تقارير

حراك مصري كبير على صعيد الأزمة السودانية.. جهود سياسية ودبلوماسية ودعم الاتصالات مع الإتحاد الأفريقي لرفع التجميد

تقرير : صباح موسىالمحقق

الحراك الكبير الذي تشهده الدبلوماسية السودانية هذه الأيام، والزيارات التي تقوم بها القيادة بالبلاد إلى الخارج للتنوير بالقضية، على وجه الخصوص الزيارات إلى دول الجوار وعلى رأسها إثيوبيا، هذا الحراك بامكانه إحداث تفاهمات مع الدول والجهات التي تقوض جهود الحلول العادلة بالبلاد، وقد يعمل على تحييد الأجندة الإقليمية والدولية بتفهمها لتشخيص الأزمة الحقيقي، واقناعها بانعكاساتها الخطيرة على الجوار الجغرافي والإقليمي.

حراك مصري
بالتوازي مع هذه الحراك السوداني، هناك حراك آخر مصري لايقل أهمية على صعيد الأزمة، فمصر لم تؤل جهدا في سبيل احداث اختراق لحل الأزمة السودانية بما يرتضيه الشعب السوداني، وفعَلت القاهرة كل علاقاتها واتصالاتها الدولية من أجل تحقيق هذا الغرض، منطلقة في ذلك من ثوابت أساسية وضعتها منذ بداية الحرب في السودان، على رأس هذه الثوابت الحفاظ على المؤسسات السودانية وعلى رأسها القوات المسلحة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد، هذه الثوابت كانت حائط صد كبير في مواجهة تمرير أي أجندة اقليمية أو دولية في السودان، تحركت مصر بدوافع العلاقات التاريخية الممتدة بين البلدين، ومن أواصر الصلة بين شعبي وادي النيل المتجذرة عبر التاريخ، من أمن قومي مشترك يحتم عليها الحفاظ على وحدة السودان وسلامة أراضيه.

دور كبير
تبنت مصر منذ بداية الأزمة مبادرة دول جوار السودان، على اعتبار أن الجوار هو الذي يتأثر بالحرب ويؤثر فيها، وعندما تعثرت الحلول -وفق هذه المبادرة-، لم تقف بعيدة عن أي مبادرة للحل بالسودان، إما كانت مشاركة أو متابعة أو قريبة، حتى أصبحت محطة لأي ممثل أو مندوب دولي يحاول الحل بالبلاد، يسمع من القاهرة ويستمع إليها، بعدما أيقن الجميع أنه لا يمكن الحل في السودان بمعزل عن مصر، مع اطمئنان واضح من القيادة السودانية وارتياح شعبي لهذا الدور الكبير.

اختراق الأزمة
وعندما أرادت مصر إحداث اختراق في جدار الأزمة السودانية، نجحت في إجلاس كل الفرقاء السياسيين السودانيين على مائدة واحدة لأول مرة بعد الحرب، ومازالت جهودها مستمره في هذا المنبر السياسي لتؤسس لحوار سوداني سوداني يرسم خارطة جديدة لسودان ما بعد الحرب، وعلى المستوى الإنساني كانت أكثر الدول استقبالا لمئات الآلاف من السودانيين الفارين من نيران الحرب على أراضيها، وعاملتهم معاملة الضيوف ولم تعتبرهم لاجئين، فلا يلجأ سوداني إلى مصر فهي وطنه الثاني، كما فكرت في الاستعداد لإعمار ما دمرته الحرب في السودان، وشاركت في مؤتمر كبير عن إعادة الإعمار بالسودان في القاهرة قبل أسبوع، حضره عدد من مسؤولي البلدين بتوجيه من القيادة السياسية، اضافة إلى قرابة 700 من أكبر رجال الأعمال في مصر والسودان، تفاكروا فيه عن كيفية الاستعداد، وتقديم المشاريع التي بإمكانها بناء السودان من جديد.

تقريب الهوة
وعندما تولت مصر رئاسة مجلس السلم والأمن الأفريقي في شهر أكتوبر الماضي، عملت على تقريب الهوة بين المجلس والحكومة السودانية، وقام المجلس بأول زيارة لبورتسودان تحت رئاستها، واستمع وفد المجلس في هذه الزيارة بدايات أكتوبر الماضي، للجانب الرسمي والمجتمع المدني والأحزاب السياسية بالسودان، ووقف على مجمل الأوضاع والتطورات بالبلاد والقضايا الرئيسية المتعلقة بالحرب، إضافة إلى نقاش ملف تعليق عضوية السودان في الإتحاد الأفريقي، وقرر المجلس في هذه الزيارة فتح مكتب للإتحاد الأفريقي ببورتسودان، وفي غضون شهر واحد فقط هو مدة الرئاسة المصرية للمجلس أحدثت نتائج كبيرة فيما يلي الأزمة السودانية.

