قراءة في نتائج اجتماع مجلس السلم والأمن الأفريقى حول السودان .. هل يشكل بيان المجلس أساس التعاطي الإقليمي والدولي مع الأزمة السودانية؟
كتب المحرر الدبلوماسي:
تضمن بيان مجلس السلم والأمن الأفريقي عن الأوضاع في السودان الصادر بتاريخ 25 يناير 2022 نقاط في غاية الأهمية يمكن تؤسس لتعاطي إقليمي أكثر إيجابية مع الأزمة السودانية. وكما هو معروف فإن مجلس السلم والأمن، هو أهم أجهزة الاتحاد الأفريقي، وله مكانة وتأثير مجلس الأمن الدولي ضمن مؤسسات الأمم المتحدة. من أهم الملاحظات حول بيان مجلس السلم والأمن ما يلي:
التأكيد على بيانه الصادر بتاريخ 24 نوفمبر 2021، الذي رحب فيه بالاتفاق السياسي الموقع بين الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة مع د. عبد الله حمدوك، رئيس الوزراء المستقيل، في 21 نوفمبر، باعتباره إطارا مرجعيا للانتقال. مع الإشارة إلى أخذ المجلس علما باستقالة د. عبد الله حمدوك من رئاسة مجلس الوزراء. وهذا يعني أن الإتفاق لا يزال في نظر المجلس يمثل أساسا للحل.
خلا البيان من الإشارة إلى أن ما حدث في 25 أكتوبر كان إنقلابا عسكريا أو استيلاء غير مشروع على السلطة. وتحدث عن تضامن الاتحاد الأفريقي مع تطلعات الشعب السوداني في “تعميق وتعزيز الديمقراطية في بلاده” و”جهوده لتجاوز التحديات التي تواجهها البلاد”، وتأكيد استمرار التزام الاتحاد الأفريقي بدعم حكومة انتقالية مشكلة بطريقة شرعية وتنفذ أولويات ترتيبات الانتقال السياسي في السودان. وهذه لغة إيجابية وبناءة تنأى عن الإدانة.
من اللافت إشارة البيان إلى محادثات تجري حاليا بين العسكريين والمدنيين وفقا للوثيقة الدستورية لتعيين رئيس وزراء لحكومة مدنية، مع مناشدة كل الأطراف وضع المصلحة العليا للبلاد والشعب فوق أي اعتبار آخر، وحل الخلافات سلميا. وهذا رفض صريح للتصعيد والمواقف الصفوية من مثل لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية. مع ملاحظة ترحيب البيان بتشكيل مجلس وزراء من التكنوقراط في 12 يناير.
يدل البيان على أن الاتحاد الأفريقي ينوي الاضطلاع بدور أكبر في جهود التسوية في السودان، ويشي بدرجة من عدم الرضا عن ما يبدو من عدم إشراك فولكر بيترس للاتحاد الأفريقي في مبادرته الأخيرة، إذ شدد البيان على ضرورة أن يتولى الإتحاد الأفريقي مهمة تنسيق كل الجهود الدولية لتحقيق السلام، مع دعوة رئيس المفوضية لإقامة آلية لذلك الغرض. وتوافق هذا الموقف مع دعوة مجلس السيادة لإشراك الاتحاد الأفريقي في مبادرة فولكر.
شدد البيان على أهمية أن تتسم العملية السياسية في السودان بالشمول وعدم استثناء اي طرف سياسي أو فئة من فئات الشعب من هذه العملية.
يبقى أهم ما تضمنه البيان الدعوة لتسريع إجراء الإنتخابات لتنعقد خلال 6 إلى 12 شهرا، باعتبار أن ذلك هو السبيل للوصول لحكومة مدنية كاملة. ويلاحظ ان مجلس السلم والأمن مضي خطوة أبعد مما تضمنه بيان 25 أكتوبر، وأمن عليه اتفاق 21 نوفمبر، بإجراء الانتخابات خلال 18 شهرا. وبالتالي فإن القوى السياسية السودانية التي لا تبدي حماسا لإجراء الانتخابات قريبا، وتدعو لفترة انتقالية ممتدة، في ذات الوقت الذي تنادي فيه بتسليم السلطة كاملة للمدنيين، ستكون أمامها مهة صعبة لإقناع الوسطاء الإقليميين والدوليين بإمكانية إقامة حكم مدني ديمقراطي دون إجراء انتخابات.
يبدو أن البيان يمثل بداية لترتيبات استئناف السودان لعضويته في الاتحاد الأفريقي حيث تضمن أن المجلس سيوفد بعثة منه للسودان لمتابعة نتائج زيارة مفوض الشؤون السياسية والسلم والأمن للسودان منتصف الشهر الماضي. وهذه خطوة ضرورية تسبق التوصية برفع تجميد عضوية السودان.
في ضوء هذه الملاحظات يبدو غريبا ألا يحظى بيان مجلس السلم والأمن الأفريقي بما يستحقه من اهتمام من الأوساط الإعلامية والسياسية في السودان. وسيكون من مصلحة كل الأطراف السودانية إيلاء هذا البيان مزيدا من العناية والاهتمام لأنه فيما يبدو سيشكل اساس التعاطي الإقليمي والدولي مع السودان.