الرواية الأولى

نروي لتعرف

حصيد الأزمنة / سيف الدين البشير

التفلت النخبوي وآفة “الربربة” ؛ علي يوسف نموذجاً

سيف الدين البشير

▪️مفردة “يربرب” قد تستخدم مجازياً لمن يتمايل أو يتخبط . وبمثل هذا السياق يستخدمها السودانيون لكثير الكلام الذي يتخبط صاحبه دون هدى ، أو الذي لا طائل منه ، والسودانيون هم الوحيدون في استخدام المفردة حتى استحالت مصطلحاً لحراك اللسان دون تعقل كمثل قولهم “الزول دا بربرب ساكت” .
▪️وربما أن مرد امتلاك السودانيين لحق امتياز المصطلح نتج عن كوننا عادة ما نفلت عقال اللسان ليتخبط بمعزلٍ عن فحص المحتوى .
▪️وتثبت التجارب أن معدل الربربة يتجاوز حدود المعقول عند شاغلي المناصب ، أو عيون المجتمع ، وهو يلبي في هؤلاء الشغف بالاضواء ومن ثم تلميع الذات بمفهومٍ سمجٍ أن “البطلع – حتى بالفارغة – تاني ما بنزل” .
▪️وفي الظن أن القيادة الماثلة ممثلة في الرئيس البرهان ورباعية مجلس السيادة من العسكريين “التي هي عماد البلاد” ، تعي ذلك جيداً ، من حيث أن الانضباط العسكري وعمق المراس يشكلان شكيمة تلجم اللسان فلا ينطق إلا عند مقتضى الحال .. وهو سمت تحمده السوية في زمان الحرب .
▪️ومن هنا يحتم واقعنا أن تلجم ألسن المسؤولين كافة وأن لا يخرجوا لوسائل الإعلام الا عبر الإذن المسبق من القيادة ، بل يؤخذ القسم المغلظ على شاغلي المناصب أن لا يخوضوا في القضايا مثار الجدل حتى بعد مغادرة المنصب إلا بسلطان .
▪️وعندي ؛ ومنذ البداية كنت أدعو أن تسند وزارة الخارجية للعسكريين إن يكن من الجيش أو جهاز الأمن الوطني ، وأعلم ولا أرجم بالغيب أن من بين العسكريين من الطرفين الأخبر بدهاليز العلاقات الدولية ، وبالمصالح القومية العليا ، والأمن القومي أكثر مما يعلم غيرهم .
▪️ثم انظر للعوالم من حولنا لترى أن المسؤولين قليلا ما يتهافتوا لأضواء الفضائيات ، بل يتركون الساح للعلماء والمعلومين الموثوق في انتمائهم الوطني وعلمهم ، عدا التصريحات الصحفية المقتضبة دبر أي منشط .
▪️أتمنى على السيد رئيس الوزراء أن يضع في لائحة أعماله إلجام ألسن التنفيذيين من الوزير وحتى الموظف العادي عن الركض نحو وسائل الإعلام “مبيتة الأغراض” ، تفادياً للـ”الربربة” التي ينطلق عبرها اللسان بمعزلٍ عن شكائم العقل .
▪️تعلمنا التجارب العالمية أن صمت المسؤول – إلا عند الضرورة – يجعل لحديثه وقعاً يعتد به ، عوضاً عن لسان الحال “الزول دا بربرب ساكت” .
▪️أذكر أنني قدمت محاضرة بمعهد الجزيرة للإعلام بعنوان : محددات تعامل الدبلوماسيين مع وسائل الإعلام .. أعتقد أن معهد الدراسات الدبلوماسية مطالب بإدراج دورةٍ بهذا المفهوم في مناهجه .

اترك رد

error: Content is protected !!