فالى أي مدى لعبت مصر دورا في المساهمة في حل الأزمة السودانية خلال رئاستها لمجلس السلم والأمن الأفريقي؟، وهل استطاعت القاهرة المساعدة في التمهيد لرفع تجميد عضوية السودان في الإتحاد الأفريقي؟، والتي جاءت بتوصية من مجلس السلم والأمن بعد يوم واحد من الاجراءات التي تمت فى الخامس والعشرين من أكتوبر فى العام 2021 وحل الحكومة التي كان يرأسها الدكتور عبد الله حمدوك؟

فتحت الآفاق
يؤكد مدير مكتب الاتحاد الأفريقي بالقاهرة السفير نادر فتح العليم أن زيارة وفد مجلس السلم والأمن الأفريقي إلى بورتسودان في بدايات أكتوبر الماضي فتحت الآفاق بين السودان والمجلس بعد القطيعة. وقال فتح العليم لـ “المحقق” إن رئاسة مصر للمجلس في شهر أكتوبر الماضي جعلت هذا الأمر واقعيا، مضيفا أن زيارة وفد المجلس برئاسة مصر أعادت التفكير في العلاقة بين المجلس والحكومة السودانية، وأعطت فرصة للمجلس لتفهم الأوضاع الحقيقية بالسودان، مشيرا إلى أنه بعد ثورات الربيع العربي في تونس ومصر وليبيا، اعتبرها الإتحاد حالات استثنائية، وقال إن السودان أيضا يمر بحالة استثنائية من حرب وابادة جماعية، مبينا أن كل مانص عليه ميثاق المجلس موجود في السودان، وقال إن تفهم المجلس لحقيقة ما يحدث في السودان، واحداث مرونة في التعامل بينه وبين الحكومة السودانية سيؤدي إلى حلول جديدة، ويجعلها تخضع للحلول الأفريقية.

صعوبات مالية
وأضاف مدير مكتب الإتحاد الأفريقي بالقاهرة أن من بين انجازات زيارة مجلس السلم والأمن الأفريقي لبورتسودان برئاسة مصر، هو القرار بفتح مكتب للإتحاد الأفريقي في العاصمة الإدارية ببورتسودان، كاشفا عن أن فتح المكتب في بورتسودان تواجهه بعض الصعوبات، مؤكدا أن هذه الصعوبات مالية وليست سياسية، وقال إن رئاسة مصر للمجلس كانت شهرا واحدا فقط وهو شهر أكتوبر الماضي، وأن ما حققته القاهرة كبير جدا قياسا بالمدة التي تولت فيها مصر الرئاسة، وتابع إن فكرة سماع المجلس من القيادة السودانية مباشرة بعيدا عن السماع من الإعلام وجهات أخرى يعتبر انجازا كبيرا.

زيارة مهمة
من جانبه أوضح مساعد وزير الخارجية المصري، مدير إدار السودان وجنوب السودان السابق بالوزارة السفير حسام عيسى أن أهم انجازات مصر في توليها رئاسة مجلس السلم والأمن الأفريقي شهر أكتوبر الماضي، هو تنظيم زيارة لوفد المجلس إلى بورتسودان. وقال عيسى سفير مصر السابق بالخرطوم لـ ” المحقق” إن هذه الزيارة مثلت تطورا كبيرا بين السودان والإتحاد الأفريقي، مضيفا أن هذه الزيارة أعقبت زيارة وفد المجلس مباشرة إلى القاهرة، مؤكدا أن هذه الزيارة كانت مهمة على كل المستويات، وأنها دعمت الاتصالات بين الحكومة السودانية ومجلس السلم والأمن الأفريقي، وقال إن أهم القرارات التي نتجت عن هذه الزيارة كانت فتح مكتب للإتحاد الأفريقي لبورتسودان، مشددا على ضرورة تواجد الاتحاد الأفريقي في السودان موقع الحدث، وقال إن هذا القرار سيتم تنفيذه قريبا بانتقال المكتب ورئيسه السفير محمد بلعيش من أديس أبابا إلى بورتسودان.

اترك رد

error: Content is protected !!