»» هل يحتاج « عقار » لضبط التصريحات والتفريق بين المنصب الرسمي ورئيس حركة مسلحة ؟
»» السودان في حاجة لمنظومة إعلامية وطنية لمجابهة أبواق الدعم السريع
صباح موسي
يزور نائب رئيس مجلس السيادة السوداني مالك عقار القاهرة هذه الأيام، بعد جولة إفريقية ضمت جنوب السودان وأوغندا وكينيا وجيبوتي، حاول من خلالها التنوير بالأزمة السودانية، وبحث كيفية علاجها، وذلك فور توليه مهام منصبه خلفا للفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) الذي يقود تمردا بقواته (الدعم السريع)، ضد القوات المسلحة السودانية في الاشتباكات الدائرة بالسودان الآن.
لقاء السيسي
وفي لقاء نائب رئيس مجلس السيادة السوداني بالرئيس عبد الفتاح السيسي صرح المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية المستشار أحمد فهمي أن الرئيس استمع خلال اللقاء إلى عرض لتطورات الأوضاع في السودان فيما يتعلق بمسار الأزمة الراهنة، حيث أوضح نائب رئيس مجلس السيادة مجريات الجهود الرامية لتسوية الأزمة، وعلى النحو الذي يحافظ على وحدة وتماسك الدولة، فضلاً عن سبل التعاون والتنسيق لإيصال المساعدات الإنسانية وتقديم الإغاثة، كما أشاد بالمساندة المصرية الصادقة والحثيثة، للحفاظ على سلامة واستقرار السودان في ظل المنعطف الحرج الذي يمر به، ومن بين ذلك استقبال أبناء السودان في وطنهم الثاني مصر، معرباً عن تقدير بلاده للدور الفاعل لمصر بالمنطقة والقارة الأفريقية بأسرها.
دمار كامل
وفي لقائه بالمركز العربي للفكر والدراسات أكد عقار أن الوضع في السودان الآن كارثي وأن الجيش يواصل القتال حتى النصر، وقال إن الخرطوم تشهد دمار كامل والدعم السريع يحتل الأماكن السكنية، مضيفا أن انهيار السودان يعني انهيار للقرن الأفريقي بشكل كامل، ولابد من انتهاء الحرب بنصرة الجيش، وتابع انه لابد من انهاء الحرب لكن بشرط أن يكون للسودان جيش واحد فقط يدافع عنه، مؤكدا أن الجيش السوداني يتعامل مع مبادرات التهدئة لكن لن يقبل باحتلال السودان، وقال لا يمكن تنفيذ التحول الديمقراطي في البلاد من خلال البندقية، لافتا إلى أن مبادرة جدة توقفت، والى أن هناك مشكلات كثيرة في مبادرة الإيقاد، موضحا أن الدعم السريع احتل مواقع كانت تحت حمايته مثل القصر الجمهوري ولم يسيطر عليها كما يروج، مشددا على أن الجيش سوف ينتصر في هذه المعركة، وعلى أنه يقاتل لكسب الحرب ونحن واثقون من ذلك، وقال إن الدعم السريع تتخذ من المدنيين دروعا بشرية، وأنها تتعامل مع البلاد وكأنها كيان خاص.
المؤتمر الصحفي
وفي مؤتمر صحفي أمس بالقاهرة قال مالك عقار إن هدف زيارته إلى مصر هو مناقشة القضايا التى تهم البلدين، سواء السياسية أو الاقتصادية، وإنه تم التركيز على موضوع الحرب الكارثية فى السودان، مضيفا أن هناك نحو 5 ملايين سودانى فى مصر قبل الحرب، ونحو نصف مليون عالق على الحدود المصرية، يحتاجون الإسراع فى إجراءات الدخول لمصر، كما تناولت المحادثات الدور المصرى فى معالجة القضية السودانية والحرب فى السودان، وتابع أن حلم السودانيين فى الوقت الحالي حل كل القوات غير الوطنية وغير المؤسسة فى السودان، لأن أى دولة يكون لها جيش واحد تحت قيادة قائد عام واحد، لكن نتيجة الحروب فى السودان أصبح هناك أكثر من جيش، وأن الدعم السريع أنشئ للقضاء على التمردات، لكنه تجاوز الآن الدور المطلوب منه، والحرب ستنتهى بالتفاوض وببناء جيش سودانى موحد.
