)
والحقيقة الثانية ، ومع غياب الفاعل الشعبي فإن التعويل اصبح على الأجنبي ، وهذا في حقيقة الأمر تخفيف لوصف الواقع ، فما يجرى هو تبني كامل لأجندة اجنبية ذات مصلحة في معارك مع الإسلام السياسي لدرجة انخراط مؤسسات دولة مثل امارات العربية المتحدة بكل سلطاتها السياسية والدبلوماسية وخطابها الاعلامي وانشطتها للدخول في الشأن السوداني ، وهو أمر لم يبدأ اليوم ، وإنما اتضح انها سلسلة ترتيبات على مراحل متعددة ، فلم تعد في الخطط والرؤي سوى اللسان والسمت السوداني ، أما بقية الطرح والمحتوي وحتى التعبيرات هو (صدى راي الكفيل) – إن صح التعبير ، وهذه وبمقاربات دقيقة أحط موقف في تاريخ السودان ، ففي كثير من المراحل السياسية حدثت خلافات لدرجة كبيرة ، لكن احتفظت القوى المعارضة بدرجة من استقلالية الراي وتقدير الموقف الوطني ، أما هذه الحالة أو ما تفعله (مجموعة صمود) وسياسيها هو خنوع غير مسبوق..
(3)
وثالث الحقائق ، فإن هذه الخطوة هى امتداد للتوافق بين هذه المجموعات والتيارات ومشروع آل دقلو المتوحش ، بل هو أبعد نجعة من ذلك في أكثر من نقطة:
• فهذه الخطوة ، فوق إنها استمرار لنهج مجموعة د.حمدوك ، في التزييف والتضليل والتزلف ، فانه كذلك تغطية لجرائم وفظائع المليشيا المتمردة والابادة الجماعية والتطهير العرقي والتصفيات والقتل والتهجير والتجويع والسلب والنهب والاغتصاب كل تلك الانتهاكات ، وهذا سلوك مشين ، بل هو تأكيد لما ذكرناه آنفاً من تغييب كامل للمواطن ليس في رايه ، بل في حقه المنهوب وماله المسلوب وحاله المغلوب..
• افتراع فرضيات جديدة أو ما يسمونه (سردية الطلقة الأولي) التى تتجاوز كل الوقائع الماثلة والأدلة الشاخصة ، من مخططات ونقل اسلحة وذخائر واحاطة مواقع عسكرية وقدرات وتمركزات ليلة 14 ابريل 2023م وارسال قوات إلى مروى 13 ابريل 2023م ومحاصرة 23 موقعاً عسكرياً في الخرطوم وما جاورها وحتى مطار الأبيض وكل ذلك والبحث عن (رصاصة) ، أنه عمى والتسطيح السياسي والخبل ، ويريدون ترك كل ذلك والتعلق بقشة هى في حد ذاتها مكذوبة..
• وما تفعله هذه القوى السياسية المخذولة هو محاولة تحوير المعركة الوطنية والتماسك والنفير الوطني على أنه (صراع مواقف سياسية) ، فقد كانت مهمتهم في كل معاركهم (تفتيت الجبهة الوطنية)..
ابراهيم الصديق علي
17 ديسمبر 2025م



