د.كرار التهامي
اشرت في الجزء الاول من المقال إلى عدة محاذير ووصفتها (بالأفاعي العشر) التي قد ستعود و تنفث سمومها من جديد في جسد الوطن بعد نهاية الحرب وحينها سينطبق علينا القول (كانك يا أبوزيد ماغزيت ) فواجب كل فرد في المجتمع ان يعرف هذه الأفاعي عن ظهر قلب ويتحفز لمواجهتها حتى لا تعود الأزمات من جديد مشمرةً ثيابها مكشرةً انيابها و يعود الصراع المسلح تحت دعاوي التهميش ويعود التنمر القبلي وتنمو الجريمة كما كانت في الشوارع والأزقة الخلفية وقلب المدينة
◾️من بين الأفاعي العشر التي اشرت اليها وأكثرها بثاً للسموم هي (روح التشاؤم )التي كانت ولازالت سائدة في الكثير من ابناء السودان وتتمثل في اللعان والطعان لبلادنا وتعييرها بالفقر وضيق ذات اليد بينما هي غنية ومترعة بالخيرات التي لانراها بسبب النظرة الدونية التي نسبلها عليها
◾️بعد الحرب من الواجب (تغيير البرادايم ) paradigm shift و ان نتفاءل بالخير الوفير في هذي البلاد واهلها ونغني لها من ضمائرنا صادقين ليس للطرب ولكن للمعاني فالسودان اجمل البلاد وفيها سعة ومراغما كثيرة وأكثر البلاد رحابة للآخرين وفيها من الموارد مما يغني العالم كله من جوع وفيها من الارض الخصبة والزرع والضرع ما يحلم به الآخرون و من المعادن النادرة تحت الارض ما يكفي اكبر نهضة صناعية وفيها ماظل الغزاة يبحثون عنه منذ بداية التاريخ الى اليوم و الناس في السودان متكافلون متحابون مترابطون اكثر من غيرهم وأهل فزعة وتضحية وفداء اشتهروا بين الشعوب بطيبة القلب والشجاعة والأمانة
◾️كيف نجسد هذه المعاني في تفاصيل حياتنا اليومية وفي المدارس وفي المسرح والأدب و ان نؤمن بها عن يقين ونعمقها في نفوس النشء والأجيال التي تتعرض يوميا للتحريف والتجريف الثقافي بسبب الاغتراب واستلاب الهجرة وإحساس الدونية الذي يتسرب في الوجدان عندما ننظر للآخرين ونقارن
◾️فلسفة التفاؤل الجمعي مهمة للنهوض الحضاري فالأمة المتفائلة أمة ناجحة وأكثر قدرة على التطور يشير بروفسور مارتن سيليجمان المفكر والباحث وعالم النفس الأمريكي في كتابة Learned Optimism إلى دور التفاؤل الفردي و الجمعي والمؤسسي في الاستقرار والإنتاج الفكري والاقتصادي ويعقد مارتن مقارنة بين الشعوب المتشائمة والتي تجلد نفسها ليل نهار وتلك المتفائلة والمفعمة بالوطنية وحب الوطن تلهج بالثناء عليه في كل مجلس
◾️يقول الألمان ،وهم اكثر من خَبِر الحروب واحترق في لظاها ، ” الحرب ام كل شيء”
Das Krieg ist die Mutter von allem
فالحرب تسبب الدمار وتهب العمار وتصنع الاخبار وتلهم الأفكار وتصقل الرجال فالصناعات العسكرية والدوائية وصناعة السيارات ومشروع القنبله النووية والعصبية الآرية التي ميزت ألمانيا وجعلتها متفوقة في كل هذي ازدهرت في الحرب انها الغريزة الإنسانية والرغبة في استمرار النوع والشقف الوطني و حالة القتال والهروب fight and flight التي تستفز كيمياء الحياة وهورمونات البقاء في الإنسان وتحرك العقل الجمعي فتنقدح شرارة التفكير وصناعة البدائل
