
العودة الطوعية ضرورية لتحقيق الأمن الخاص والجماعي.
العودة الطوعية تحرك عجلة الاقتصاد في كافة القطاعات.
هناك استحالة في توظيف الشباب السوداني خارج بلاده.
نشطت العديد من المؤسسات والهيئات والمنظمات والشركات العامة والخاصة في تفويج آلاف الأسر السودانية من جمهورية مصر إلى السودان بعد انحسار تواجد قوات مليشيا آل دقلو الإرهابية المتمردة عن أغلب ولايات السودان.
منظومة الصناعات الدفاعية عبر مؤسسة المسؤولية المجتمعية فيها تقوم بمجهود هائل في هذا المجال، تشكر عليه. ويمتد الشكر لكل المؤسسات والهيئات والشركاتوالمنظمات وروابط العاملين ونقاباتهم التي ساهمت في هذا الجهد العظيم.
تناول البعض موضوع العودة الطوعية برؤية أخرى مفادها أن البلد غير جاهزة، بالذات ولاية الخرطوم، وبالتالي فإن إعادة الناس إليها تعني رميهم في أتون المعاناة والمسغبة.
حقيقة الأمر ان الاستقرار وعودة الحياة في السودان لطبيعتها لن تتم الا بعودة السكان الى مدنهم وقراهم وأحياءهم، وذلك لثلاثة أسباب، السبب الأول: تحقيق الأمن الشخصي للعائد وعائلته، إن عودة الشخص لمسكنه وتفقده ونظافته وصيانته، ومراجعة خدماته الأساسية من مياه وكهرباء وصرف صحي، واستعادة وثائق تملكه، وتأمينه بالأسلاك الشائكة والأبواب المصفحة، كل هذه المسائل لن تتم بصورة جيدة الا إذا وقف عليها العائد بنفسه.
السبب الثاني: تحقيق الأمن الجماعي، إن عودة الناس لقراهم والأحياء يجعلهم يتجهون مباشرة للتضامن فيما بينهم من أجل حماية أسرهم، فيشرعون في توجيه أبناءهم الأصحاء للانخراط في الدوريات الليلية في الاحياء، أو الانضمام للشرطة المجتمعية التي شرعت وزارة الداخلية ورئاسة الشرطة ورئاسات شرطة الولايات والمحليات في التشجيع على قيامها واستدامتها.
السبب الثالث: تحريك الاقتصاد، وتشغيل القوى العاملة، إن الاقتصاد في قطاعاته الثلاثة الزراعي والصناعي وقطاع الخدمات لا يتحرك الا بوجود الناس وبأعداد مناسبة، ولنأخذ مثالاً ولاية الخرطوم، هذه الولاية تقع في الجزء الشمالي من أواسط السودان.المساحة الكلية 22,736كم2 ما يعادل خمسة مليون فدان تقريباً. التعداد السكاني قبل الحرب كان حوالي8 مليون نسمة، يسكنون في حوالي 400 ألف مسكن مخطط ومزود بالخدمات، وكان بالولاية 10 مناطق صناعية، يبلغ عدد المصانع العاملة فيها 3597 مصنعاًوفقاً لآخر إحصاء تم في العام 2017.
وقبل الحرب كان يتم زراعة حوالي 580 ألف فدان بالري من النيل والري المطري والري من وادي المقدم ومن الحوض النوبي غرب أم درمان. الثروة الحيوانية المستقرة كانت جملتها (1,618,723راس)، شركات الدجاج اللاحم والبياض كانت تنتج 90 مليون فرخةفي السنة. وكان إنتاج الثروة السمكية 15,000 طنسنوياً.
هذا العدد الهائل من السكان والمساكن والمصانعوالمزارع كانت تقدم له خدمات متعددة من خلال أكثر من 300 سوق كبير و10 ألف متجر مرخص، وتقدم له الخدمات العلاجية من خلال المستشفيات والعيادات العامة والخاصة التي بلغت حوالي 2000 مستشفى وعيادة، وحوالي 1000 صيدلية، وتقدم له خدمات التعليم من خلال حوالي 5000 مدرسة و21 جامعة وكلية جامعية. وتقدم له الخدمات المالية من خلال 40فرع مصرفي ومئات الصرافات الآلية.
حجم اقتصاد ولاية الخرطوم كان يمثل حوالي 25% من الناتج المحلي للسودان الذي بلغ في العام 2017قيمة 41 مليار دولار قبل أن ينحدر إلى 27 مليار دولار في العام 2020 وكان يشغل حوالي 2 مليون نسمة من الموظفين والعمال، فيهم نسبة كبيرة من النساء اللائي كن يعملن في مصانع تعبئة المواد الغذائية التي تدمرت بشكل شبه كامل.
إن إعادة تشغيل هذا الحجم الكبير من الاقتصاد لا يمكن أن يتم إلا بعودة الناس من مهاجرهم القسريةللعمل في الزراعة والصناعة، ولاستهلاك خدمات التعليم والصحة والتجارة والنقل كزبائن. إن تشغيل 2 مليون نسمة من السودانيين لإعالة أسرهم لا يمكن أن يتم الا من داخل السودان.
إذا وفرت الحكومة الاتحادية وحكومة ولاية الخرطوم خدمات الأمن بصورة شاملة، والكهرباء والمياه بنسبة معقولة، فإن العودة ستكون بصورة متسارعة للغاية فتتحرك قطاعات الاقتصاد الأخرى. والله الموفق.