من زاويةٍ أخري / محمد الحاج

غياب رؤية جامعة وموحدة لقيام الدولة السودانية الحديثة

.

إن هناك عدة إشكاليات مزمنة عانت منها الدولة السودانية منذ الاستقلال وتركت بصماتها على نظامنا السياسي و المجتمعي حتى الآن. فغياب الإجماع علي رؤية موحدة وجامعة تهدف إلى توحيد القوي الوطنية و توحد الإرادة للسودانيين تجاه إنشاء ” مسار اصلاحي موحد متفق عليه للدولة “، يستمد قوته من التنافس السلمي، وضمان الحريات وفقا لدستور وقانون يفدي لاجراء الإصلاحات اللازمة في كيان الدولة البنيوي لتحقيق سلام دائم و مستدام وأمة مؤمنة بوحدة السودان هو المطلب الوحيد الغائب عن الساحة السياسية و الفاعلين السياسيين و العسكريين السودانيين.
فعدم الاستقرار السياسي نتيجة لعدم تراضى الأحزاب السياسية السودانية على منهج وأسلوب حكم يحقق مصالح الدولة السودانية وكذلك الانتماءات الحزبية الضيقة وإتباع منهج الإقصاء للآخر من قبل كل الأطراف الفاعلين في المشهد السوداني له دور في تعميق أزمة الحكم فى السودان بدلاً عن تحقيق الاستقرار وتفجير طاقاته لينهض كقوة رائدة إقليميا ودولياً. هذه الإخفاقات قد تسببت فى إحداث جروح عميقة فى جسد الأمة السودانية مازال الوطن يعانى منها جراء الاستهداف الممنهج و الدمار الذي يعصف به في السابق وحالياً بقية تفتيته من قبل القوى الظلامية و التي ظلت تعمل ليلاً نهار علي زرع الفتن داخل المجتمع السوداني للسيطرة علي مقدراته، فأصبح السودان الآن فى أزمة حقيقية تهدد بقائه نتيجة لاستمرار عدم الاستقرار السياسي وعدم التراضي على رؤية واضحة المعالم تحقق تطلعات كل أبناء السودان وتعمل على تقدم المجتمع السوداني وضمان تحقيق أمنه واستقراره وتحقيق بيئة آمنة ومستقرة لأجياله القادمة.
لذلك لابد من ايجاد مخارج في ظل الظروف الصعبة و التحديات التي تعصف بالبلاد و ذلك من خلال طرح رؤية جامعة يتم من خلالها الانتقال الي مربع الحلول و الذي يفدي الي استعادة الإستقرار السياسي و الدخول في عملية انتقال سلسلة جديدة دون العودة إلي المربعات الاولى والتي كانت اساساً في تدهور البلاد و وصولها لهذه المراحل.
وللخروج من الأزمة السياسية التي يعيشها السودان حالياً يجب أن تكرس الجهود من قبل الدولة في اتخاذ خطوات عملية من أجل تحقيق إصلاح سياسي شامل تشترك فيه الحكومة السودانية وكل القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدنى والناشطين فى مجال السياسة من أجل تحقيق المطلوبات التالية:
1.    قبول اعلان حكومة مستقلة وقبول القوى السياسية المعارضة ومنظمات المجتمع المدنى للجلوس على مائدة التفاوض للوصول للحد الأدنى من التفاهمات حول قضايا الحكم والسلطة لتجنيب البلاد عدم الإستقرار في الفترة الحالية و الذهاب الي فترة انتقالية ثم الي انتخابات بعد الانتهاء من الحرب.
2.    طرح تعديلات جديدة للوثيقة الدستور للفترة الانتقالية بالإضافة لأخذ رأي القوي السياسية و المجتمعية و المدنية في التعديلات الأخيرة لكي تاخذ شرعيتها من خلال الإجماع السياسي الشعبي الذي يجنب السودان التدخلات الخارجية التي تسعي الي قيام حروب اهلية لكي لا ينعم بالاستقرار حتي يتم تنفيذ مخطط تفتيته بعدم استقراره سياسياً و أمنياً .
3.    إعادة هيكلة الحكومة وفق برنامج محدد و فترة متفق ومتراضي عليها من كل القوى السياسية الفاعلة مشكلة بذلك صف وطني جامع تجاه تحقيق المشروع الوطني برؤية واضحة توصلنا للهدف الرئيسي و هو قيام دولة السودان الحديثة .
4.    إعادة رسم الأولويات السياسية والاقتصادية الداخلية لمعالجة أزمات البلاد السياسية والاقتصادية.
5.    رسم موجهات جديدة للسياسة الخارجية السودانية تتكيف مع المتغيرات الإقليمية والدولية.

وفى إطار تحقيق عملية الإصلاح السياسي الشامل لحل الأزمة السياسية التى يعانى منها السودان لا بد من التركيز على قضية التحول الديمقراطي في السودان التي يجب أن ترتكز على المبادئ التالية:
1.    إشاعة الحريات العامة ومبدأ المشاركة السياسية.
2.    ترسيخ مبدأ التعددية السياسية والحكم الراشد.
3.    تحقيق العدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد والمحسوبية.
4.    احترام الدستور ومؤسسات الدولة.

ختاماً ليس هنالك حل لأزمة السودان السياسية الراهنة بجميع أبعادها إلا عبر التوافق علي رؤية جامعة تعبر عن تطلعات الشعب السوداني لتخطيه كل التحديات لأنها المخرج الوحيد لتحقيق الاستقرار في السودان وتفجير طاقات الوطن فى جميع المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتنموية و من ثم بزوغ نجم الدولة السودانية على المستوى الإقليمي والدولي.


القاهرة
٤ مارس ٢٠٢٥ م

اترك رد

error: Content is protected !!