اسامة عبدالماجد
¤ حتى الان لم اجد مبررا للتعاطي الخجول من رئيس دولة الجنوب الفريق سلفاكير ميارديت مع الاوضاع في السودان.. خاب ظني وقد توقعت ان يعلن انحيازه الكامل للقوات المسلحة السودانية، ليس لأنه واحدا من منسوبيها السابقين.. لكن وكأن التاريخ الجنوبي القريب في ديسمبر 2013 يعيد نفسه في السودان.. الرجل الثاني يتمرد.
¤ خرج د. رياك مشار علي سلفاكير، وكانا في اجتماع بالقصر الرئاسي وكان الاول يخفي سلاحه في ساقه – ربما في الشراب – بحسب رواية ميارديت لاحقا.. بينما استعجل المتمرد حميدتي، وذهب الى القصر.. وترك امر اغتيال الرئيس البرهان الى عصابته التي داهمت مقر اقامته عبر آلية ثقيلة (لودر).
¤ وجه شبه كبير بين الموقفين في الخرطوم وجوبا.. ليس شبه في الشخوص.. لأنه سنكون بذلك وجهنا اساءة يليغة، الى العالم مشار.. الذي تخرج في كلية الهندسة بجامعة الخرطوم.. ثم حصل على الدكتوراة في الهندسة الصناعية والتخطيط الإستراتيجي من احدى الجامعات البريطانية منتصف الثمانينيات
¤ لكن وجه المقارنة من حيث البعد القبلي وقد حشد كلا من مشار وحميدتي ابناء عشيرتهما.. واستعان كلاهما بمجرمين ومتفلتين من قبائل اخري.. وبمرتزقه من دول الجوار.. ثم ان خطوة الرجلين تمرد صريح على الدولة ومحاولة للاستيلاء على السلطة بقوة السلاح.. واحدثا خرابا وتدميرا لم يتعافى منه الجنوب حتى الان رغم اتفاق سلام السودان برعاية الرئيس البشير في 2018 .. بينما مستقبل السودان لايزال في رحم الغيب.
¤ كما ان مشار وظف امكانات السلطة لتنفيذ مخططه وفعل حميدتي ذات الامر.. والاثنين زرعا الشك في صفوف القوات النظامية، عصي النزع.. كما ذهبا في منحي قبلي او فعل انصارهما ذلك.. في الجنوب كان الهدف انهاء سطوة الدينكا.. وفي السودان كانت تحت ذريعة دولة (56) او مايسمى باوهام (البحر).. لم يحصد مشار ثمار تمرده والقضاء على جيش الدولة وهو ليس بقوات سلفاكير.. بينما في الخرطوم سيتكرر السيناريو مع الباغي الشقي ولن تحل مليشياته مكان الجيش.
¤ لكن ما الذي بدر من السودان في ديسمبر 2015 ؟؟ وقف مع الحكومة الشرعية الجنوبية ودعم سلفاكير.. ولم يتواطأ البشير مع مشار ولم يرعاه ولم يقدم له دعما.. لكن رعاه حتى شفى من جراحاته الغائرة وحمله على السلام.. وتابع البشير المفاوضات بنفسه.. حينما جمع الفرقاء في اكاديمية جهاز المخابرات – ويالها من مؤسسة تسر الناظرين – ولولاه ماكان مشار وضع يده في يد سلفاكير.
¤ وقبلها اعلن البشير فتح حدود واجواء البلاد للاخوة من الجنوب.. ووجه بان يعاملوا كمواطنين.. مئات الآلاف لم يعودوا الى بلدهم حتى بعد سلام الخرطوم وفضلوا البقاء آمنين مطمئنين في السودان.. كنا نامل ولا نزال ان يقف سلفاكير وبقوة الى جانب القوات المسلحة السودانية في وجه الجماعة الارهابية الغاشمة.. وان يقوي تواصله مع الرئيس البرهان فالعلاقة مع المؤسسات اقوى من التواصل مع المليشيات.
¤ توقعت ان يتعظ سلفاكير، وان يعيد شريط منتصف ديسمبر 2013 ويقارنه بما جرى في السودان منتصف ابريل 2023.. وان ينحاز بكل قوة للجيش والشعب .. لن ينفعه حميدتي حتى ولو استثمر بملايين الدولارات في جوبا.. فمع الخرطوم يمكن ان يتطور الاستثمار والعلاقات التجارية لتصل الى مليارات الدولارات.. اكن الجنوب من امن السودان.
¤ لن يجد سلفاكير دولة تعينه على ادارته لشؤون بلاده مثل السودان التي يستورد منه كل شئ حتى الملح الذي يكاد يكون (ببلاش).. لو استقبل ميارديت من امره ما استدبر ان الخير كله في السودان وجيشه.. لاتزال الفرصة مؤاتيه امامه ليتخذ موقفا يحفظه له التاريخ.. ويتذكر ان حرب بلاده التي استمرت خمسه اعوام واعادت الجنوب خمسين سنة الى الوراء ماكان لها ان تضع اوزارها لولا حكمة وقوة البشير.
¤ ومهما يكن من امر .. فليتعظ سلفاكير ويدين صراحة افعال حميدتي وليتذكر حينها رياك مشار.. وكيف كان سيكون الحال لو دعمته الخرطوم.