د. إبراهيم الصديق
(1)
ثلاث علامات مهمة تشير إلى أن ثمة فرص لإحداث تحول كبير فيما جرى ويجرى في بلادنا ، ولإن العالم مترابط المصالح والاجندة ، فإن من المهم إقتناص الفرص ، والتعامل بعقل مفتوح مع ما يجري في المنطقة..
واول هذه المؤشرات هو ما حدث صبيحة 7 اكتوبر 2023م ، على حدود غزة بفلسطين ، وهو هزة كبرى في المنطقة ، وإنشغال كبير للقوى الدولية والمنظمات ودول الاقليم ، ومعلوم دور اسرائيل في احداث السودان ، من امداد مليشيا الدعم السريع بالسلاح وبالتقنيات الإتصالية المتطورة والإسناد الخارجي ، والاستراتيجية الاسرائيلية القائمة على شد أطراف المنطقة واشعال الحريق في العمق الاستراتيجي مشغولة الآن بالحريق تحت اقدامها وفي مستوطناتها ، وهذا شريان ضخم انقطع الآن..
وثاني المؤشرات ، فإن هذا الحدث اصبح الاجندة الرئيسة في السياسة الدولية والمنابر الأممية ، وبالتالى لم يعد ذات الاهتمام الدولي والضغوط على حكومة السودان بذات الوتيرة ، والقوى والمؤسسات الاستخبارية مهمومة بما جرى في الشرق الأدني ، وقد شغل ذلك – أيضا – العناوين الاخبارية وقنوات التلفزة والاهتمام الاعلامي ، ولعل زيارة وفد مفوضية الاتحاد الأفريقي إلى بورتسودان والجلوس مع القوي السياسية والوطنية والمدنية هو انعكاس لذلك وخوف من دوران عجلة التوافق الوطني دون لمساتهم ، وهذا يكشف جانب آخر في الحرب وهو (ظاهرة التضخيم الإعلامي) والتركيز على التفاصيل الصغيرة ، وتوظيف مسرح الاحداث لصالح جماعات اللوبيات أو (الشلة) ، لقد ذبل الغرس وخمد الحضور.. لم يعد لى قحت ومجموعاتهم سوى طنين في اذن فيل..
وثالث المؤشرات ، توسع الوعي المجتمعي في مسرح الإمداد البشري للمليشيا ، سواء في دول الجوار ، أو تأثير قيادات اهلية ومجتمعية ضد التحشيد ، أو غياب الدافع والهدف مع كلفة الأمر وحجم الخسائر ، أو غياب الرؤية وقيادة الدعم السريع ، وربما كل هذه الأسباب مجتمعية ذات تاثير بنسبة مختلفة..
(2)
من الضرورى ان تتطور خطط القيادة السياسية والعسكرية للتعامل مع معطيات المشهد الجديد ، بسرعة وبفاعلية لفرض الأمر الواقع ، وقبل ان تتداخل متغيرات جديدة ، وأول اختراق مطلوب ، تطويق بقايا ارتكازات المليشيا بالخرطوم من خلال توسيع دائرة الانتشار والاستفادة من سعة المستنفرين ، بما يساعد على خطوط امداد وتامين وتقدم واسعة ، خاصة أن الدعم السريع فقد الكثير من الاليات والعربات التى تميزه بكثافة النيران وسرعة الإلتفاف ، ويضاف على ذلك الضغط عسكريا على خطوط الإمداد من الغرب وتعزيز وتسليح في منطقة غرب وشمال كردفان وتامين الطريق من كوستي وحتى الأبيض ، ومحاصرة طرق شمال شمال كردفان..
ويضاف لذلك ، إعادة ترتيب الحكومة التنفيذية وحكومات الولايات ، لمهمتين ، توفير خدمات للمواطنين وتوظيف الموارد لذلك ، وتقوية الإحاطة الأمنية بلعب دور أكثر إيجابية ومبادرة لمواجهة المظاهر السالبة ومن بينها الدعم الخفي والمستتر للمليشيا ، من قوى وعناصر ذات اجندة جلية..
(3)
غاب الهدف العسكري المركزي للمليشيا ، واصبحت تحركاتها وفق (حد المستطاع) ، من استهداف نقاط ارتكازات طرفية أو محاولة كسر طوق أمني أو تخفيف الضغط على قوة محاصرة ، ومع فقدان العناصر ذات التدريب القتالي المهني ، فإن هجماتهم الآن تستهدف اثبات حضور في الميدان أو فرقعة إعلامية تلفت الإنتباه ولإحداث زعزعة في الثقة وترويع المناطق الآمنة ، وفي المقابل فإن الجيش لديه فرص تعويض اكبر بالعتاد وبالرجال وبالامداد وصف وطنى داعم ومساند ، فهذه المعادلة فرصة جيدة لتهشيم بقية نقاط تحكم المليشيا..