عادل الباز
1
مجهود عظيم بذله الدكتور عشاري أحمد محمود، من خلال إصداره كتاباً في غاية الأهمية بتاريخ 3 يونيو الجارى بعنوان (جنجويد الإمبراطورية)، إذ يعتبر الكتاب الوثيقة الأولى من نوعها التي توثق وترصد وتحلل المعلومات بعد اندلاع الحرب في 15 أبريل الماضي، استطاع عشاري عبر الكتاب (200 صفحة)، رصد أغلب الوثائق المهمة والشخصيات المتسببة في كارثة الحرب الحالية، كما كشف عن السيناريوهات المعدة ممن أسماهم “جنجويد الامبراطورية”، لمواصلة التدخل في السودان وعرض لمؤامراتهم المستمرة لإخضاع السودان بغرض نهب ثرواته، بمعونة دويلات في المنطقة، والقحاتة من أسماهم عشاري بـ(أخدام الجنجويد عملاء السفارات).
2
جنجويد الإمبراطورية؛ بحسب تعريف عشاري “هم الأقانيم الثلاثة المضخمة، الأزوال، متصنعو البراءة والنزاهة، الفالصو، جنجويد الامبراطورية الأمريكية الذين يدعون أنهم يتحكمون في قرار السودانيين في بلادهم السودان”.
هم جنجويد ليس فقط، لأن خطرهم على السودان والسودانيين يضاهى خطر الجنجويد المعرفين، ولكن أيضاً لأن هؤلاء الثلاثة في ممارساتهم وقراراتهم وخطابهم يدعمون بتطرف أعمى الجنجويدي الأخير؛ محمد حمدان دقلو (حميدتي)، يمكنونه ويحمونه من العقوبات الأمريكية، ويتسترون على جرائمه العالمية، جريمة الإبادة الجماعية في دارفور، والجرائم ضد الإنسانية في وضعية مذبحة 3 يونيو 2019، الحرب في النزاع المسلح الذي يدور حالياً”.
3
من هم جنجويد الإمبراطورية؟ بحسب عشاري، هم الثالوث الذى يتولى إدارة ملف السودان حالياً، أولهم السيدة فيكتوريا نولاند، وكيل وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون السياسية، المسؤولة الأعلى، حتى أعلى من وزير الخارجية أنتوني بلينكن، الذي ينفذ في خطابه توجيهاتها، فكتوريا مصممة على إنقاذ الجنجويد وإيقاف مسار هزيمتهم بـ(حل وسط)، بـ(المفاوضات)، بـ(إعادة الاتفاق الإطاري) بجنجويده وعسكره وقحاتة ومرتزقته، وكذا موسعاً ليشمل آخرين يراد لهم أن يكونوا عملاء إضافيين لجنجويد الإمبراطورية.
4
ثانيهم مولي في، المسئولة عن مكتب إفريقيا بوزارة الخارجية الأمريكية.. تعمل مولي في، بصورة مباشرة مع رئيستها فيكتوريا نولاند وتحت إشرافها وظلت مولي في تفعل كل شيء لقطع الطريق على الديمقراطية الحقيقة في السودان.. كثير من أقوال مولي تثبت كذب جنجويد الإمبراطورية حين يتحدثون بلسان مولي في، عن أنهم يقفون مع الديمقراطية وهم بالديمقراطية يقصدون ديمقراطية الجنجويد، العسكر تحت غطاء مدني فاسد وعميل لهم (قيادات الحرية والتغيير)؛ بحسب عشاري.
5
وأخيراً جون جودفري، سفير أمريكا في السودان.. يعمل تحت إمرة رئيسته المباشرة مولي في، يحاكيها في تمكين الطغاة وينفذ توجيهاتها الخائبة، ظل جون يدعم الجنجويد حلفائه وهو الذي أمر عملاءه المحليين بمنح الذين اقترفوا جرائم ضد الإنسانية عفواً في مذبحة 3 يونيو 2019.. أنشأ السفير جون مساراً موازياً للعملية السياسية بقيادة فولكر بيرتس بالتواطؤ معه (الرباعية) بغرض الحصول على عفو سيادي لمجرمي الحرب.. الآن يذهب في المسار ذاته لإنقاذ الجنجويد الأخير (حميدتي) من الهزيمة، واستعادة الاتفاق الإطاري فيه كذلك عملاء السفارات قيادات قحت تحت غطاء أكاذيب “المدنية” والانتقال الديمقراطي.
6
ما هي أجندة هؤلاء الجنجويد في السودان؟ يقول عشاري باختصار ما يطمحون إليه إخضاع السودان لهم ولعملائهم بالمنطقة، ثم نهب ثرواته.. توصل عشاري لتلك النتيجة من خلال السياسات التي يتبعونها ومن خلال إفاداتهم التي يدلون بها إذ اتضح من خلالها اهتمامهم المريب بالسودان، ففي كل جلسات الاستماع التي دعاهم لها الكونغرس أو لقاءاتهم مع الصحافة، ركز ثالوث الجنجويد الحديث عن أهمية الموقع الاستراتيجي للسودان على البحر الأحمر، حيث أن 10% من التجارة العالمية تمر عبره، وقال جون جودفري في لقاء له مع صحيفة التيار 28 سبتمبر 2022 إن السودان يملك أكبر مساحات من الأراضي الزراعية غير المستغلة في وقت تزداد فيه المخاوف بشأن الأمن الغذائي.. في السودان كثير من المعادن، الجميع يركز على الذهب لأنه أسرع في السيولة، السودان لديه احتياطيات معدنية أخرى يمكن أن توفر له عائداً اقتصادياً كبيراً.. أما أحاديثهم عن التحول الديمقراطي يعتبرها عشاري كلها أقاويل ملفقة لإخفاء أجندتهم الحقيقة، ولخدمة عملائهم في المنطقة.
7
أخطر ما كشف عنه كتاب عشاري سيناريو الحرب ومن يقفون وراءها، ثم كشف عن المخطط الأمريكي لمواصلة محاولات السيطرة على البلاد من خلال خطة عرضها الكتاب، وجاء عليها بالأدلة والشواهد. تنهض الخطة على ثلاثة ركائز هم جنجويد الإمبراطورية، والجنجويدى الأخير حميدتي، والقحاتة (أخدام الجنجويد عملاء السفارات).. بحسب عشاري.
فى الحلقة القادمة من المقالات ننشر خطط ثالوث الجنجويد، بحسب وثائق عشاري الواردة في الكتاب، لإعادة تموضع القحاتة والجنجويد في الساحة السياسية مجدداً، وفي الحلقة الأخيرة سنرى كيف فسر عشاري الاصطفاف المريب لجنجويد الإمبراطورية دفاعاً عن حميدتي، ومحاولة حماية قواته من السحق، على الرغم من كل الفظائع الإنسانية التي ارتكبتها وترتكبها قواته حالياً، وبعدها سنكتشف أن الصراع حول السيطرة على السودان أكبر وأعمق وأخطر من كل الجرائم التي قامت بها قوات الجنجويد المتمردين والمرتزقة، وهو التحدي الذي يواجهنا بعد انتصارنا في موقعة الخرطوم، قريباً بإذن الله.