أسامة عبدالماجد
¤ ضمن سبعة رسائل اودعها نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار في خطاب له امس الاول.. كانت السادسة الى الاسلاميين.. قال كلمة حق (المؤتمر الوطني كتنظيم سياسي يخطيء ويصيب).. اكد احقيتهم ممارسة حقوقهم.. دعاهم لمراجعة تجربتهم.. ونصحهم عدم الاستثمار في مرحلة مابعد الحرب لكسب شرعية.. مع ذلك تعرض لهجوم عنيف وغير مبرر من الاسلاميين رغم موضوعيته تجاههم دون كل المسؤولين المدنيين والعسكريين.
¤ ترك الاسلاميين ، رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان وطعنوا في الظل.. وهو امر مدعاة للاستغراب.. مشكلتهم مع البرهان اكبر مما هي مع قحت – ولا اكون بالغت لو قلت – وكذلك مع المتمرد حميدتي.. بعد ستة ايام فقط من التغيير في 11 ابريل 2019 وجد القائد الاعلى للقوات المسلحة المشير البشير – اتركوا بقية مناصبه جانبا – نفسه وراء قضبان سجن كوبر.. وانطلقت حملة مسعورة تجاة حرمه السيدة وداد هدفت لاذلاله بسجنها ظلما.. ومن وقتها لم يتعظ الاسلاميين.. يا لسذاجتهم.
¤ خطاب عقار، المكتوب مؤشر انه وقع تحت عين البرهان، ووارد جداً انه اضاف الرسالة السادسة.. مع العلم ان عقار تلاها بطريقة فيها قدر كبير من الكياسة مع اتباع نهج الدبلوماسية.. عندما اشار على الاسلاميين عدم السعي لكسب مشروعية من مرحلة مابعد الحرب.. وبمعنى اوضح عدم التوهم ان انخراط شبابهم في حرب الكرامة شيك واجب الصرف من بنك (السلطة).. وقد صدق بعد ان جاءت ردة الفعل بمطالبة البعض بالانسحاب من مسارح العمليات.
¤ معاداة البرهان للاسلاميين تكاد تفوق معاداة ياسر عرمان لهم.. لسنا في حاجه لايراد افعال اللجنة – سيئة الذكر – (ازالة التمكين).. وكما لا تخلو خطابات البرهان من توجيه انتقادات قاسية او اتهامات لهم.. سبق وان اطلق تصريحات خطيرة للغاية.. اتهمهم بالسعي لبث الفتنة بين المكونات العسكرية، واستمالة بعض أطرافها ومن السعي للقيام بانقلابات تستهدف إفشال الفترة الانتقالية.
¤ المدهش ان البرهان وفي لقاء تلفزيوني، قال (وصلتنا رسائل مباشرة من أعضاء بالمؤتمر الوطني، وتنظيمات سابقة تابعة له.. تتضمن تهديدات بزعزعة استقرار الفترة الانتقالية.. وتتضمن تلك التهديدات بالترويج لانقلابات وسط القوات المسلحة، والتشكيك في وحدتها).. وإزاء ذلك توعدهم.. يا لقوة العين.
¤ دعوني انعش الذاكرة. قليلًا.. كشف البرهان عن اتفاق تم بينه ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك على إجازة قانون لجرائم المعلوماتية.. صمم خصيصا للاسلاميين.. قال ان الهدف مواجهة خطط وإشاعات أفراد النظام (السابق) – الكلمة بين المزدوجتين من عندي – البرهان قال (المعزول).. على السوشيال ميديا أو الصحافة.. بصراحة ان الاسلاميين مطالبين بالاعتذار لعقار.
¤ قد يقول القحاتة ان البرهان اتاح للاسلاميين ان يتفسوا الصعداء بعد اجراءات (25 اكتوبر)، بل مكنهم.. لكنه اقدم على ذلك ليس حباً فيهم وانما في اطار سياسة المراحل، (يقطع بيهم فرقة).. وعاد بعدها وحل مرة اخرى النقابات المنتخبة.. وادار لهم ظهره.
¤ كل تقديرات البرهان وقراراته إزاء الاسلاميين تؤكد انه يرى فيهم المهدد الحقيقي لحكمه.. لكن الان اختلطت عليه الاوراق، لم يتوقع ان ياتيه الغدر من حليفه المتمرد حميدتي.. ومما اربك حساباته وعقدها، اكثر انه تفاجأ قبل اعلانه الاستنفار ان الاسلاميين حملوا ارواحهم على اكفهم وبلغوا الوحدات العسكرية.. ووضعوا خبراتهم القتالية تحت تصرف الجيش .. ولذلك استغرق امر استيعابهم وقتا حتى ميز البرهان بين ان الاسلاميين جن ام انس.
¤ ما لا يعلمه الكثيرون ان المحاولتين الانقلابيتين.. الاولى بقيادة رئيس الاركان حينها الفريق اول هاشم عبد المطلب (يوليو 2019).. والثانية والتي اكتملت بنجاح بقيادة اللواء عبد الباقي بكراوي (سبتمبر 2021).. كانتا ضد مليشيا الدعم السريع وقائدها المتمرد حميدتي.. ولم يكن ضمن خطه الجنرالين اعتقال او اغتيال البرهان وقادة الجيش.. ولذلك تم لاحقا تبرئتهما وكل المشاركين في العمليتين.
¤ كان البرهان يرى ان حميدتي عبئا عليه والاسلاميين اعداء له.. الان بعد انكسار عظم الدعم السريع ازدادت خطورة الاسلاميين على البرهان.. ولذلك طبيعي ان يغازل قحت مرة اخرى عبر سطور خطاب عقار.. ان كل ما اوردناه خاص بوساوس البرهان، او انه يعتقد ان الواجب يحتم عليه ان (لا يرفع عن) الاسلاميين، ولا يعتبرهم مثل (فراشات) جميلة كما في حدائق (بانكوك).. وان يتعامل معهم على طريقة تعامل الجيش (الجزائري) مع اخوان الشيخ/ عباس مدني.
¤ ليس القصد من زاوية اليوم تحذير الاسلاميين من البرهان.. بقدر ما التاكيد انه ليس نصيراً لهم ولا حليف مستقبلي مناسب.. ولا ان يتوهموا انه قريبا من قيادتهم .. لكن مما لا شك فيه ان الوقوف الى جانبه بصفته قائد عام الجيش، واجب تمليه الوطنية.. قبل الشهامة والرجولة ضد البغاة الخونة حتى النصر.
¤ ومهما يكن من امر ان العدو الحقيقي للاسلامين هم انفسهم لا البرهان.. غربت شمسهم بسبب الصراعات فيما بينهم ولا يزالوا غارقين فيها.. ولذلك يستحق عقار ان ترفع له القبعات على النصائح الغالية التي اسداها لهم.