الدبلوماسية السودانية تُصيب مشروع التمرد في مقتل: انكشاف الأكاذيب وسقوط قناع الهدنة المضللة!؟

في مشهد يعيد الاعتبار للقوة الناعمة السودانية، برزت الدبلوماسية الوطنية بثقل مدهش خلال الأيام الماضية وكشفت عن وجه مختلف. واخذت موقعها كجبهة متقدمة في معركة الوعي وكشف الحقائق في حرب الكرامة. بعد أن كثّفت بعثات السودان في الخارج على المستوى الثنائى والجماعي متعدد الأطراف، تحركاتها واتصالاتها مع العواصم المؤثرة والمنظمات الدولية، الحقوقية والإنسانية والصحفية والهيئات الأكاديمية ، ومراكز صناعة القرار لعرض صورة دقيقة لحجم الكارثة الإنسانية والانتهاكات التي ارتكبتها مليشيا الجنجويد عقب غزوها لمدينة الفاشر، وما خلّفته من دمار وتهجير قسري ومعاناة إنسانية ممنهجة امتدّت لتطال كردفان.
١/ الدبلوماسية السودانية: هجوم ناعم في ميدان الوعي
لقد تحركت البعثات السودانية بوعي استراتيجي منسّق، شمل عقد مؤتمرات صحفية ولقاءات مع كبار المسؤولين الأمميين والدبلوماسيين، وقنوات الصحافة والإعلام، إلى جانب حملة تواصل واسعة مع وسائل الإعلام ومنصات الرأي العام العالمي. وفي تناغم لافت، جاءت هذه الجهود متكاملة مع تحركات الجاليات السودانية وأبناء المهجر الذين خرجوا في تظاهرات سلمية بمدن عدة، رفعوا فيها صوت السودان الحر ضد العدوان، وكشفوا للعالم الوجه الحقيقي للحرب التي تُشن على الشعب والدولة، والغايات الماكرة التي يضمرها المخطط الخارجي وأحابيله.
٢/ مجلس الأمن والدفاع: تثبيت الموقف الوطني
بإعلانه موقفًا واضحًا لا لبس فيه، وضع مجلس الأمن والدفاع السوداني النقاط على الحروف، مؤكدًا أن أي حديث عن هدنة لا معنى له في ظل احتلال المدن واستباحة المدنيين، وأن الأولوية الوطنية الآن هي إنقاذ الضحايا بالنفرة الشاملة، وإخراج الغزاة، واستمرار التعبئة العامة حتى استرداد كامل التراب الوطني.
هذا الموقف الحاسم أصاب مشروع التمرد في مقتل، واصاب الناشطين بالصدمة وأفشل الرهان على الضغط الإنساني والإعلامي لتدويل الأزمة أو فرض حلول ناقصة تتجاوز سيادة الدولة. فقد أدرك العالم تدريجيًا أن السودان ليس هو من يرفض السلام، بل من يرفض تزوير سرديته ومفهومه وتحويله إلى أداة لتثبيت العدوان.
لقد أحدث هذا الحراك المتكامل أثرًا ملموسًا في كبح محاولات التمرد ورُعاته الإقليميين لتسويق “هدنة إنسانية” ظاهرها الرحمة وباطنها التمكين السياسي والعسكري واعادة التموضع بمكافئته علي جرائمه الوحشية، إذ أظهرت المواقف الرسمية الصادرة عن مجلس الأمن والدفاع السوداني وضوح الرؤية وحسم الاتجاه: لا هدنة قبل انسحاب المليشيا من المدن، وتسليم سلاحها، وتجميعها في معسكرات محددة تحت إشراف الدولة. اضافة الي ما عبر عنه وزيري الخارجية والاعلام كموجهات حادية لهذه التحركات وتنسيق خطها ورؤيتها الكلية.
هذا الموقف الوطني القوي، الذي تماهى معه الشارع السوداني بكل فئاته، أطاح بالمخطط الترويجي الدعائي الذي أراد تصوير السودان كطرف معرقل للسلام، فيما الحقائق الميدانية والإنسانية تشهد على أن المليشيا هي المعتدية، وأن الداعمين الخارجيين ـ وفي مقدمتهم الإمارات ـ سعوا لتبييض جرائمها عبر حملات إعلامية مكثفة ومنصات دعائية مأجورة.
