حول إعتذار “السفراء الشرفاء” : إعمال القانون واللوائح وإزالة الإزدواجية ام البحث عن وساطات؟ من رفضوا الإعتذار لا يزالون يحتلون مواقع حساسة في الخارجية
كتب : المحرر الدبلوماسي
قابلت الدوائر الإعلامية والسياسية بالاستغراب خطوة 11 سفيرا ممن أسموا أنفسهم ب”السفراء الشرفاء” بالاعتذار للسيد الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة، القائد العام للقوات المسلحة، عن البيان الذي أصدروه يوم 26 أكتوبر 2021 ضد إجراءات 25 أكتوبر. وتضمن البيان وصف تلك الإجراءات بأنها إنقلاب عسكري ودعوة المجتمع الدولي لإدانتها وعدم الاعتراف بما نتج عنها . وأعلن بعض رؤساء البعثات الدبلوماسية السودانية الموقعين على البيان وقتها تمردهم على الحكومة، ورفضوا قرارات إعفائهم، قبل أن تسحب الدول المضيفة لهم اعتمادها لهم سفراء للسودان، بينما توقف من كانوا منهم برئاسة الوزارة عن العمل لفترات مختلفة تزامنا مع دعوات العصيان المدني في الأسابيع التي أعقبت إجراءات 25 أكتوبر 2021.
ووصف معلقون خطوة السفراء الذين التقوا بالسيد رئيس مجلس السيادة، الخميس الماضي لتقديم الإعتذار بالانتهازية واللامبدئية، لأنها لم تأت إلا بعد إلغاء ترشيحاتهم لمناصب سفراء بعدد من الدول، مما يعني أن دافع الاعتذار هو فقط السعي للنقل للخارج، وليس إقرارا بخطأ مجاهرتهم بمعارضة حكومتهم ورأس الدولة الذي يمثلونه وينالون الاعتماد بالخارج باسمه.
ووفقا لتقارير صحفية فإن وزير الخارجية المكلف كان قد سعي لإقناع مجلس السيادة بالإبقاء على ترشيحات السفراء المعارضين، أو إجراء تعديلات شكلية عليها، بحجة أن بعض هذه الترشيحات قد نالت موافقات الدول المعنية، ولكن اللجنة التي كلفها مجلس السيادة من بين أعضائه بمراجعة الترشيحات، استبعدت كل الموقعين على المذكرة.
وأوضحت مصادر قريبة من مجلس السيادة أنه، خلافا لما أشيع في بعض الأوساط، فإن المجلس لم يطلب إعتذارا من موقعي المذكرة، للنظر في أمر نقلهم للخارج، باعتبار أن مثل هذه المسائل لا تعالج بالوساطات أو الاعتذار وإنما بأعمال اللوائح والقوانين والأعراف السائدة. لذا يرجح أن يكون طلب لقاء المجموعة بالسيد رئيس مجلس السيادة جاء بمبادرة من وزير الخارجية المكلف، وبايعاز من بعض السفراء المعنيين.
وبينما نال السفراء الذين شاركوا في اللقاء نصيبا وافرا من الانتقادات والتعليقات الساخرة في الصحف الوسائط الاجتماعية، فإن ما لم يحظ باهتمام المعلقين أن هناك عددا من السفراء الموقعين على المذكرة الموجودين برئاسة الوزارة لم يشاركوا في اللقاء. وقيل إن هؤلاء فوضوا زملاءهم الذين حضروا اللقاء. وإن صح ذلك، فهو أمر مستغرب.ومستهجن، لأنه يوحي بأنهم يتعالون على رأس الدولة ويترفعون عن مقابلته.
ولفت مصدر دبلوماسي أن السفراء الذين تخلفوا عن مقابلة رئيس مجلس السيادة من موقعي المذكرة يتولون مسؤوليات مهمة في وزارة الخارجية مثل المدير العام للعلاقات العربية والآسيوية، والمدير العام للتعاون الدولي – وهي الإدارة العامة المعنية بالأمم المتحدة وقضايا حقوق الإنسان والمياه والبيئة والتعاون التنموي الدولي – والمدير العام للتخطيط والسياسات، ومدير الإدارة الأوربية، ومدير الإدارة الآسيوية. وتساءل اإدا كان هؤلاء لا يزالون متمسكين بموقفهم من اعتبار اجراءات 25 أكتوبر إنقلابا ويرفضون الإعتذار عن هذا الموقف، فكيف يضعهم وزير الخارجية المكلف في هذه المواقع الحساسة في مثل هذا الوقت الحرج؟ و كيف يستمرون هم كل هذه الفترة في خدمة حكومة انقلابية؟ هل لا يزالون بدورهم ينتظرون النقل للخارج؟ إنك لا يمكن أن تحتفظ بالكيكة وتأكلها في نفس الوقت الواجب القانوني والأخلاقي يحتم عليهم الاستقالة وولوج باب العمل السياسي من أوسع أبوابه.
وذكر المصدر الدبلوماسي أن مما يزيد الأمر غرابة أن مدير الإدارة الأوربية بوزارة الخارجية، هي مواطنة فرنسية، نالت من قبل عضوية مجلس تشريعي محلي بباريس، وهي من موقعي المذكرة ولم تشارك في المقابلة مع رئيس مجلس السيادة.. في وقت تشهد فيه علاقات السودان بالاتحاد الأوربي توترا كبيرا، وتتولي فرنسا النصيب الأكبر من المواقف العدائية للاتحاد الأوربي تجاه السودان. والسؤال الذي يطرح نفسه أي المصالح التي تدافع عنها مديرة الإدارة الأوربية:مصالح فرنسا أم السودان؟
المطلوب من وزارة الخارجية ترتيب بيتها الداخلي، واتخاذ خطوات واضحة وشجاعة لإزالة ما يظهر من اضطراب وازدواجية في ادائها و ذلك لتتمكن من الإضطلاع بدورها في دعم المساعي الوطنية لتجاوز الأزمة السياسية الراهنة. وتحتاج الوزارة لتفعيل قانون السلك الدبلوماسي واللوائح المستمدة منه، ومرشد الأداء الدبلوماسي والقنصلي، حيث تتضمن هذه الوثائق ما يكفي لضبط العمل بوزارة الخارجية وبعثاتها الخارجية.