تجربة البطاقات الممغنطة PVC.

من المجالات التي طرقها بيت البرامج مبكرا، قبل أن تتشكل ملامح التحول الرقمي في السودان، تقديمه لمشروع تطوير نظام تصميم وإنتاج البطاقات الممغنطة وربطها بأنظمة المؤسسات.
فقد كان المشهد وقتها يفتقر لحلول حديثة تضبط حركة القوى العاملة في كل مؤسسة، إذ كانت أغلب المؤسسات تعتمد على سجلات ورقية أو أجهزة حضور وانصراف بدائية لا تعطي دقة ولا موثوقية. ومن هنا جاءت الفكرة، “بناء منظومة موحدة، حديثة، آمنة، وسهلة الارتباط بغيرها من الأنظمة، تحدث نقلة حقيقية في المؤسسات”.
فبدأ التيم الفني المختص بدراسة المتطلبات، وتصميم نظام لإنتاج البطاقات بمستويات متعددة من الأمان، مزود بقدرات ترميز وربط مباشر بقاعدة بيانات مركزية. وفي خط مواز، جرى تطوير نظام شؤون الطلاب الذي احتوى على قاعدة بيانات البطاقات، فصار بإمكان الجامعات إدارة دخول الطلاب وقاعات الامتحانات والمكتبات من خلال بطاقة واحدة فقط. هذه البطاقات لم تمثل مجرد وسيلة تعريف، بل أصبحت مفتاحا للتحكم في حركة الأفراد وتعزيز مستوى الانضباط والشفافية داخل المؤسسة.
ورغم أن التجربة لم تكن معهودة في السودان آنذاك، فإن بيت البرامج كسر حاجز الريادة حين استجلب لأول مرة ماكينات إنتاج البطاقات العالمية مثل فارقو وثري أم، وهو استثمار لم يكن سهلا في ذلك الزمن، لكنه فتح الباب لحقبة جديدة من الأنظمة المتكاملة. ونجح تطبيق النظام في عدة مؤسسات، فكانت الجامعات في صدارة المتبنين مثل جامعة النيلين، وجامعة القرآن الكريم، وجامعة الأبيض، ثم امتدت التجربة إلى الوزارات، وعلى رأسها وزارة الخارجية، التي اعتمدت النظام في ضبط دخول منسوبيها وتنظيم مهامهم اليومية.
كان المشروع بنيويا لا يقتصر على التقنية وحدها، بل اعتمد على فريق متفان، عمل بروح بيت البرامج المعهودة. وفي جانب الإنتاج بذل يوسف محمد بشير ويسن عبدالرحيم جهدا كبيرا في ضبط عمليات الطباعة والترميز، بينما تولى محمد الشمباتي تطوير النظام وربطه بالمنصات الداخلية للمؤسسات، ليظهر النظام في صورته المتكاملة واصبح شاهدا لها تأثيرها.
سأجعل العمود القادم من آفاق رقمية محطة الختام… نقرأ فيه أسماء حفرت حضورها في وجدان بيت البرامج، كانوا عصب الحكاية وروحها، وتركوا أثرا لا ينسى في القلب قبل الذاكرة.
٣ ديسمبر ٢٠٢٥م