اليوم، تبرهن الدبلوماسية السودانية على قدرتها في إدارة معركة الوعي بالحقائق، وإعادة توجيه بوصلة الرأي العام الاقليمي و الدولي نحو الجهة الصحيحة: معاناة الضحايا، وحق الدولة في حماية سيادتها، ورفضها لأي حلول تُكرّس الفوضى أو تُكافئ المعتدين، وترفض الوصايا والإملاءات.
إن ما تحقق خلال هذه الأيام من صدى واسع لتحركات السودان في الخارج يمثل هبة دبلوماسية متقدمة، أخرجت الموقف السوداني من دائرة الدفاع إلى موقع المبادرة والتأثير، وأعادت تعريف الحرب على السودان باعتبارها عدوانًا خارجيًا منظمًا يستهدف وحدة الدولة وهويتها وأمنها القومي ومستقبلها.
٣/ الجيش: ثبات في الميدان وتطور في التكتيك
في الميدان، يواصل الجيش السوداني تنفيذ خطته المحكمة لاستعادة السيطرة على المناطق التي غزتها مليشيا الجنجويد، مع الحفاظ على قواعد الاشتباك واحترام المدنيين ومقدراتهم. فقد أثبتت العمليات الأخيرة أن القوات المسلحة تخوض حربًا نظيفة وفق عقيدة وطنية راسخة، وأنها تمزج بين العمل العسكري المنضبط والإدارة الذكية لمسرح العمليات، مستفيدة من خبراتها الممتدة واحترافيتها في حماية التراب الوطني ومواجهة التمردات والدفاع عن التراب السوداني ومكتسبات الامة .
لقد أدت الضربات الأخيرة إلى تحجيم القدرات الميدانية للمليشيا، وقطع خطوط إمدادها، وكشف حجم ارتباطها بالخارج، سواء عبر الدعم اللوجستي أو عبر الحملات الإعلامية التي تُدار من غرفٍ خارج الحدود. وبات واضحًا أن ما كان يُسوّق على أنه “حراك داخلي” لم يكن سوى ذراع تنفيذية لمشروع إقليمي يسعى لابتلاع السودان أو إخضاعه ضمن محور النفوذ الممول بالسلاح والمال والإعلام.
٤/ الحراك الشعبي: صوت الوطن في الداخل والخارج
وبينما تستمر معركة الأرض والسيادة في الداخل، تخوض الدبلوماسية السودانية ـ ومعها جاليات المهجر ـ معركة الكلمة والموقف في الخارج، دفاعًا عن الحقيقة، وعن شعبٍ يرفض أن يُساوم على كرامته أو يُباع في مزادات السياسة الإقليمية.
لقد كان أبناء السودان في المهجر خير سفراء لقضيتهم، إذ نقلوا صوت الضحايا، وواجهوا حملات التضليل، وأسقطوا الادعاءات التي روّجت لها المنصات الإعلامية التابعة للمليشيا وراعيتها الإمارات، التي سعت لتلميع صورة المعتدي وتزييف طبيعة الصراع بوصفه نزاعًا داخليًا بينما هو في حقيقته عدوان خارجي منظم.
٥/ ملحمة وطنية متكاملة
اليوم، يتشكل في السودان مشهد وطني استثنائي: جيش يقاتل بشرف، ودبلوماسية تتحرك بذكاء، واعلام يتمدد بقوة الحجة والحقيقة، وشعب يلتف حول مشروع الدولة في مواجهة مشروع الفوضى. هذه الملحمة الوطنية أعادت للسودانيين ثقتهم بذاتهم، وأثبتت أن السودان، رغم الجراح والمآسي ، قادر على إعادة صياغة معادلات القوة وميزانها في الداخل والخارج.
فحين تتكامل البنادق مع الكلمة، والميدان مع المنبر، والشعب مع الدولة، يصبح الوطن عصيًّا على الكسر او الاستسلام والهزيمة ، مهما تعاظمت المؤامرات وارتفعت الكلفة أو تشابكت الخيوط. وان ارادة المشروع الوطني الداخلي قادرة بتلاحم الجبهة الداخلية بكل تشكيلاتها وفئاتها، انتظمت وقادرة على دحر العدوان والقضاء على التمرد ، واعادة الاستقرار والامان للمواطن ، واستكمال معركة التحرير والنصر بلوغا للتأهيل والإعمار والتنمية.
——————
٦ نوفمبر ٢٠٢٥ م



