الرواية الأولى

نروي لتعرف

من زاويةٍ أخري / محمد الحاج

باسم الحرب، باسم السلام، لا سلام بلا استسلام

محمد الحاج

مسعد بولس، مبعوث الرئيس الأمريكي ترامب لأفريقيا، في لقاء على قناة العربية أمس الأول، قدمنا مقترحًا للهدنة، وقد وافق عليه الطرفان، والآن تجري مناقشة بعض التفاصيل الخاصة بالمقترح مع الجيش السوداني.

فرقعات إعلامية من قبل الغرف الإعلامية التابعة للمليشيات وأعوانها من السياسيين والإعلاميين، يصورون مقترح الرباعية للهدنة وكأنه الحل الوحيد لوقف الحرب.

رُصدت على منصات التواصل الاجتماعي أصوات نشاز لصحفيين وسياسيين سودانيين تربطهم علاقات مشبوهة بمليشيا الدعم السريع وداعميها، تهدف إلى خلق حالة من الإرباك والتشويش للعقل الجمعي السوداني.

دماء الشهداء بالأقمار الصناعية من الفضاء، شاهدها العالم بأسره في أكبر امتحان للأخلاق الإنسانية، ولأول مرة في تاريخ المجازر العالمية.

انتشار واسع لهاشتاق “الإمارات تقتل السودانيين في الفاشر” يزلزل منصات التواصل الاجتماعي، ويخلق حالة من التضامن مع المجتمع السوداني في كل بقاع العالم.

انطلقت التعبئة العامة في السودان للمقاومة الشعبية لنصرة أهل دارفور، وحشود من المواطنين السودانيين تدخل المعسكرات الطوعية في كل ربوع السودان لدعم القوات المسلحة في معاركها في دارفور وبقية المدن الأخرى.

الفريق العطاء نُقدّر كل الجهود المبذولة للدخول في أي إطار سلام، وشروطنا واضحة لمن أراد أن يقيم السلام. أما غير ذلك، فنحن مستمرون في حربنا حتى تحرير آخر شبر من البلاد.

في لقاء بالأمس الاول على قناة العربية، أشار السيد مسعد بولس، مبعوث ترامب للشؤون الأفريقية، إلى أن حكومته تقدمت بالفعل بمقترح عبر الرباعية لعقد هدنة لأسباب إنسانية لمدة ثلاثة أشهر، تمهيدًا للدخول في اتفاقية سلام بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع. وقد جرى تسليم المقترحات لممثلين عن الجيش السوداني والمليشيا، دون أن يسميهم، وذلك بمبنى السفارة الأمريكية بالقاهرة. كما أشار في حديثه إلى أن الجيش السوداني وافق مبدئيًا على الدخول في الهدنة، لكن هناك تفاصيل تُناقش حاليًا، ولم يُفصح عنها أو عن زمن انتهاء هذه النقاشات، مما يدل على أن ما جرى تسليمه هو مجرد مقترح لهدنة، لا أكثر.

وفي جريمة إعلامية جديدة بحق الشعب السوداني، بدأت الغرف الإعلامية المخصصة لملف السودان، والتي تعمل ليل نهار على تحسين صورة مليشيا الدعم السريع الإرهابية وداعميها، بنشر أخبار عن التوصل لاتفاق هدنة إنسانية، باعتبارها الحل، مما يعيدنا بالذاكرة إلى حملة رفع السقوف لتوقيع الاتفاق الإطاري عام 2023 قبيل اندلاع الحرب، والذي كان الدافع الرئيسي لتمرد مليشيا الدعم السريع وانقلابها الفاشل الذي أشعل الحرب ضد الشعب السوداني.

