
مع تولي مسؤولية المركز القومي للمعلومات في العام 2014م، وجدت مؤسسة وطنية تم تأسيسها بجهود احترافية، تمتلك بنية تقنية متكاملة تضم شبكات ألياف بصرية واسعة وخوادم متطورة وأجهزة حواسيب حديثة، وبيئة عمل منظمة تدعمها تشريعات وقانون خاص بالمركز القومي للمعلومات، وقانون للمعاملات الإلكترونية ، وضع الأساس القانوني للتحول الرقمي في السودان.
مثلت تلك المرحلة أرضية صلبة يمكن الانطلاق منها، التحدي الحقيقي تمثل في تحويل هذه الإمكانيات إلى خدمات رقمية تمس حياة المواطن وتعزز كفاءة مؤسسات الدولة.
كان المطلوب أن تخرج التقنية من المكاتب إلى فضاء العمل العام، لتصبح أداة في يد الموظف والمواطن معا، والتحدي الآخر إحكام التنسيق بين مؤسسات ومراكز تقديم الخدمات، حتى تعمل جميعها ضمن منظومة مترابطة تحقق التكامل وتوحد الجهود نحو هدف وطني واحد.
بدأنا بإعادة ترتيب الأولويات داخل المركز، وضع خطط تنفيذية واقعية تربط بين الطموح والإمكانات، تشكلت فرق عمل مؤمنة بالفكرة، تعمل بتجرد وشغف، وتتعاون مع مؤسسات الدولة لترسيخ مفاهيم الحكومة الإلكترونية.
كانت تلك الفترة غنية بالحماس والمسؤولية، وشهدت خطوات عملية أرست الأساس لحلم وطني أكبر: بناء حكومة إلكترونية حديثة تبسط الخدمات، وتربط المؤسسات، وتقلل الهدر، وترفع كفاءة الأداء العام.
انطلقت الرحلة بثقة وإيمان بأن التقنية قادرة على تغيير وجه الإدارة في السودان، وأن المواطن السوداني — بطبيعته الذكية المتفاعلة — سيتقبل هذا التحول متى ما وجد الثقة والجودة في الخدمة.
في الحلقة القادمة، نحكي كيف تحول الحلم إلى تجربة وطنية غيرت ملامح التقديم للجامعات السودانية، ودشنت أولى خطوات السودان نحو الخدمات الإلكترونية.
٦ أكتوبر ٢٠٢٥م.