عادل الباز
1
لم يكن الأستاذ الكاتب الذكي حسين ملاسي مخطئاً حين أطلق على رئيس البعثة الأممية لقب (المزوراتي)، فالسيد فولكر لم يكتفِ بتزوير خطابات الاتحاد الأفريقي، إنما استمر يزور الحقائق في تقاريره المتعددة لمجلس الأمن وتصريحاته، وآخرها بالأمس في جلسة مجلس الأمن.
2
بالأمس أنفقت وقتا عزيزاً في متابعة الهراء الذي دلقه أعضاء مجلس الأمن غير الموقرين في إفادتهم لجلسة المجلس بشأن السودان، ليس هنالك أي ثمرة يمكن أن يخرج بها الذي استمع لتقارير مكرورة لا علاقة لها بما يجري من أحداث جسيمة، الإفادات لم تخرج عن ثلاث قضايا.. دعم حوار جدة ومخرجاته، والإلحاح على معالجة القضايا الإنسانية، وحث الطرفين على إيقاف الحرب.. ولم يطرح أيٌّ من أعضاء المجلس خارطة طريق لدعم الحوار، ولا كيفية التعامل مع القضايا الانسانية، ولم يتقدم أحدهم بدعم مادي لإنقاذ ضحايا الحرب! كان كله “كلام ساكت”!
للأسف لم يذكر أحد أن ما يحدث في السودان تمرد، ولم تسجل إدانة واحدة للمتمردين، ولا حتى إدانة لانتهاكهم كل الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية والعالم كله يرى على الشاشات التقتيل والتدمير الممنهج والنهب والسرقة والاغتصاب واحتلال المستشفيات، ومحو الذاكرة الجمعية للأمة السودانية وكل فظائع الجنجويد أمامه، ولكنهم جميعا لاذوا بالصمت.. يا لهذا العالم المختل عقلاً وقيماً إنسانية.
3
المزوراتي (دائما فولكر) كانت إفادته تزويراً كاملاً للحقائق، أذ تجاهل في تقريره الأسباب التي أدت لاندلاع حربٍ تسبب فيها بانحيازه لقحت (المجلس المركزي) وتجاهله كل القوى السياسية الأخرى، وكان مصراً على دعم الإطارى، السبب الأساسي وراء الحرب.. وعندما اندلعت تلك الحرب خرج مهدداً أن من يخرج منها منتصراً إذا لم يلجأ للحوار سيعزل دولياً!!
ومعلوم للكافة هوية الطرف الذي سينتصر في النهاية، بمعنى أنه يهدد الجيش أو الحكومة بالعزلة الدولية!
4
بالأمس أيضا قال سيادته أمام مجلس الأمن (طرفا النزاع لم يلتزما بقوانين الحرب واستهدفا مدنيين ومنشآت مدنية).. انظر لهذا الكذب المبين.. من الذي يستهدف المدنيين.. ومن الذي يحتل المنشآت المدنية؟ طبعا هذا المزوراتي الكذاب الأشر يعرف الحقيقة ويتعامى عنها عامداً، وقد فاضت تقارير منظمات المجتمع المدني بالانتهاكات التي ترتكبها مليشيا الدعم السريع المتمردة، وشاهدها العالم مباشرة على الشاشات، ولكنه مطفف كذوب.. وويل للمطففين.
5
قال مندوب السودان لدى الأمم المتحدة، الحارث إدريس لـ مجلس الأمن الدولي في جلسة الأمس إن تقرير بعثة “يونيتامس” لم يستنكر الانتهاكات التي تقوم بها القوات المتمردة ولم يشجبها خلافا لما درجت عليه التقارير في توجيه الاتهامات للقوات النظامية خلال فترة التظاهرات، وأكد أن البعثة الأممية كانت أحد عوامل تعقيد المشهد السياسي لعدم الحيدة والشفافية، ولاحظنا أن رئيس البعثة أرسل رسائل أدت لنتائج سلبية وكان نهج البعثة الأممية للسودان عدم التوازن في التواصل مع المكونات السياسية، مما أضعف مردود ورش العمل التي نظمتها في مجال الحكم الديمقراطي أو السلام المستدام أو بناء السلام او الإصلاح الأمني والعسكري، بسبب خلل في المنهج وأسلوب المقاربة.
مندوب السودان لدى الأمم المتحدة لـ مجلس الأمن الدولي: “لم تبذل البعثة الأممية أي مجهود ملموس في تنفيذ مشروعات SLF في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، وأشار إلى أن تقرير رئيس بعثة الأمم المتحدة للسودان فولكر بيرتس أغفل ذكر أن الشرارة الأولى للاشتباكات انطلقت من قوات التمرد، وهو شاهد عصر على كل هذه الترسانة العسكرية والإمكانات التي تفوق قدرات الدولة كما وكيفا.
6
بقائمة الاتهامات أعلاه التي استمع لها العالم كله بالأمس يصبح أن وجود البعثة الأممية في ظل اتهامات كتلك مجرد عبث وانتهاك واضح للسيادة الوطنية، فالبعثة خالفت التفويض الممنوح لها وأصبحت طرفا في الصراع السياسي داخل السودان، ولم تحقق أي غرض من أغراضها، بل على العكس تماماً ساهمت في اندلاع حرب كارثية مثلها مثل كثير من بعثات السلام، التي أشعلت الحروب في أكثر من زواية في أفريقيا.. وهنا نقول بما أن تلك البعثة قد استقدمها السودان وطلبها فمن حقه إنهاء وجودها وعدم التجديد لها كلها، وليس فولكر وحده طالما استبان خطرها وانتهت بـ(أما الإطاري أو الحرب).
7
يجب إنهاء عمل تلك البعثة السرطانية، وخاصة أن أجلها ينتهي رسميا في 3 يونيو القادم، ليس هناك أدنى فائدة من وجودها.. بالأمس كان مندوبا روسيا والصين واضحين حين قالا إنه يجب الاستماع للسودان بشأن البعثة الأممية، وعدم فرض أي حلول خارجية على السودان، وذلك يعني أن التحركات البريطانية المشبوهة التي سنعود لها لاحقاً، يمكن إحباطها إذا ما تقدمت بطلب بوضع السودان تحت البند السابع.. واجب بعثتنا في نيويورك أن تتوج أداءها اللافت والمميز وهي تقارع عالم عدائي وبلا قيم، أن تسعى لاجتثاث البعثة نهائياً من خارطة السياسة السودانية ويسندها القانون الدولي في موقفها ذلك، والإرادة السودانية التي تكشفت لها مؤامرات هذا المزوراتي الأشر باكراً.