
كما أن الأوبئة تُنهك الأجساد، فإن الخطاب المضلل يُنهك العقول والمجتمعات ويُدخلها في دوامة لا تقل خطورة عن العدوى الفيروسية.
1
حمى الضنك التي تفتك بالسودانيين حاليًا في الخرطوم تُعرف بأنها عدوى فيروسية ينقلها نوع معيّن من البعوض اسمه Aedes aegypti (نفس البعوض المسبّب لحمّى زيكا والحمّى الصفراء).
ولا يوجد علاج مضاد فيروسي محدد.
وسيلة الانتقال: لسعة بعوضة مصابة، بعد أن تتغذى على دم شخص مريض.
وعلاجها الوحيد: هو القضاء على “أم كعوك” نفسها.!!
2
أما حمى الضنك السياسي التي تُصيب وأصابت لفيفًا من السودانيين داخل وخارج السودان فهي أخطر من العدوى الفيروسية، لأنها تنتقل بواسطة “الكلام الفارغ”، وهذا أخطر من طنين البعوض.
وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية الممولة خارجيًا هي البعوض الجديد الذي ينقل هذا الوباء السياسي، ولا يمكن مكافحته بسهولة.
حمى الضنك السياسي لم يُكتشف لها علاج حتى الآن، وعلاجها الوحيد المتاح هو الحجر على الكائنات الإسفيرية والفضائية الناقلة للكلام الفارغ.. وهو المسبّب الرئيس لهذا النوع من حمى الضنك.!!
3
إذا كانت أعراض حمى الضنك الفيروسية تتمثل في:
ارتفاع شديد في الحرارة (غالبًا فجأة)،
آلام في المفاصل والعضلات (تُسمّى أحيانًا “حمّى تكسير العظام”)،
غثيان أو قيء،
فإن لحمى الضنك السياسي خمسة أعراض واضحة، لا تحتاج إلى فحص معملي:
أ / كراهية الإسلاميين بلا سبب واضح: حيث يُصاب المتحدث برعشة منذ أول جملتين، ثم يتطور الأمر بسرعة إلى تشنج، ثم هذيان، وصولًا إلى الغيبوبة التي تجعله يُحمّل الكيزان كل كوارث الدنيا.!!
ب/ مساواة الجيش الوطني بالميليشيا: إذا قلت له المليشيا تمردت على المؤسسة العسكرية، يقفز إلى: الطلقة الأولى.. مسؤولية من؟ وبالطبع لا ينسى إقحام الإسلاميين في كل شيء. حتى إذا ذكّرته أن أحد شعارات “الثورة” كان (الجنجويد يتحل) ولم يقل أحد (الجيش يتحل)، يصاب بهاء السكت ويُبحلق في الفراغ ويغمغم بكلام فارغ.!!
ج/ الهذيان عند ذكر العمالة والدعم الخارجي: كلما ذُكر مثلث المجرمين الثلاثة (صمود، تأسيس، المليشيا)، يتفجر بركان الهذيان والسبب “حالة الإنكار” التي تتلبسهم. ينكرون علاقتهم ببعضهم والمليشيا وبكفلائهم، وتصيبهم الأعراض نفسها : حرارة، صداع خلف العينين، آلام في المفاصل. والنتيجة أن المستمع لهم يُصاب بدوره بغثيان وقيء.!!
د/ الهلوسة بالسلطة : المصاب بهذه الحمى الضنك السياسى مستعد لفعل أي شيء للبقاء في السلطة، ومستعد لفعل المستحيل للعودة إليها. رأيناهم يلعقون بوت العسكر ويرفعونهم إلى مصاف الأبطال و”القادة المهرة”، ثم إذا ركلهم العسكر بذات البوت، خرجوا يتحدثون عن خيانتهم وجبنهم.!!
ه/ الهوهوة المستمرة : هؤلاء يهوهون كلما مرّ طيف الإسلاميين بخيالهم، أو ذُكر الجيش، أو سمعوا الشعب يردد (شعب واحد جيش واحد). “يهوهون” كلما تحقق انتصار عسكري أو سياسي أو إقتصادي للوطن.
المصابون بحمى الضنك السياسي في الهوامش هم الطبالون محترفو الأكاذيب، الواقفون على نواصي الأسافير. يهوهون في كل من اقترب من جغرافيا سادتهم في المليشيا وكفلائها الخارجيين.
اليوم أصبحوا يهوهون في كل مكان: في الفضائيات، الأسافير، الشوارع، الصحف، وفي كل موضوع.
لم يتبقَّ لهم إلا “الهوهوة” على أنفسهم، وذلك ما سيحدث قريبًا بعد دحر المليشيا وكفيلها نهائيًا.
4
وكما أن حمى الضنك الفيروسية تنحسر بالمكافحة الصحية، فإن حمى الضنك السياسية لا تنتهي إلا بانتصار الحقيقة على التضليل، وانكشاف العملاء أمام وعي الشعب.