◾️الخرطوم ستتحول الى اجمل وأنظف مدينة بعد العلاج بالكي الأمثلة والعبر كثيرة فمدن كثيرة خرجت من رماد الحرب كطائر السمندل وشمخت بعد ان داستها اقدم الغزاة ودكتها طايرات الاعداء وتحولت إلى خراب وفناء منها برلين التي كان يضرب بها المثل في الجريمة و الجوع والمسغبة والتضخم اذ كان الرجل الألماني يحمل النقود في (زكيبة) ليشتري بها أشياء يحملها في (جيبه) لكنها ملكت العافية بعد الحرب وتحولت إلى اقوى عاصمة اقتصادية في اوروبا
◾️المثال الرواندي ليس بعيد فبعد الكراهية والقتل والثأرات القبلية التي دمرت رواندا وقسمتها بحد السكين نهضت كواحدة من اجمل بلاد أفريقيا وأكثرها نموا واستقراراً و اصبحت عاصمتها كيجالي بعدان ملأت الحرب أزقتها وشوراعها الخربة بالجثث تحولت إلى عاصمة إفريقية تضاهي اجمل المدن في العالم
◾️لندن سحقتها الطائرات وسوتها بالأرض لم يبق فيها مبنى منتصباً قتل فيها أربعون الفاً من سكانها عادت بعد الحرب عاصمة الدولة الاقوى المتميزة بثقافتها ومسارحها وحدائقها الفيحاء
◾️طوكيو ظلت تقصفها الطائرات الأمريكية لمدة ما يقارب العام حتى تشرد سكانها بالملايين ومات منهم اكثر من مائتين الف من المدنيين بعد توقف الحرب نفضت الرماد واشرقت شمسها من جديد عاصمة للحداثة والتكنولوجي
◾️حتى الطبيعة كما ذكر الكثير من علماء الأنثربولوجي تعوض المجتمع مايفقده من الأنفس و الثمرات حيث أشاروا الى زيادة خصوبة المرأة في اوروبا وارتفاع نسبة المواليد بعد الحرب التي هلكت الحرث والنسل و ازهقت ارواح عشرات الملايين وهاهي أوروبا بعد الدمار والحرب تنتعش وتتحول إلى اكبر قوة حضارية ناهضة ومتطورة
◾️وهكذا ستعود الخرطوم اجمل وأفضل وانبل ستخلو من الجريمة وتعود إلى مستواها القياسي في الامن وسلاسة الحياة والسعادة مثل كل المدن التي تخرج من الحرب نقية كما يخرج الذهب صقيلا من النار تزهو بجامعاتها ومسارحها وفنونها ولياليها الثقافية العامرة ونيلها السلسبيل ويعود الوطن كله
◾️ يقول علماء النفس اهم قاعدة في التنمية الذاتية ان تحب نفسك ويقول علماء السياسة اهم قاعدة للبناء الاجتماعي ان تحب وطنك وان تقبله بعلاته وتفخر به ….اذن اتركوا التشاؤم وجلد الذات وسووا صفوفكم …
نواصل حول بقية الأفاعي
ولانعرف التشاؤم.. ولكن كان بدها تشتي أكان غيمت يقول المثل الشامي. سعادة السفير الدكتور كرار التهامي وأكثر من فرصة لبناء وطن لبناء اقتصاد الاقوى في أفريقيا اضافة موارد المغتربين لموارد الوطن. وكان ماكان في قديم الزمان مغترب في العام ١٩٧٠ ورجع البلد بالثلاجة ٣ ضلفات ودولا ٦ ضلفات و ينت وغرفة نوم تغرق في المرتبة ومكيف فريون وديب فريزر. وكانت هذه الحلوة ترافق المغترب مع كل امين مغتربين وكان آخرها الحوافز المالها مثيل وكانت التمثيل وعرض الحوافز وأهمها العفش والسيارة ومن هنا كان لابد للحرب ان تقوم وقامت