وذكر أن أى حرب تحدث فى دولة من الدول أن تكون لها أبعاد خارجية، من مصالح وأطماع الدول فى هذه الدولة، موضحا أن تقديرات الخسائر فى الحرب يصعب حصرها، وهى تتخطى بلايين البلايين، وهناك أيضا أشخاص راحوا فى الحرب .
وقال عقار ” إن العالقين السودانيين على الحدود المصرية عددهم كبير، وإن الرئيس السيسى وعد بتسهيل كل الإجراءات، وأتمنى تذليل هذه الصعاب وتخفيف معاناتهم، وأضاف أنه قبل بمنصبه لسبب مهم وهو إنهاء الحرب فى السودان، ولا يرى جدوى لدخول الشعب السودانى فى الحرب عسكريا، وقال الشعب يحتاج إلى سلام، وعليه ترك قواته المسلحة تقوم بدورها وتعيد الأمن للبلاد، وكل إنسان فى السودان له مهمة لإنهاء الحرب .
وأوضح أن أى هدنة تنقصها الآليات، وكيفية تنفيذ الهدنة، حين تتحدث عن خروج قوات الدعم السريع من المستشفيات، أنت لم تحدد إلى أين يذهبون ومناطق إيوائهم، ونتمنى فى المستقبل وجود مبادرة جادة تأخد فى الاعتبار هذه الاعتبارات الأمنية حتى تنجح الهدنة، ويفضل أن تكون هناك مبادرة واحدة، لأن كثرة المبادرات تعمق الأزمة، وهناك صقور تحلق تحت غطاء الإنسانية لتدخل السودان، فمن السهل بدء القتال لكن من الصعب إنهاؤه، لوجود أوامر أخرى وقت إنهاء القتال لا نعلمها.
سيادة السودان
وقال عقار إن السودانيين يحترمون كل المبادرات، ورأينا أن أى مبادرة يجب أن تحترم سيادة السودان ومؤسسات الدولة السودانية، هذه قضية سودانية ومن يريد أن يعالجها أن يأخذ آراء الشعب السودانى عبر قنواته الرسمية، وأى مبادرة لا تحترم ذلك أو دخول قوات أجنبية للسودان، فهذا مرفوض ويعتبر احتلالا، مضيفا أننا فى السودان لدينا رؤية لكيفية تنفيذ الهدنة، والآليات الأمنية، وتأمين المناطق، إذا اتفق عليها الطرفان ستكون هدنة نافذة وفاعلة، وذكر أن الخروقات فى دارفور مستمرة من 2003، أحيانا تأخذ الطابع الرسمى وأحيانا تأخذ الطابع الأهلي، وهى حرب مستمرة لوقت طويل، ولكن إذا قررت أي من الحركات المسلحة فى دارفور التدخل فى حرب الخرطوم لصالح أي طرف ستتحول إلى حرب أهلية أو حرب إبادة، وأناشدهم العمل على الحفاظ على الدولة السودانية ومآلاتها، ولفت إلى أن لقاء الفريق أول عبد الفتاح البرهان بحميدتى، مرهون بالاتفاق حول ثلاث قضايا، الأولى إيقاف الحرب، والثانية العملية الإنسانية، والثالثة العملية السياسية، وقال إذا تم الإتفاق على هذه القضايا تترك للحوار حولها والإتفاق عليها، وتابع نرحب بمشاركة مصر فى معالجة القضية السودانية، لأن مصر هى ثانى دولة تتأثر بالحرب السودانية بعد السودان، ومصر لديها المقدرة على حل الأزمة.
