ضياء الدين بلال
قُوة المُجتمعات، وعظمة الشعوب تتجلّى في مُقاومة الظروف القاسية التي تفرضها الحروب، وذلك بالعزم والصُّمود في جعل مسيرة الحياة تمضي بثباتٍ وثقةٍ في مُرافقة الموت والرصاص ودخان الحرائق.
مع كل الصِّعاب والأزمات والدمار والخراب، الذي ترتّب على مُغامرة حميدتي الانقلابية، مما أدّى إلى هروب شركات ومؤسسات القطاع الخاص عن التزاماتها المالية حيال منسوبيها عبر بيانات اعتذارية تخلي طرفهم عن المسؤولية، خرج العالم الجليل البروفيسور مامون حمّيدة ليُؤكِّد بكل شجاعةٍ وتجرُّدٍ، التزام جامعته بدفع مرتبات جميع العاملين كاملةً غير منقوصةٍ إلى انجلاء الغمّة.. بل الأروع من ذلك أنّ الجامعة لم تستسلم لاحتلال مُتمرِّدي الدعم السريع لمبانيها، وتدمير معاملها ومكتباتها، وسرقة مُمتلكاتها منذ 15 أبريل إلى اليوم، فقد قرّرت إكمال العام الدراسي لطلاب الكليات الطبية في تنزانيا ومصر وروندا، على أن يُواصل طلاب الدراسات النظرية دراستهم عبر الأون لاين.
بروف مامون عالمٌ عنيدٌ وشجاعٌ، لا يحني رأسه للرياح، توقّفت الجامعات لسنواتٍ، مع استمرار التظاهرات وإغلاق الطرقات، فلم تتوقّف جامعته ليومٍ واحدٍ..!
سعت لجنة التمكين سيئة الذكر، والمُمارسة لتحطيم مُؤسّساته وتشويه سُمعته، فلم تجد قضيةً واحدةً لإدانته.. وحينما استلم مامون إدارة المستشفى الأكاديمي بقرار قضائي، وجدها قد دُمِّرت وخُربت وسُرق الكثير من أجهزتها الطبية (قلعو ا حتى البلاط.. وقطعوا الأشجار لتُباع خشباً في السوق)..!
فإذا ببروف حمّيدة يُعيد المستشفى لسيرتها الأولى خلال أشهر معدودة.
هكذا هُم العُظماء في بلادي، يقهرون الموت حياة ومصائر، ويكسرون حاجز الخَوْف يقينًا وثباتًا، ما انحنت قاماتهم من حمل أثقال الرزايا.