ليس من المستغرب أن تنشر المليشيات وداعموها مثل هذه الأخبار، لكن المستغرب أن يرصد خبراء الإعلام والشأن السياسي أصواتًا من إعلاميين وسياسيين سودانيين يرددون نفس خطاب غرف المليشيات، مما يشكك في مصداقيتهم. وقد ذهب بعض المحللين إلى ربطهم بهذه الغرف الإعلامية التابعة للمليشيا الإرهابية، نظرًا لتبنيهم نفس المنهجية التي تهدف إلى التأثير على الرأي الجمعي السوداني، ووضعه في مسار يخدم الأجندة الخارجية والمليشيا، ويبعده عن القضايا والأحداث المهمة، بخلق حالة من الارتباك المجتمعي والتشكيك في القيادات العسكرية، لإحداث ضغط لقبول سيناريو التسويات التي تساوي بين الجيش الوطني والمليشيا المدعومة خارجيًا. وإذا تم ذلك، فسيؤدي إلى فقدان الجيش لحاضنته الشعبية، وخسارة الدولة السودانية وتفكيكها.

أما السيناريو الثاني الذي تدفع به هذه الغرف ببثها لشائعات التوصل لاتفاق في هذا التوقيت بالذات، فهو تشتيت التعبئة الشعبية (المقاومة الشعبية)، التي انتفضت وبدأت معسكراتها في الامتلاء لنصرة إخوانهم في إقليم دارفور، بعد الفظائع التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع، والتي شوهدت من الفضاء. ولأول مرة في تاريخ النزاعات، تُشاهد دماء بهذه الكثافة ومن هذه المسافة. فما حدث في الفاشر السلطان هو قضية أخلاقية أيقظت ضمير الشعوب في العالم، الذين أصبح يطالبون بالعدالة للشعب السوداني، واصبحت لأول مرة هذه الشعوب متوحدًا ضد دولة الشر و مليشيتها الدعم السريع . فقد تصدرت هاشتاقات السودان جميع منصات التواصل الاجتماعي، وجعلت العالم يغلي غضبا مما يدور في السودان من انتهاكات ويعرف من يقتل الأبرياء من النساء والأطفال والمرضى والشباب. وبعد تعتيم إعلامي دام حوالي ثلاث سنوات، فقد استطاع الشعب السوداني تصدير الصورة الحقيقية لما يحدث من مجازر ترتكبها مليشيا الدعم السريع الإرهابية، بدعم مباشر من دولة الشر.

وهذا السناريو الذي تحاول الغرف الإعلامية الخارجية تغطيته، عبر تشتيت الرأي الجمعي للمواطن السوداني و مناصريه من كل بقاع العالم. فمن المعلوم أن الجيش السوداني سيرفض أي هدنة خصوصا بعد الذي حدث في الفاشر من انتهاكات ، لكن تسليط الآلة الإعلامية على هذه بهذه النمطية يدل على ان هنالك مخطط واضح لخلق حالة من الشتات للرأي الداخلي السودان لتغطية بعض الاحداث التي وصلت للعالمية و اصبحت تكشف عن هوية الداعمين لمليشيا الدعم السريع. فالذي قام به الشعب السوداني في منصات التواصل الاجتماعي والإعلام قد أثمر، وهم الآن يرتعبون من الشعب السوداني ومقاومته الشعبية الجبارة وجيشه الفتاك، الذي يعيد تنظيم صفوفه ليأتيهم بما ليس لهم به طاقة.

أما رد القوات المسلحة، فقد اختصره السيد الفريق ياسر العطا في خطابه الأخير، بعد شكره لكل دعاة السلام، حين قال: “هنالك طريق واحد للسلام، وهو الاستسلام، ووضع السلاح، وتسريح القوات، ومحاسبة دقلو ومعاونيه، وكل من أذاق هذا الشعب ويلات الحرب وانتهك حرماته، وتعويض الشعب السوداني وأسر الضحايا من دولة الشر. وإلا، فإن القوات المسلحة السودانية وكل أبناء الشعب السوداني الذين يؤمنون بحرية بلدهم، سيأتون على قلب رجل واحد لتحرير آخر شبر من أرض السودان.”

جيشنا واحد، شعب واحد


٤ نوفمبر ٢٠٢٤

اترك رد

error: Content is protected !!