بقلم – د.يوسف العميرى
بطبيعتي أنا رجل لا يحب أن يستند إلى الحظ والحسد والتشاؤم، في تفسير الأشياء والأحداث التي أمر بها شخصيا، أو التي يشهدها العالم ككل، فلكل شيء وحدث سبب، يمكن معرفته إذا ما حللنا الأشياء وأعدناها إلى أصولها، ومع ذلك يمكنني رصد العديد من «الغربان»، التي تحاول جاهدة أن تنغص علينا عيشتنا والعياذ بالله.
هذه الغربان، قد تراها في هيئة شخص، أو ظرف ما، أو حتى وباء – حفظكم الله – كما حدث مع فيروس كورونا الذي بث الرعب في نفوس العالم أجمع، على مدار نحو ثلاثة أعوام.
ولأننا نودع عاما على وشك المغيب، وعلى أعتاب عام جديد يطرق الأبواب.. .رأيت أن أشير إلى بعض هذه الغربان، كي نبتعد عنها أو لنبعدها عن حياتنا، من أجل سنة ملؤها الخير والمحبة والسلام.
أول هذه الغربان التي يجدر بنا جميعا أن ننحيها عنا ونطردها، ذاك الغراب الذي يأتيك في هيئة إنسان متشائم.. .والفرق كبير بين التشاؤم الحرص، فالحرص يستدعي أن نكون منتبهين ونأخذ بالأسباب ونفعل أعلى درجات التركيز.. .بينما التشاؤم هو دعوة لعدم الحياة.. .ونحن أحوج ما نكون لهؤلاء الذين يمدوننا بالطاقة الإيجابية، ويدفعوننا دفعا نحو الإنجاز والإقبال على الحياة.
أما ثاني الغربان الذي أحذرك من تركه يحلق في مجالك، فهو ذاك الإنسان الذي يترقب إلك فقط من أجل المصلحة.. .صحيح أن الدنيا أخذ وعطاء – كما يقال – وأن التعاون مع الغير من أجل المصالح المشتركة أمر واجب.. .لكن هناك من لا يعرفك إلا إذا أراد منك شيئا، وحين ينقضي ما يريد تجده «فص ملح وذاب»!
ونأتي إلى ثالث الغربان، وهو ذاك الشخص الذي يكره لك الخير، فإياك والحاقد الذي لا يحب أن يراك في نعمة، بل ويجتهد في محاولة صرف هذه النعمة أو تلك عنك.. .مثل هذا الشخص إنما هو كتلة من الكراهية – أعزكم الله- تمشي على الأرض، والبعد عنه غنيمة.. .ولتحيط نفسك بمن يحبونك ويتمنون لك الخير، كما يتمنونه لأنفسهم.
أيضا ابتعد عن الغراب « الشكاء البكاء»، الذي لا يكف عن لعن الظروف، التي يراها عائق عن تحقيق أحلامه، بينما هو في حقيقة الأمر شخص سلبي، لا يبذل مجهودا من أجل تحقيق ما يريد، وينتظر أن تأتيه الدنيا بين يديه كشجرة دانية يقطف منها ما يشاء، دون أن تلمع على جبينه حبة عرق.
كذلك إياك والغراب «الكئيب»، الذي إذا رأى بهجة فر منها، وإذا رأى خيرا أفسده باجترار أحزان الماضي.. .مثل هذا الغراب هو الخطر الأكبر على صحتك النفسية، التي هي رأس مالك إلى جانب صحة جسدك.
وعلى ذكر الصحة، فلتبتعد عن تلك الغربان التي يطيب لها أن تراك عليلا – لا سامح الله – بل ويدفعك دفعا نحو كل ما هو ضار، بحجة أن كل ممنوع مرغوب، وأنه «يفوز بالملذات كل مغامر».. .فلتغامر وتستمتع بحياتك ولكن بعيدا عن صحتك.
ترى لو تركت العنان لقلمي، لكتبت عشرات المقالات عن «الغربان» التي يجب أن نبعها فورا عن حياتنا مع قدوم العام الجديد، لكن يكفي ما ذكرنا وليحفظنا الله جميعا وينعم علينا بسنة كلها خير وسعادة ومحبة.