مكي المغربي
بعد أن أداروا ظهرهم لقاهرة المعز زمنا وخفوا للعواصم الاخرى، وبعد أن اجتهدوا في إعادة انتاج حمدوك في أبوظبي في بواكير الانقلاب، ثم حكومة المنفى في نيروبي، وأديس بعد فشله، وظلوا يتنكرون للقاهرة ضمنيا، لأنهم يتحالفون مع دول لم تمد يدها للسودان في مأساته إلا بتصدير الذخيرة والمسيرات لقتل جنود السودان والمرضى في مستشفى علياء، وبعد أن فشل المخطط، ثم نفخت فيه روح شريرة جديدة، ثم مات، ثم نفخت فيه روحا أكثر شرا، ثم مات وشبع موتا.
القاهرة ليست غريبة عليهم، آوتهم أكثر من مرة ومنحتهم الفرصة تلو الأخرى ليشاركوا في الورش والمؤتمرات قبل اندلاع الكارثة ولكن كان البال مشغولا والجيب محشوا والذمة لمن يدفع أكثر.
ها هو الإبن الضال يعود مجددا للقاهرة.
مصر .. هذا البلد الذي وقف على مسافة واحدة من الجميع، لم يكترث لمرارات آيدلوجية رغم التحريض و (التعريض) ولم تشوش الأكاذيب على نظرته السليمة لمعادلة الأمن والاستقرار في المنطقة.
ظل على مسافة واحدة مع جميع الطيف السياسي السوداني من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، ولم يضع سوى معيار واحد، أمن واستقرار وادي النيل كاملا والوعي التام بمخططات الأعداء والطامعين في ضرب أمن مصر والسودان من الهواة الجدد من الدول حديثة التكوين التي تتعامل مع السياسة مثلما يتعامل الأطفال مع لعبة البلي ستايشن، يجلسون في أبراجهم ويديرون حربا في بلد مسلم وعربي ويستخدمون المليشيا للقتل والسلب والنهب وإذلال الحرائر والكرائم ويدفعون بسخاء للحلاقيم السياسية التي تجوب العواصم وتبرر لوجود المليشيا شريكا سياسيا أولا لهم لتعينهم على تفكيك القوات المسلحة.
عاد الإبن الضال للقبيلة وجلبابه مضرجا بالدماء الزاكية في الجنينة والخرطوم وغيرها، عاد الإبن الضال بعد أن وقف في صف مغتصبي الأعراض ومختطفي الفتيات السودانيات ليباعوا في أسواق كتم وأم دافوق.
عاد الإبن الضال بعد أن صرف المرتبات من الاتحاد الأوربي في أغرب سابقة تسول في تاريخ الخدمة المدنية واكتنز شحمه بالهبات والعطايا من الشيوخ والأمراء .. عاد متأخرا ولن يقبله الشعب السوداني أبدا، ولكن ربما تشفع له القاهرة ألا يتعرض له شخص بسوء ويتركونه يعترف في الغرف الخاصة ببقية المخطط والذي يتجاوز حدود السودان، حتى يستفاد من تفاصيل فضيحته.
بعض المنتمين لمجموعة الابن الضال استيقظوا بعد سبات عميق ليتذكروا أن هنالك انتهاكات حدثت وأن من فعلها هو المليشيا وأنه لا مستقبل سياسي لها.
حاليا .. السؤال ليس عن المليشيا .. السؤال هو هل هناك مستقبل سياسي لمن كان حليفا سياسيا لها بالصمت والتواطؤ ليستيقظ بعد مئة يوم من القهر وذبح السودانيين واحتلال بيوتهم.
أين هذا التصريحات عندما أذلت المليشيا جنود مصر الأوفياء الذين جائوا بطلب السودان واستضافته قبل الحرب بمدة، في اطار تعاون حدث من قبل مع السعودية وغيرها، في ذات المكان، مدينة مروي؟
أين كانت هذه التصريحات عندما قتل الديبلوماسي الإداري المصري، شهيد وادي النيل محمد الغراوي؟
لقد امتزجت دماء أبناء مصر بأبناء السودان في شوارع الخرطوم في اليوم الأول بينما كانت تمتزج تصريحات قحت بتصريحات المليشيا وتصريحات حمدوك من أبو ظبي أنها حرب بين جيشين.
الآن فقط يريدون أن يقولوا المليشيا ليست جيشا والقاتل ليس شريكا سياسيا!