عقار النائب
المتابع لتصريحات عقار بعد توليه مهام منصبه كنائب لرئيس مجلس السيادة السوداني، يلاحظ أن الرجل في بعض التصريحات يوفق في التعبير الرسمي عن هذا المنصب، وفي تصريحات أخرى يخونه التعبير ويظهر وكأنه مازال رئيسا للحركة الشعبية شمال، فهل يفسر ذلك بأن عقار مازال يلبس عباءة رئيس حركة عسكرية، هل لديه المعلومات كاملة من قيادة الجيش حول الأحداث والمواقف الرسمية للجيش، أم أنه يجتهد في التعبير عن المنصب الرسمي، فعندما يتحدث عقار لإحدي القنوات الفضائية من القاهرة بأنه غير معروف هل الأحداث الدامية التي تشهدها مدينة الجنينة بغرب دارفور هذه الأيام تقوم بها قوات الدعم السريع أم قوات أخرى ترتدي زي الدعم السريع، يكون بذلك حدث لبس لدى الرجل بين مهام منصبه الرسمي، وكونه مازال رئيسا لحركة عسكرية، وأيضا عندما يصرح بأن كل المبادرات المطروحة الآن للحل في السودان هي احتلال جديد دون تفسير وتحديد بشكل واضح ماذا يعني بحديثه، وهل يقصد كل المبادرات بالفعل (الاتحاد الأفريقي- الإيقاد- الأميريكية السعودية)، أم أنه يقصد مبادرة بعينها، وما معنى احتلال جديد؟، صحيح أنه فسر بعد ذلك في المؤتمر الصحفي في رده على سؤال (أفرونيوز 24) بأنه يقصد أي مبادرة تسعى لنشر قوات دولية في السودان دون مراعاة للسيادة الوطنية للبلاد، الا أن ذلك لا يعفيه من أنه لا ينبغي استعداء كل المساعي التي تريد حلا في السودان، أيضا لم يكن موفقا عندما سألناه عن عدم مقدرة قوات الحركات المسلحة في دارفور من بسط هيبة الدولة في الإقليم، كان رده لا يمكن للحركات أن تقاتل لصالح طرف على حساب طرف، ونسى عقار أن الحركات بما فيها حركته أصبحت في الدولة، وأن حاكم اقليم دارفور مني أركو مناوي بعد أن تولى مهام هذا المنصب أصبح في كيان الدولة، وأن منصبه يحتم عليه وعلى باقي الحركات التي وقعت مع الحكومة اتفاق جوبا للسلام أن تبسط هيبة الدولة في الجنينة على وجه الخصوص، وأن هذا ليس معناه أنه يحارب لصالح الجيش .
أيضا عندما سئل عقار عن لقاء البرهان- حميدتي المقترح بأحد الدول هل تم تأكيده، أجاب عقار بأن اللقاء مرهون بالاتفاق حول ثلاث قضايا، الأولى إيقاف الحرب، والثانية العملية الإنسانية، والثالثة العملية السياسية، وقال ” إذا تم الإتفاق على هذه القضايا تترك للحوار حولها والإتفاق عليها، وربما لم ينتبه عقار لرفض البرهان لمقابلة حميدتي أصلا، فكيف لنائب رئيس مجلس السيادة أن يصرح بذلك، ورئيس مجلس السيادة رفض اللقاء من أساسه؟!.
عقار يحتاج
ويبقى أن عقار يحتاج في البداية إلى مستشار حقيقي يضبط معه التصريحات ( متى يقول.. كيف.. وأين.. ومتى يلتزم الصمت)، كما يحتاج إلى تواصل دائم مع القيادة وتمليكه كافة المعلومات (عسكرية وإنسانية)، حتى يستطيع الرجل أن يعبر بشكل حقيقي عن الدولة السودانية التي لا يوجد بها حكومة أو رئيس وزراء يستطيع الرد والتعبير عن موقف الدولة، فمنصبه يسد فراغ كبير في الدولة السودانية الآن، وينبغي أن يعلم عقار أن لديه فرصه تاريخيه كأول شخص حقيقي يتولى هذا المنصب الكبير من المنطقتين (النيل الأزرق- جنوب كردفان)، كأحد أكثر المناطق المهمشة في السودان، فسبق وأن تولى هذا المنصب أهل دارفور وجنوب السودان قبل الإنفصال.
اعلام مهزوم
كما يبقى أن هناك خلل كبير في إعلام القوات المسلحة السودانية الذي يتفوق عليه بكثير إعلام الدعم السريع منذ بداية الحرب، صحيح أن هناك كثر يدافعون عن الجيش ويعبرون عنه، لكن يبدو جليا أنهم يعملون في جزر معزولة وبشكل فردي، وليس هناك تمليك للمعلومات وتواصل حقيقي وناطقين رسميين يستطيعوا دحض ما يبثه مستشاري حميدتي ليل نهار على القنوات الفضائية، مايحدث تغبيش للوعي وتضليل متعمد للداخل والخارج السوداني، وينبغي التأكيد على أن الحرب الإعلامية ضرورية جدا، وتساعد كثيرا في الحرب الدائرة على أرض الميدان، ينبغي المراجعة وتكوين منظومة إعلامية وطنية تستطيع مجابهة كل هذا الكم المضلل للمعلومات للفريق المضاد.
المصدر : افرونيوز24 https://www.afronews24.com/06/19/%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%88%d8%af%d8%a7%d9%86%d9%8a-7/